بالرغم من أني – لحظة كتابة المقال – في لبنان ضمن وفد السيدات السعوديات بدعوة من القنصلية اللبنانية في جدة، وهو موضوع جدير بالكتابة لكن بعد انتهاء الزيارة، لأن المرحلة المهمة من الزيارة يوم الاثنين 25 شعبان – الا أن ما أجده على مواقع التواصل من بعض أبناء العروبة حول رؤيتهم لداعش والإخوان، وصور المجازر التي ارتكبتها الجماعتان الارهابيتان تحتل تفكيري منذ أحداث العراق بدمويتها وهمجيتها وحجم العنف الذي مورس فيها. جماعات الاسلام السياسي رسخت الأحداث الدموية في عالمنا العربي، فلم نعد نتألم، بل أقصى ما نفعله، هو الانغماس في مشاغلنا، وترك الخلق للخالق، أو أن مشاهد المجازر تصل راسخة في عقلك تجتث كل اللحظات الجميلة ، وتعكر عليك صفو الحياة. كُتب على العرب ألا يهنأوا بفرحة. كتب عليهم أن تكون أرضهم تربة خصبة لنمو الجماعات المتطرفة فترسخ جذورها في وعي المواطن المسلم الذي يقع في شرك الغواية عندما تلتف عليه إحدى تلك الجماعات كنبات شيطاني، فلا يجدي في حالات كثيرة عملية الاجتثاث، لأن بذورها المسمومة مبثوثة في التربة، أو ان هناك من يحرص على بقائها ونمائها. سمع العالم ورأى تهديد بشار الأسد للشعب السوري في بداية الثورة السورية ( أنا أو الإرهاب) وعندما تأكد فشله في إخماد الثورة دفع بالجماعات الإرهابية لتقاتل الجيش الحر ومقاتلي المعارضة، واستورد " داعش " من جاره في العراق " المالكي " ليضعف المقاومة السورية، ثم انقلبت جماعة " داعش " على المالكي، واجتاحت مدن العراق، وقتلت الجنود والمواطنين بدم بارد.. كأن من يَقتل باسم الاسلام، لا يدرك أنه يقتل نفساً حرم الله قتلها الا بالحق، كيف لا يرى المدافعون هذا التناقض السافر بين القول والفعل، فإذا كان المتكلم مجنوناً فبالضرورة أن المستمع عاقل، حتى لو اعطوا تنظيماتهم هذه الصيغة الإسلامية، فالممارسة هي التي تحدد القبول أو الرفض، التعاطف أو المقاومة! ما تقترفه داعش هو نفس السلوك الإجرامي البغيض الذي مارسه الاخوان في رابعة وكرداسة وفي كل العمليات الارهابية التي ذهب ضحيتها الأبرياء على أرض مصر، لكن الغريب أن تجد أعدادا كبيرة من المتعاطفين مع داعش والاخوان، دون أن يرف لهم جفن. لا تعرف كيف يلوون عنق الحقائق لتتسق مع قناعتهم، وكأن القتل والارهاب الذي تمارسه هذه الجماعات الارهابية هوالحق، وأن من يناهضهم ويندد بأفعالهم الاجرامية على باطل، حتى وهم يشاهدون القتل والدمار، ويستمعون الى قصص اغتيال الأبرياء وانتهاك أعراض العفيفات، الا أن عيونهم لا ترى وكأن العمى غشاها. هل ما تفعله داعش، ثورة على الظلم كما يدعون؟ أم هي انتفاضة عشائر ضد حكم المالكي الطائفي؟ إذا كان هذا نضالاً تحررياً فلماذا يتم قتل المواطن العراقي بتلك الوحشية؟ نفس الحالة أصابت أولئك القوم بعد الثورة المصرية الأخيرة، اعتبروا أن جماعة الاخوان الارهابية أصحاب الحق أو الشرعية كما يرددون حتى أن الرئيس المخلوع مرسي اقتنع بفكرة شرعيته، وأحقيته في كرسي الرئاسة حتى داخل المحكمة، ومن غياهب السجن يصيح قائلا : ( أنا الرئيس الشرعي ) مسكين عايش في الوهم. في سوريا، نسفت " داعش " نضال الشعب السوري الحر ضد بشار الأسد، فأنت لا تعلم هي في أي صف تقف، ولا في أي اتجاه تصوب رصاصتها، لكننا نعلم أن الرصاصة أصابت قلب المقاومة الحرة، ومع ذلك هناك من ينظر اليها نظرة عطف، ويدافع عن أهدافها؟ اتفق العرب على ألا يتفقوا، حتى على ما لايحتاج خلافاً ولا اختلافاً، لكنها صبغة العقل العربي، الذي يريد أن يغطي الشمس بغربال! 11 عاماً من الأحداث منذ الغزو العراقي دمرت العراق، التفجيرات، السلب ونهب الآثار نسف حضارة العراق العظيمة، والغزو الأمريكي الذي أضعف الجيش العراقي اضافة الى حربين أنهكتا العالم العربي، لكن الحكم الطائفي بعد الغزو الأمريكي للعراق ذهب بما بقي من أمل في نهضة هذا البلد المنهك، والجماعات المسلحة التي نشأت في أعقاب الغزو ضد الوجود الأمريكي في العراق اصبحت تأكل بعضها وتقتل الشعب العراقي، كتائب ثورة العشرين، جيش أنصار السنة، جيش الراشدين، التوحيد والجهاد وأبو مصعب الزرقاوي الذي بايع أسامة بن لادن في 2004، أبو عمر البغدادي، أبو بكر البغدادي، وأخيراً داعش في ظل حكم المالكي الذي يدعي كذباً وزوراً أن السعودية هي من تدعم داعش. يدعون أن داعش تدعم انتفاضة القبائل ضد حكم المالكي الطائفي، فلو كان هذا حقا لماذا يقتل الشعب العراقي بكل هذه الوحشية؟ كل عام وأنتم بخير ورمضان كريم [email protected]