قال نائب الرئيس العراقي الدكتور طارق الهاشمي إن العراق مرشح لثورة شعبية مماثلة للثورات التي شهدها عدد من الدول العربية؛ بسبب الظلم والاستبداد والفساد وسوء الإدارة، مشيرا إلى أن موارد بلاده تتعرض إلى عملية نهب منظمة ومنهجي لم يسبق لها مثيل. وشبه في حوار مع «المدينة» في جدة، إصدار الحكم الرابع عليه بالإعدام، بالأحكام التي تصدرها إسرائيل بحق المقاومين الفلسطينيين عندما كانت تصدر أحكامًا عديدة بالإعدام أو بالسجن 400 أو 500 سنة. وأتهم الهاشمي إيران وحكومة نوري المالكي، بقتل شقيقته وشقيقيه. * إلى أين يتجه العراق ؟ - العراق في وضع صعب، فالعمل السياسي معطل والجهاز الحكومي مشلول. العراقيون ينتظرون حلا عاجلا لهذا الوضع. ما فاقم الوضع بالتأكيد هو النفوذ الإيراني في العراق الذي جرح السيادة الوطنية العراقية. العراق على مفترق طرق وكل الاحتمالات واردة، وبالتالي نحن في حقيقة الأمر ننتظر حلًا سياسيًا وفق الدستور قبل أن تفلت الأمور من زمام السيطرة وبالتالي يتعرض البلد إلى المجهول. ثورة عراقية * شهدت بلدان عربية ثورات شعبية أطاحت بزعمائها. هل العراق مرشح لثورة شعبية ؟ - الثورات التي شهدها عدد من الدول العربية بشمال أفريقيا واليمن وبسوريا، لها مبررات، وهذه المبررات موجودة اليوم بالعراق. هناك ظلم واستبداد وفساد وسوء إدارة، كما أن هناك نقصًا بالخدمات الأساسية التي تتعلق بالحياة اليومية للمواطن العراقي. المبررات السابق ذكرها دفعت شعوب الدول العربية بشمال أفريقيا للانتفاضة على أنظمتها. نتمنى أن يكون التغيير بالعراق في إطار الدستور لسبب أن لدينا اليوم دستور لا بأس به، ويمكن أن يعدل، لكن على الأقل يشكل قاعدة قانونية لتأسيس دولة مدنية. من جانب آخر لدينا مجلس نيابي منتخب لدينا حكومة منتخبة هذه المؤسسات يمكن أن تشكل البناء التحتي لحكومة مدنية راشدة. إلا أن الإشكالية في الممارسة حقيقة، وهذه الممارسة تتعلق باستبداد رئيس الوزراء نوري المالكي، وتوظيف الصلاحيات التي منحها الدستور بطريقة خاطئة، حيث عمل من خلاله على شق الشعب العراقي على أساس مذهبي، وأشاع الظلم، وقام بحماية كبار المرتشين والفسدة في الجهاز الحكومي، وأساء إدارة الموارد الضخمة التي توفرت بالميزانية العراقية خلال السنوات الماضية والتي تجاوزت 500 مليار دولار على سبيل المثال. كل هذه الظواهر تستدعي التغيير والخيارات الموجودة أمامنا اليوم إما أن يجد في تغيير إطار الدستور وهذا ممكن، أو أن الإصلاح يتأخر. الشعب العراقي أو الوضع العراقي اليوم مهيأ للتغيير. فالتغيير الذي سيحصل في سوريا سيكون مصدر إلهام لملايين العراقيين المحبطين واليائسين والغاضبين على طريق إدارة الدولة العراقية. هؤلاء سيصنعون التغيير وإن تأخر التغيير في إطار الدستور والعملية السياسية الجارية حاليًا. * بخصوص صفقة الأسلحة الأخيرة التي أبرمها نوري المالكي مع روسيا. ما حاجة العراق للسلاح، خاصة وأنه ليس مهددًا من الخارج ؟ - العراق ليس مهددًا، بل هو مصدر التهديد الرئيسي بعد أن أنهى مهمته في الداخل، اليوم يمارس نفوذه خلف إيران التي هي مصدر التهديد التاريخي للعراق. لكن طهران تمكنت من بغداد اليوم وبالتالي ليس هناك أي تهديد من دولة أخرى من دول الجوار. المالكي أثناء زيارته إلى روسيا لتوقيع عقد الصفقة صرح للصحافة الروسية بمنتهى الصراحة، أن الأسلحة المعنية مطلوبة لعمليات صحراوية وعمليات جبلية، فهو يقصد العرب السنة بالمناطق الصحراوية، والكرد بالمناطق الجبلية. إذا الأسلحة مطلوبة لرأس العرب السنة ولرأس الأكراد. * هل من الممكن أن تمرر هذه الأسلحة إلى سوريا ؟ - الأسلحة بالتأكيد ليست مطلوبة للدفاع عن العراق؛ لأنه ليس مهددا من دول الجوار، إذا هي مطلوبة للداخل، وعندما أقول مطلوبة للداخل مطلوبة لتكريس سلطة الاستبداد لنوري المالكي، ولإلحاق المزيد من الأذى للأكراد والعرب السنة. المسألة الثالثة قد تسرب الأسلحة إلى سوريا لدعم نظام بشار الأسد لقتل المزيد من السوريين الأبرياء. وقد حصل ذلك في صفقة الأسلحة الصربية، وهناك عقد وقع عام 2004 إلى اليوم لا نعلم إلى أين انتهت هذه الأسلحة التي جهزت من قبل صربيا، وسربت إلى المليشيات وخارج الحدود رغم أن العقد وقع مع وزارة الدفاع العراقية. نحن أيضًا لدينا قلق ولدينا مخاوف في أن تأول هذه الأسلحة بمفرداتها إلى دعم النظام السوري. الطائرات الإيرانية * العراق أعلن مؤخرا عن إيقاف طائرات إيرانية متجهة إلى سوريا وأخضعتها للتفتيش، فيما الجانب الإيراني أدان التصرف العراقي، هل تفتيش الطائرات فعلي أم مجرد تمثيلية ؟ - العراق اليوم معزول عربيا وإسلاميا، فلو قارنا العراق مع دول الجوار، ليس له علاقة جيدة إلا مع طهران، أما العلاقة مع الدول العربية والإسلامية متوترة، بسبب أن حكومة نوري المالكي لا تملك المصداقية، وعلى هذا الأساس أرد على السؤال الذي تفضلت به أن كل الذي يقال هو ذر رماد في العيون. وبحسب المعلومات التي تصلني أن سيل الدعم لنظام الأسد الجوي والبري ما زال قائمًا حتى اللحظة والأسباب سياسية ودينية. السياسية أن إيران تدعم حكومة المالكي، والدينية لأن كثيرًا من السياسيين بحكومة نوري المالكي مرجعيتهم الدينية في إيران، لذلك الحكومة العراقية لا تستطيع أن ترفض أي طلب يأتي من طهران، وإيران داعمة لنظام الأسد ومن تحصيل حاصل أن حكومة نوري المالكي موالية لإيران ولابد أن تنسجم مع هذه السياسية. * العراق من الدول المصدرة للنفط، وشعبه يرزح تحت خط الفقر ويعاني نقصًا بالخدمات الأساسية. أين تذهب أموال النفط؟ - اسأل عن الشفافية أو اسأل عن القضايا المعروضة إلى الهيئة العامة للنزاهة واقرأ تقارير الشفافية التي تصدرها الأممالمتحدة، ستجد الجواب واضحًا. موارد العراق تتعرض إلى عملية نهب منظمة ومنهجية لم يسبق لها مثيل. أحكام الإعدام * حكم عليكم للمرة الرابعة بالإعدام. كيف ستتعاملون مع هذه الأحكام ؟ - أنا استغرب ما قيمة الحكم الثاني والثالث والرابع يكفي أن الإنسان يحكم عليه مرة واحدة بالإعدام وينتهي الموضوع، لكن ربما تكرار الأحكام نستعيد من خلاله الذاكرة للأحكام التي كانت تصدرها إسرائيل بحق المقاومين الفلسطينيين عندما كانت تصدر أحكام عديدة بالإعدام أو يصدر حكم بالسجن 400 أو 500 سنة، فيبدو أن طريقة التقاضي الإسرائيلية أصبحت مرجعية إلى حكومة نوري المالكي ولا يكفيه حكم الإعدام، هذا الاتهام يكفي أن يؤذيني سياسيًا ويكفي حكم الإعدام الواحد. المهم أنا أجد أن الأحكام لا قيمة لها، لكن القيمة المهمة التي ربما حصلت خلال الأيام الماضية هو عندما اعترض السفير الأمريكي في العراق وسأله أحد الصحفيين عن أشرطة فيديو وأدلة قالت حكومة نوري المالكي إن السفارة الأمريكية قدمتها إليهم حول تورط الهاشمي بأعمال عنف وأعمال مخالفة للقانون، حيث أجاب السفير الأمريكي أن لا حقيقة لكل الادعاءات وأن الإدارة الأمريكية لم تقدم أي معلومات وليس لديها أي معلومات أو أدلة عن تورط الهاشمي أو حمايته في أعمال إرهابية، هذا التصريح حقيقة الأمر يعتبر تطورًا نوعيًا في موقع الإدارة الأمريكية من كل هذه الاتهامات الباطلة التي وجهت فيه والتي وجهت لحمايته بدون وجه حق. وأنا أناشد الإدارة الأمريكية إذا كانت فعلًا تتطلع إلى الشفافية بالتقاضي بالعراق أن تكشف المستور؛ لأنها كانت معنية بمراقبة الأمن في العراق، خاصة بالمنطقة الخضراء بل كانت معنية بمراقبة السبعة الكبار في الدولة العراقية وأنا منهم ولديها أرشيف كامل عن تحركاتنا واتصالاتنا. وعلى الإدارة الأمريكية أن تكشف للرأي العام في الداخل وفي الخارج حقيقة الأمر ومن كان يقتل الشعب العراقي. * قبل توليكم منصب نائب رئيس الجمهورية بأسبوعين قُتلت شقيقتكم، ولاحقا قتل شقيقاك، من تتهم في قتلهم ؟ - اتهم إيران وحكومة نوري المالكي. كنت بالسابق أحاول أن أبقي الملف مفتوحًا رغم أن الحكومة قيدت هذا الملف ضد مجهول، لكن الهجوم الذي حصل على أخي وهو فريق بالجيش كان من خلال قوات نظامية تتكلم اللغة الفارسية. كما أنه ثبت لدي أن هناك فريق اغتيالات قريب إلى حكومة نوري المالكي وهو مكلف بالاغتيالات والجرائم والتي قيل إنها غامضة، حيث إن المالكي يعلم بها علم اليقين.