تتعرض بعض المزارع في منطقة عسير إلى «هجوم شرس» من القرود والطيور، فيما اضطر المزارعون، من أجل حماية مزارعهم، إلى وضع «الحامي»، وهو عبارة عن عصي تركز وسط المزرعة، وملبسة بثوب، وعلى رأسه غطاء للرأس يُسمّى «الطفشة» تمويهًا للطيور أو القرود إلى المكان المستهدف، والذي توجد به الطيور دون أن تحدث أذى في أكواز الذرة، فتبتعد الطيور عنها. ولا تلبث الطيور أن تعاود الكرّة، ويبقى الحامي في سباق مع الزمن لطردها من خلال إخافتها بهيئته التي تشبه الإنسان، وبحركة ملابسه بتأثير الرياح، إلاّ أن بعض الموسرين اليوم يستأجرون عاملاً للمزرعة لحمايتها من الطيور التي تلحق أضرارًا بالمزروعات.. فيما يضع البعض حبالاً تعلق بها علب المشروبات الفارغة ويربطونها بأسلاك، وتترك بينها مسافات لتحدث أصواتًا بعد تعليقها، لكنها وإن أدّت دورًا لا بأس به، فإنها لا تعمل عمل أدوات الطرد القديمة. ويُذكر أن الحامي الوهمي، أول من أنشأه المصريون القدماء، وأطلقوا عليه اسم «المآتة»، ويعني «خيال الزراعة»، أو «خيال الحقل» باللغة المصرية القديمة، وقد ذكره مؤرخو الحملة الفرنسية، ونقله الإغريق عن المصريين، وانتشر بعد ذلك في كافة المجتمعات الزراعية حول العالم، حيث يُسمّى ب»الفزّاعة» في كثير من بلاد العرب، أمّا في العراق فيُسمّى ب»خرّاعة الخضرة»، وفي لبنان وسورية وفلسطين تنتشر الفزَّاعة في كروم العنب والتفاح والزيتون، ويسمّيها البعض هناك «خيال صحرا»، فينصب المزارع خشبتين متصالبتين، قد يُلبسهما أو لا يُلبسهما ثوبًا أو قماشًا، لثلاثة أغراض على الأقل، هي زيادة شبه الفزَّاعة للإنسان، وتعظيم حجم الفزَّاعة، وتزويدها عناصر متحركة تهزها الريح، كل ذلك لإيهام الطير بوجود بشر. وإذا كانت تلك الفزَّاعة تحولت من وظيفتها، لتصبح تذكارًا جميلاً من زمن ولَّى، فإنها لم تختف من التقاليد. وفي العالم اليوم، تقام مئات المهرجانات والمسابقات، لعرض أجمل الفزَّاعات وأطرفها، ولعل أشهر تلك المهرجانات ما يقام في ريف بريطانيا سنويًّا.