استمد البيت المديني ملامحه من بيئة المدينةالمنورة تلك العلاقة الحميمة بينه وبين قاطنية وارتبط ذلك بالفترة التي قضاها الإنسان في هذا المسكن وما يصحبها من ذكريات وسنين لا تنسى، وتتفاوت المحبة للمسكن بتفاوت تفاصيله وتناغمها مع ما يعايشه من جماليات، ومنذ القدم وإنسان هذه الأرض المباركة يتفنن بسرد التفاصيل المرتبطة بالمكان ليعيد بالذاكرة كيف كانت جدران المساكن والتي كانت تصنع في الماضي من القش والطين والأسقف المصنوعة من جذوع النخل وجريده ويزداد الترابط في منظومة مصطلح (الحارة) والذي يجسد واقع الترابط الاجتماعي الذي كان بين سكانها. من وحي الطبيعة ومع انتشار مهنة النجارة قديما بالمدينة انتشر بين ممتهنيها صناعة الأبواب الخشبية والنوافذ والرواشين التي تميزت بالزخارف والتفنن في اكتسابها الطابع المديني الذي ميزها بالشكل والجودة كما يتم تصنيع القطع الخشبية التي تستخدم كمقابض للأدوات الزراعية وأنواع مختلفة من الأثاث الخشبي مما شجع الكثير للعمل في مهنة البناء. خصوصيات المصور الفوتوغرافي خالد قاسم يسرد لنا كيف كان تجمع الأسرة الواحدة داخل البيت المديني في الماضي بتعدد الغرف وتنوع مسمياتها ودور ذلك في الغاء العزلة إلاجتماعية التي يعيشها البعض داخل البيت الواحد في وقتنا الحاضر بين أفراد الأسرة الواحدة هم في مسكن واحد ولكن تفصل بينهم جدران وأبواب ومتاريس وأصبح لكل فرد في الأسرة خصوصيات في أشياء كثيرة ومن ذلك أثاث الغرفة ونوعية الغذاء ومواعيده على عكس ما كان في بيت الماضي الأمر الذي أفقد الأسرة نعمة قضاء أجمل الأوقات في البيت والجلسة على مائدة الطعام في وقت واحد، وأشار إلى حرص كل مهتم بفن التصوير الفوتوغرافي إلى التقاط صور بيت المدينة بجميع تفاصيله من ابواب وشبابيك ورواشين واثاث لتناغمها وروعتها وجمالها. حنين للماضي رغم كل المتغيرات التي يشهدها واقع التطور في بناء المساكن الحديثة الا أن الحنين للماضي يدخل فجأة ويغير كل شيء لأن بقايا رائحة بيت الطين عندما تغسله الأمطار في الذاكرة كذلك هو الحال بالنسبة لبيوت الشعر التي ينصبها الكثيرون في مبانيهم الفارهة، مؤكدين أن للأصالة طعما ومعنى وهذا ما يذكرنا به المهندس فريد الميمني فيقول: إن النظام القديم كان فيه شيء من الخصوصية كذلك ما يوفره من نظام أمني لكل أفراد الحارة في حالة دخول غريب عنها في أي وقت كذلك ما يوفره من الحياة الاجتماعية للصغير قبل الكبير حيث يستطيع الطفل اللعب في داخل (الحوش) في الحارة وأمام منزله وفي حدود معروفة مع رفاقه من أبناء الجيران دون خطورة عليه. بيت المدينة الفنان التشكيلي أحمد البار نائب رئيس فرع جمعية (جفست) للفنون التشكيلية بالمدينة طالب المعماريين بوضع تصاميم تعيد بريق الحارة وتألفها في صورة مخطط عمراني مماثل لما كان في الماضي حتى التنظيم الداخلي لمداخل الحارة يمكن أن يكتسب نوعًا من التصميم التقليدي الذي ساد في الماضي كذلك الإنارة من خلال الفوانيس وكل ذلك ممكن مع مراعاة المواصفات والمقاييس النظامية التي تتناسب مع التطوير والتحديث وتطابقه جملة لا تفصيلًا ويبقى الحنين للحارة بترابط بيوت المدينة هي اللوحة الصادقة التي تحرك مشاعر الفنان كأنها تؤكد حميمية الإحساس بالجار والسؤال الدائم عنه وعن أحواله والتي كانت في الماضي واختفت في هذه الأيام. وجه مشرق يشع وجه المدينة المشرق ويأخذنا المشهد لإبراز صورة من واقع بيوت طيبة في الماضي على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فهو بحق واجهة في الوجدان يضاف إلى ما تمتلكه سيدة الدنيا من إرث إسلامي وحضاري على مر العصور والأزمان ناهيك عن روحانية المكان كانت منازل طيبة من الخارج أشبه بلوحة للتراث المعماري الإسلامي بدءا من باب المنزل المصنوع من الحديد أو الخشب ذي النقوش الجميلة الذي يتقدمه الشيش ذو الثقوب المتعددة.