جدران المدينة .. هكذا هو اسم المعرض الشخصي السادس للتشكيلي سعيد العلاوي والذي افتتح مساء يوم أمس بصالة (تراث الصحراء ) في مدينة الخبر على الساحل الشرقي من المملكة العربية السعودية المعرض تنظمه لجنة الفنون التشكيلية بفرع ثقافة الدمام . وجدران المدينة التاريخية ( جدة ) عروس البحر الأحمر هي عبارة عن صفحات من الزمن تحمل بين طياتها قيم جمالية وثقافة أجيال تعاقبت على هذا المكان وسكنت بين حنايا جدران المدينة وتركت لنا إرثا جميلا تحكي روايات وحكايات تلك الأبواب العتيقة والرواشين الشامخة التي طغى عليها الطابع الهندسي القديم ويصيغها التشكيلي سعيد العلاوي برؤية معاصرة كاسرا كل القيود التي يرى أنها تقيّد حرية التعبير لديه. يقول الفنان إبراهيم يوسف بن عمرعن أعمال العلاوي: في رحلة البحث و التجريب الفنية لدى التشكيلي سعيد العلاوي تدخل قوانين ومناظير الهندسة المدنية المعمارية الشعبية في بيوت ومساجد وشوارع وساحات وبراحات وممرات وازقات مدينة العلاوي. فتراه يعبر في جدران وابوب ونوافذ ورواشين البيوت ومنارآت ومآذن المساجد بالوانه الزاهية الممزوجة بملامس ومنمنمات زخرفية وحفريات التجصيص المقصوص وموتيفات وايقونات وموروثات البناء الشعبية. وحين تتأمل لوحات التشيكيلي العلاوي تتخيل انك تجلس على كرسي في طائرة مقبلة على مطار تلك المدينة متجهة نحو مدرج الهبوط فترى كل المدينة وقد اصبحت في منظور هندسي تناسقي يحاكي مع الوان الطيف الزاهية في تناغم وانسجام مشاهدات مختلفة من كل اجزاء جدران بيوت وشوارع وازقات وقباب ومآذن حارات جدة القديمة ( الشام -المظلوم – اليمن -البحر- البنقلة سوق قابل- وسوق العلوي – باب مكة – باب شريف- سوق الندى والخاسكية ...الخ.) باطوالها وارتفاعاتها المختلفة مكسوة باللون الابيض الزاهي المصنوع من النورة البلدية. ومن الملاحظ من خلال هذه التجاريب ان العلاوي مازال يحمل هم مدينته القديمة جدة كما لو كان هو (المعلم خليل عليمي) الذي اشرف على بنائها حيث بنا جدرانها من الحجارة ( المنقبية ) او (المشاط) و(الخلطة البحرية) و(البلاط البحري) في ارضية بيوتها واستخدم (الخشب الجاوي )و( اعمدة الدوم) و(القندل) و(العرر) في اسقف بيوتها وخشب (الساج الهندي والجاوي )في صنع ابوابه الثقيلة ونوافذ ورواشين بيوتها والوان (النورة البلدية) البيضاء في طلاء الجدران الاسمنتية وذلك من خلال استخداماته للمعاجين والخيش والكنفس والوان الاكرلك ومواد اخرى ليكون في تماذج جميل مع ملامس وموتيفات وايقونات الموروثات الهندسية الشعبية لؤلئك المعلمين الشعبيين الذين بنوا هذه المدينة. يمتلك التشكيلي سعيد القدرة على الابتكار وتجريب التقنيات التشكيلية كما ان ليس هناك فضاء فارغ في مدينة العلاوي او فضاء غير قابل للامتلاء ولوحاته تحمل كما من المشاعر والاحاسيس المكانية من خلال ذاكرته البصرية ومعايشته اليومية لهذه الاماكن بجذورها الواقعية وابعادها الحلمية وفضاءاتها السرابية وممارسة التجريف والمضايفة لطبوغرافية المدينة في عيون التشكيلي سعيد العلاوي جدة غير فكانت قبل ايام في مدينة الطائف (لون ومكان) واليوم في الخبر ( جدران المدينة)