العقل من أعظم نِعَم الله على الإنسان التي لا نستطيع إدراك حقيقتها أو كنهها وإنّما نعرفها بما دلّ عليها من أفعال وتصرّفات يتضح من خلالها كمال عقل الشخص أو نقصه أو رجاحته أو طيشه . والعقل هو الطاقة الإدراكية وهو مبدأ كمال الإنسان ونهاية شرفه وفضله على الكائنات. وحينما يتسلَّل الخللُ إليه فتصيبه الخِفَّةُ والطَّيشُ ويلوّثه الاضطرابُ في الرأيِ والفكرِ والأخلاق فذلك هو السَّفَهُ بعينه. وقد عُرفت صور السفه قديما .. ونراها اليوم في كثيرين حولنا ، فهذا خفيفُ اللُّبِّ، وذاك لديه خللٌ في تفكيره، وثالث خلله في لسانه، وآخر خلله في قلمه، وخامس سفهه في أخلاقه. ومن كثرتهم واتساع الميادين التي يتزايدون فيها أصبحوا يطلّون علينا من كل نافذة ومنبر يتطفَّلُون على كلِّ علم ويتكلَّمون في كل شيءٍ، وينصِِّبون أنفسهم أندادا لذوي العلمِ والاختِصاصِ. والسَّفيهُ عالةٌ على مجتمعه وعلى أهله إن رشدوا لأنه لا يعرفُ متى يتكلَّم ولا متى ينبغي أن يسكُت. فيحرجهم ويربكهم وسَّفيهُ الأخلاقِ دواؤُه السكوتُ وتجاهله بلا جوابٍ. فهذا أشدُّ عليه من الجوابِ قال الشافعيُّ: إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوتُ فإن كلّمته فرّجت عنه و إن خلّيته كمدا يموتُ وكارثة السَّفَه أنه آفة تصيب الإنسانَ في أمور دينه ودنياه. أمّا في دينه فقد يتطاول على الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم أو يسخر بشيءٍ من أمور الدين. كما نقرأ عن الكثيرين في مواقع (الانترنت) و(( Twitter و facebook)) وغيرها .. يخوضون سفها في قضايا وأمور لا يفقهون فيها شيئا ويتجرّؤون على الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم تحت وهم حرية الفكر . ولأن هؤلاء في المجتمع.. ويؤثّرون ويتأثّرون فلابد أن نتعلّم كيف نتعامل مع مثل هذه الأمور.. ونكون أكثر وعيا في تلمَّسُ مواقعَ الخللِ فنشكُر الصالح ونُكرّمه، ونسعى في إصلاح المُتعثِّر ونُقوِّمه. ونهتم بالقضاء على السَّفَه. والحرص على تربية العقل تربية صحيحة رشيدة. فلا خيرَ في عقلٍ إذا العلمُ غائبٌ ولا خيرَ في علمٍ يكونُ بلا عقلِ فلا بُدَّ من علمٍ وعقلٍ كلاهُما يصُدَّان عنَّا ذا السَّفاهَةِ والجهلِ [email protected]