عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:»اِضمَنُوا لي سِتًّا أَضمَنْ لَكُمُ الجَنَّةَ :اُصدُقُوا إِذَا حَدَّثتُم، وَأَوفُوا إِذَا وَعَدتُم ، وَأدُّوا إِذَا ائتُمِنتُم، وَاحفَظُوا فُرُوجَكُم، وغُضُّوا أَبصَارَكُم، وكُفُّوا أَيدِيَكُم»رواه أحمد. هذا الحديث اشتمل على وصايا عديدة، مضى الحديث عن بعضها، وفي هذا المقام أتناول في هذه الوصية غض البصر، التي أمر الله بها في قوله: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)، والغض عن المحارم يوجب حلاوة الإيمان، ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، ومن أطلق لحظاته دامت حسراته. ووجوب غض البصر خوف الفتنة في حق الرجال والنساء جميعًا بلا فرق بينهما. ولغض البصر فوائد، منها: تخليص القلب من ألم الحسرة، فإن من أطلق نظره دامت حسرته. ومنها أنه يورث القلب نوراً وإشراقاً يظهر في العين وفي الوجه. ومنها أنه يخلص القلب من أسر الشهوة. وقد سئل الجنيد بما يستعان على غض البصر، قال: بعلمك أن نظر الله إليك أسبق من نظرك إلى ما تنظره. وقد قيل: الصبر على غض البصر، أيسر من الصبر على ألم ما بعده. وكان الإمام أحمد ينشد: إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما يخفى عليه يغيب وفي الحديث الصحيح»العينان زناهما النظر»يعني أن الرجل إذا نظر إلى امرأة ولو لغير شهوة وهي ليست من محارمه فهذا نوع من الزنا وهو زنا العين. فلنراقب الله في أبصارنا ولا نطلقها لأن تنظر إلى ما حرم الله عليها، وتعظم الفتنة في ظل الانفتاح الذي نعيشه على وسائل الإعلام المتنوعة بما تتعاظم معه مسؤولية المؤمن في غض بصره، ومن أطلق لبصره العنان فلا يأمن على نفسه من العثار، بحيث يعرض نفسه لغضب الجبار.