والفرج أمانة ويجب صونه وحفظه من الحرام، فمن صفات المؤمنين (والذين هم لفروجهم حافظون) وبالنسبة للفم والفرج سئل النبي (صلى الله عليه وسلم) ما أكثر ما يدخل الجنة؟ قال : (التقوى وحسن الخلق) وسئل : ما أكثر ما يدخل النار؟ قال : (الاجوفان الفم والفرج). والوجه أمانة فلا تهدر ماءه ، ولا تكن ذا وجهين، وقد حذر من ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حيث قال : (لا ينبغي لذي الوجهين ان يكون امينا) كما قال عليه الصلاة والسلام (تجدون شر الناس يوم القيامة ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه) فهذا ديدن المنافقين (مذبذبين بين ذلك لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء). الخطورة في تضييع الامانة وعدم حفظها ان ذلك سبب في التردي في أودية جهنم ابد الابدين، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها الا الأمانة، ثم قال يؤتي بالعبد يوم القيامة وان قتل في سبيل الله فيقال أد أمانتك فيقول اي رب كيف وقد ذهبت الدنيا قال فيقال انطلقوا به الى الهاوية فينطلق به الى الهاوية وتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت اليه فيعرفها فيهوي في اثرها حتى يدركها فيحملها على منكبيه حتى اذا نظر ظن انه خارج زلت عن منكبيه فهو يهوي في اثرها ابد الآبدين ثم قال الصلاة أمانة والوضوء أمانة والوزن أمانة والكيل أمانة وأشياء عدها وأشد ذلك الودائع قال فأتيت البراء بن عازب فقلت الا ترى الى ما قال ابن مسعود قال كذا قال صدق اما سمعت الله يقول (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها). أيها الأحبة : نحن المؤتمنون على هذا الكون فإن فرطتنا لا قدر الله تضيع الأمانة والأمة والناس أجمعين. فعن ابي بردة عن ابيه قال : رفع يعني النبي (صلى الله عليه وسلم) رأسه الى السماء وكان كثيراً ما يرفع رأسه الى السماء. فقال : (النجوم امنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت انا أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب اصحابي اتى أمتي ما يوعدون). وقد أتى الأمة المسلمة ما توعد بعد أن ضيعت الأمانة. وهذا ما بينه النبي (صلى الله عليه وسلم) عندما سأله اعرابي فقال: متى الساعة؟ قال : (اذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة) . قال : كيف اضاعتها؟ قال : (اذا وسد الأمر الى غير أهله فانتظر الساعة). ما الحل؟ لننتبه جيدا الى هذا الحديث الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (كيف بكم وبزمان يوشك أن يأتي يغربل الناس فيه غربلة وتبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم واماناتهم فاختلفوا وكانوا هكذا (وشبك بين أصابعه قالوا : كيف بنا يا رسول الله اذا كان ذلك؟ قال تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون وتقبلون على خاصتكم وتذرون أمر عوامكم). إذا كان الأمر كذلك فلابد من الحرص على أربعة أمور بينها حبيبنا (صلى الله عليه وسلم) بقوله: (أربع اذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة وصدق حديث وحسن خليفة وعفة طعمة). فعلينا حفظ أمانتنا ليضمن لنا النبي (صلى الله عليه وسلم) الجنة لقوله: (اضمنوا لي ستا من أنفسكم اضمن لكم الجنة: اصدقوا اذا حدثتم، وأوفوا اذا وعدتم، وادوا اذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم). والحذر الحذر من الخيانة، وتضييع الأمانة (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون). لئلا نكون من المنافقين الذين وصفهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقوله: (آية المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد أخلف اذا اؤتمن خان). وجاء من حديث ابي ذر قال : قلت : يارسول الله ألا تستعملني؟ قال : فضرب بيده على منكبي ثم قال: (يا أبا ذر إنك ضعيف وانها أمانة وانها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) والله من وراء القصد.