عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اِضمَنُوا لي سِتًّا أَضمَنْ لَكُمُ الجَنَّةَ: اُصدُقُوا إِذَا حَدَّثتُم، وَأَوفُوا إِذَا وَعَدتُم، وَأدُّوا إِذَا ائتُمِنتُم، وَاحفَظُوا فُرُوجَكُم، وغُضُّوا أَبصَارَكُم، وكُفُّوا أَيدِيَكُم» رواه أحمد. هذا الحديث اشتمل على وصايا عديدة، مضى الحديث عن الوصية بالصدق، ووفاء الوعد، وفي هذا المقام أتناول الوصية الثالثة، وهي أداء الأمانة، التي قال الله فيها: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) . وفي الحديث» أدِّ الأمانة إلى مَن ائتمنك، ولا تَخُن مَن خانك»، وهو يَعمُّ جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عزَّ وجلَّ على عباده من الصلاة والزكاة والصيام والكفارات والنذور وغير ذلك مِمَّا هو مؤتَمَن عليه لا يطَّلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض، كالودائع وغير ذلك مِمَّا يأتَمنون به، فأمر الله عزَّ وجلَّ بأدائها، فمَن لَم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة. ومظاهر التفريط في أداء الأمانة كثيرة متنوعة، ومنها ما يتعلق بتفريط بعض الموظفين في أداء أمانة العمل الذي اؤتمنوا على أداءه، فيجب على كلِّ موظف أن يشغلَ الوقت المخصَّص للعمل في العمل، فلا يشتغل فيه بأمور أخرى لا علاقة لها به. فكما أنَّ الإنسان يرغب في أخذ أجره كاملًا، فعليه ألا يبخسَ شيئًا من وقت العمل. وما نشهده من تفريط الكثير في أداء هذا الحق إما بالتطفيف في الوقت، أو التشاغل بإنجاز مصالح شخصية له في أثناء دوامه أو جعل الوظيفة سُلّمًا لتحقيق المآرب الشخصية إلا دليلٌ على استحكام الغفلة على قلوبهم. أسأل الله عزَّ وجلَّ أن يوفِّق كلَّ موظف وعامل من المسلمين إلى أداء عمله على الوجه الذي يُرضيه، ويعود عليه بالثواب والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة.