توقعت إحدى كبرى شركات الاستثمار في السوق السعودية أن يحقق سوق الأسهم السعودية المزيد من المكاسب خلال هذا العام، وقدرت أن مؤشر السوق سينهي هذا العام عند مستوى 8,050 نقطة. وأوضحت شركة جدوى للاستثمار في تقرير لدائرة الدراسات الاقتصادية أن حالة التفاؤل السائدة توحي بأن سوق الأسهم السعودي سينهي العام عند مستوى يفوق كثيرًا مستوى توقعاتها السابقة، إلا انها فضلت الالتزام الحذر فيما يتعلق بالتطورات للفترة المتبقية من العام. ولا تزال السوق تبدو معقولة فيما يتعلق بقيمة أسهمها، ولا يزال مؤشر سوق الأسهم السعودية دون مستوى إغلاقه في اليوم الذي سبق انهيار بنك ليمان براذرز خلافًا للكثير من الأسواق رغم قوة الأداء الاقتصادي للمملكة خلال الفترة التي أعقبت الانهيار. لكن جدوى دعت للتريث في ضوء وتيرة المكاسب التي تحققت حتى الآن هذا العام، خاصة بالنظر إلى الارتفاع الحاد في أحجام التداول وتركيزه على القطاعات الصغيرة وعلى أسهم معينة. ومن شأن تدفق الاستثمارات إلى عدد أكبر من الأسهم وتوزعها بصورة أكثر انسجامًا أن يضمن المزيد من الثقة في استمرارية انتعاش السوق. وتوقعت جدوى أن تنمو أرباح الشركات المدرجة في السوق بنحو 14 في المائة خلال عام 2012، وتوقعت ايضا في تقريرها أن يسجل قطاع الاستثمار الصناعي أعلى معدلات النمو في الأرباح نتيجة لتشغيل مجمع الفوسفات التابع لشركة معادن للمرة الأولى لفترة عام كامل. كذلك توقعت أن يؤدي انتعاش أسواق الأسهم وقوة الاقتصاد المحلي إلى ارتفاع أرباح شركات قطاع الاستثمار المتعدد، رغم احتمال انعكاس ذلك سلفًا على الأسعار. وتعتقد جدوى أن قطاعي البتروكيماويات والبنوك يوفران أفضل الفرص، على الرغم من أن معظم المكاسب حتى الآن جاءت من القطاعات الأصغر حيث أدت المضاربة إلى رفع قيمها إلى مستويات لا تبررها المعطيات الأساسية، بينما جاءت الارتفاعات في قطاعي البنوك والبتروكيماويات صغيرة، لذا لا تزال قيمة أسهمها جيدة ومغرية. وتوفر البنوك أفضل فرصة للاستفادة من إمكانيات الاقتصاد السعودي بينما تعتبر شركات البتروكيماويات من بين الأقوى في العالم. إضافة لذلك، فإن هذين القطاعين مرشحان للاستفادة من انتقال دورة التدفقات الاستثمارية نحو الشركات الأكبر ولاستهدافهما من قِبل المستثمرين الأجانب في حال فتح السوق. وقال التقرير الذي صدر امس أن هذا الارتفاع جاء لسبب بسيط هو استعادة المستثمرين الثقة في السوق. وكان انهيار عام 2006 الذي أدى إلى هبوط مؤشر سوق الأسهم السعودية «تاسي» من مستوى 21,000 إلى أقل من 8,000 نقطة، ثم الأزمة المالية العالمية التي هبطت بتاسي إلى مستوى 4,000 نقطة قد أديا إلى زعزعة ثقة المستثمرين بصورة كبيرة. ورغم أن تاسي قد سجل بعض الارتفاع خلال السنوات الأخيرة إلا أن حماس المستثمرين كان متدنيًا؛ مما أدى لتراجع أحجام التداول اليومية إلى نحو العشر مقارنة بأعلى مستوياتها. واضاف انه بالمقابل، جاء الارتفاع الحالي وسط أحجام تداولات ضخمة في إشارة صريحة إلى عودة المستثمرين إلى السوق بصورة جادة. وقد بلغت قيمة أحجام التداول ذروتها عند مستوى 21,6 مليار ريال في 19 مارس، مسجلة أعلى مستوى لها منذ مارس 2007، وظلت فوق مستوى 10 مليار ريال في كافة أيام التداول منذ 19 فبراير، في حين لم يتجاوز المتوسط اليومي لقيمة التداول عام 2011 مستوى 4,4 مليار ريال بل ولم يتعد 3 مليارات ريال عام 2010. علاوة على ذلك، فقد عاد عدد كبير من حسابات الوساطة الخاملة إلى النشاط. ويوضح التقرير انه ونتيجة لتدنى أسعار الفائدة لدى البنوك انحصرت الفرص المتاحة للمستثمرين المحليين في أسواق الأسهم والعقار والأراضي. وقد حظي قطاع الأراضي بمعظم الاستثمارات خلال السنوات الأخيرة في ظل الإحباط من أداء سوق الأسهم والنقص الكبير في قطاع المساكن. وقد أدى إحساس المستثمرين حوالي نهاية العام بان أسعار الأراضي قد ارتفعت بأكثر مما ينبغي وأنها ربما تشرع في الانخفاض إلى انتقال جزء من السيولة من الأراضي إلى سوق الأسهم. وفاقم القلق حيال أسعار الأراضي وارتفاع تاسي من زخم تعديل المستثمرين لمحافظهم الاستثمارية.ويكشف التقرير أن البنوك السعودية عادت إلى نظام الإقراض على الهامش الذي يتيح للمستثمرين الاقتراض بافتراض ارتفاع الأسعار مستقبلًا والذي كان أحد العوامل التي أججت السوق عامي 2004 و2005. وتطالب البنوك حاليًا بضمانات أكثر (تفوق كثيرًا المتطلبات النظامية). وتعكس الزيادة في الإقراض على الهامش تزايد ثقة البنوك في سوق الأسهم وتلقي الضوء على حاجتها إلى توظيف الفوائض الضخمة في ميزانياتها. وحول توقعات السماح بفتح السوق مباشرة للمستثمرين الأجانب وتأثيرها على سوق الأسهم السعودية قال التقرير: أشارت الجهة المشرفة على السوق (هيئة السوق المالية) إلى احتمال فتحه أمام المستثمرين الأجانب مباشرة خلال هذا العام، وقد جرى اتخاذ العديد من الخطوات التنظيمية التي تدعم هذا التوجه. وتعتبر المملكة سوقًا مهمة تحوي أسهمًا يسعى كثير من المستثمرين الأجانب لامتلاكها، والذين يبدو أنهم قد استبقوا القرار كما تشير مشترياتهم خلال فبراير التي بلغت نحو 2,6 مليار ريال مقابل متوسط شهري بلغ 1,1 مليار ريال عام 2011. وهناك من المستثمرين من يتوقع تدفقًا فوريًا للاستثمارات الأجنبية بمجرد فتح السوق، إلا أن ذلك ربما يخالف الواقع.وقال تقرير جدوى أن البيانات الأخيرة للاقتصاد السعودي تشير إلى قوة الاقتصاد غير النفطي الذي سجل خلال عام 2011 أعلى معدل نمو له على مدى 30 عامًا، وتشير بيانات يناير وفبراير إلى المحافظة على نفس الزخم هذا العام. أيضًا، يدل الإعلان عن إنشاء مشروعات جديدة على تزايد الإنفاق الحكومي مستفيدًا من تعاظم الإيرادات بفضل ارتفاع أسعار النفط وزيادة حجم إنتاجه. اضافة إلى تراجع حدة الاضطرابات السياسية في المنطقة على الرغم من انها لا تزال غير مستقرة تمامًا في بعض الدول، لكن (والحديث لتقرير جدوى) يبدو أن النزاعات في بعض الدول قد انحصرت ضمن حدودها.