في منتصف شهر ربيع الآخر انتقل إلى رحمة الله تعالى جوهرة قلبي ووردة حياتي وبسمة عمري ابني الرضيع «مروان» بعد أن أتم خمسة أشهر، وبعد أن أضاء منزلنا العامر بجماله وبسمته، كنت أمني النفس بالمستقبل المشرق، وأنسى برؤيته هموم الدنيا ومشاكلها وأحزانها، فرح الجميع به «إخوانه ووالداه وأجداده»، لكن لله ما أعطى ولله ما أخذ، ولا اعتراض على حكمه جلت قدرته، و»إنّا على فراقك يا مروان لمحزونون»، فجأة بدأ في البكاء ثم أيام وانتقل إلى رحمة الله تعالى بعد أن جلس بيننا خمسة أشهر كان ضيفًا خفيفًا، زائرًا جميلاً، قمرا مضيئا، لم يدم طويلا، أصابته بكتيريا شديدة، كيف أتت ولماذا لم تُكتشف؟ إنها الأسباب من مُقدِّر الأقدار.. آهٍ يا بني ماذا أقول لك؟ كيف أبكيك وأنت روحي؟ سامحني، كيف أتتني القوة أن أغسلك بنفسي، ولم أسمح لأحد أن يرش الماء على جسدك، والطيب والسدر، آهٍ يا بني كفّنتك وعيني تدمع، وأنا أنظر إليك وأقبّلك وأقول همسًا: موعدنا الجنة إن شاء الله، أي بني ما أطيبك، أدخلتك المسجد في يوم الاثنين 12/4/1433ه وأخذت عيني تراقبك وبعد أن صلّوا عليك أرادت الأيادي أن تتخطفك لتكسب الأجر، فجزاهم الله خيرًا، ومن يدٍ إلى يد حتى وصلتَ إلى يدي، ضممتك إلى صدري فأحسست براحة في قلبي، ضممتك وودعتك للمرة الأخيرة في هذه الدنيا، آهٍ على آه يا بني، كيف وضعتك في قبرك؟ لقد أزلتُ بيدي الحجارة والحصى، ووضعتك في قبرك على سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، آه يا بني وضعتك بالقبر ووضعوا التراب عليك واختفى جسدك الطاهر عن عيني، أحسست بالحزن يخترق صدري، أتى المعزّون يقولون: عظم الله أجرك، أحسست وفهمت معنى الكلمة، وقع تفسيرها في قلبي، فشعرت بمعناها لتريحني من ألم الفراق والحزن، قالوا: شفيع، قلت: أكيد إن شاء الله، هذا ابني شمعة حياتي، الفرح تحوّل إلى حزن، وأمك أخذت في البكاء، كيف لا تحزن وهي قد فقدت فلذة كبدها؟ آه يا بني، لقد تركتنا للأحزان، ماذا أقول لك؟ كيف حصل ما حصل؟ والله لو البكاء يرد غاليًا لأبكيك يا مروان على طول الأيام، وداعًا إلى يوم لقياك في دار البقاء، وصبرًا أم مروان، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وكل نفس ذائقة الموت، وهي آجال يُقدّرها الله الحي القيوم الذي لا يموت، وما أقول إلا ما يرضي ربنا: (إنا لله وإنا إليه راجعون). محمد لويفي الجهني - أملج