أوضح الدكتور حميّد سمير الأستاذ بجامعة أم القرى أن المفكر المغربي طه عبدالرحمن انطلق في مشروعه النقدي للحداثة الغربية من مسلمة أساسية وهي أن النموذج الغربي الحداثي ليس صوابًا كله، وليس خيرًا مطلقًا، ففيه من الآفات والقيم السلبية ما جعل بعض الأصوات من الغرب ترتفع جهرًا لتجريمه لعلاته المعنوية والخلقية التي ألحقت الأذى بالإنسان وجعلته في حالة من (الفردانية المطلقة). جاء ذلك في سياق المحاضرة التي قدمها يوم أمس الأول بنادي مكة الثقافي الأدبي تحت عنوان «مشروع الحداثة الإسلامية.. عند المفكّر الإسلامي طه عبدالرحمن».. حيث استهل المحاضرة بالوقوف أمام تعريف توافقي للحداثة مبينًا أنها تمثّل حقبة تاريخية متواصلة، ابتدأت في أقطار الغرب ثم عمّت أقطار المعمورة.. مشيرًا إلى أن هدف الحداثة الأساس كان تحرير العقل، الذي كانت الكنيسة عائقًا دونه. منتقلاً من ثم لبيان رؤية موقف المفكر المغربي طه عبدالرحمن من الحداثة، مبينًا أنه بنى مشروعه النقدي على رؤيتين: نقدية، وإصلاحية عرض في الرؤية النقدية للآفات والقيم السلبية التي لحقت بالنموذج الغربي.. أما في الرؤية الإصلاحية فقد اقترح حلولاً وبدائل، من شأنها أن تعدّل النموذج وتصلحه، كما أنه ميّز في مشروعه الحداثي البديل بين روح الحداثة المتمثلة في مبدأ الرشد والنقد، والشمول، وواقعها المتمثل في التطبيق الغربي لهذه الروح. وقد شهدت المحاضرة العديد من المداخلات التي أجمع أغلب المعقبين والمعقبات فيها على عيوب الحداثة الغربية، وعلى ضرورة تقويمها إذا أردنا أن نتعامل معها كما فعل المفكر طه عبدالرحمن، فيما رفض بعض المعلقين الحداثة جملة وتفصيلاً.