أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    مباحثات دفاعية سعودية - أميركية    ضبط 5 مخالفين قطعوا مسيجات ودخلوا محمية دون ترخيص    وزير الطاقة يشهد توقيع جامعة الملك فهد 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم مع جهات حكومية وشركات    وزير الخارجية يترأس الاجتماع الوزاري العربي الموسع بشأن سورية    «هيئة هلال نجران» تتلقى 12963 بلاغاً خلال عام 2024    صالون ملتقى الأدباء ينظم أمسية شعرية على مسرح مانقروف بجدة    مركز القلب بمستشفى الملك فهد الجامعي يحقق إنجازًا في علاج أمراض القلب والرئة المعقدة    بيدري: الكلاسيكو يمنحنا الحماس لتحقيق اللقب    أمير الرياض يستقبل سفير كينيا المعين حديثًا لدى المملكة    أمانة الشرقية تطبق حلولًا مستدامة في مشاريع الطرق    البريك تعزي عضو الجمعية العمومية الشباج في وفاة زوجها    استولوا على أكثر من 2.8 مليون ريال.. شرطة منطقة مكة تقبض على محتالي سبائك الذهب المزيّف    وزير الخارجية: استمرار العقوبات سيعرقل طموحات الشعب السوري    أمير الرياض ونائبه يعزي وزير السياحة في وفاة شقيقته    برعاية الملك.. انطلاق "مؤتمر الحج 2025" في جدة.. غداً    بعد عاصمة ولاية الجزيرة.. الجيش السوداني يسيطر على مجمع «الرواد»    أمير الشرقية يطّلع على التقرير السنوي للهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين    المراعي تحقق نجاحاً في تطبيق حلول (SAP) لدعم التوسع الاستراتيجي    استشهاد وفقدان قرابة 5000 فلسطيني شمال قطاع غزة    ميل جيبسون يفجّر مفاجأة: مؤامرة وراء حرائق لوس أنجليس!    «الصحة العالمية»: تسجيل أكثر من 14 ألف حالة إصابة مؤكدة بجدري القرود في أفريقيا    زلزال بقوة 4.8 درجة يضرب وسط إثيوبيا    تجربة استثنائية لمشاهدة أسرار مكة والمدينة في مهرجان الخرج الأول للتمور والقهوة السعودية    مركز الملك سلمان للإغاثة يحصد 5 جوائز دولية خلال عام 2024    المياه الوطنية تشرع في تنفيذ حزمة مشاريع لتطوير الخدمات البيئية بجدة ب42 مليون ريال    وزراء خارجية جمهورية العراق وتركيا يصلون إلى الرياض    جدل بين النساء والرجال والسبب.. نجاح الزوجة مالياً يغضب الأزواج    5 طرق لضبط مخاطر مرض السكري    10 مليارات لتفعيل الحوافز المعيارية للصناعيين    أمير القصيم يشكر المجلي على تقرير الاستعراض الطوعي المحلي لمدينة بريدة    نجوم لبنان يتنفّسون الصعداء ويحتفلون بانتخاب الرئيس    برامج لذوي الإعاقة    شرطة للنظافة في «الدار البيضاء»    الزعيم العالمي خماسية وصدارة.. الفيحاء يفرمل العميد.. السكري يسدد فاتورة الكأس    ولي العهد يهنئ عون ويدعوه لزيارة المملكة    يعود تاريخ صنعها إلى أكثر من 60 عامًا.. السيارات القديمة تثري فعاليات مهرجان «حرفة»    «مجيد».. ليلة من تفرد الغناء    ثنائية نوال ورابح صقر.. الطرب في أعماق جدة    الهوية ودورة الحياة للمكون البصري    من بلاغة سورة الكهف    «الصخر الشاهد» .. رفع الوعي بالثروات الطبيعية    الرياض تستضيف الاجتماع الدولي للوزراء المعنيين بشؤون التعدين    «جوجل» تتيح إنشاء بودكاست شخصي    في ختام الجولة ال 16 من دوري" يلو".. الطائي يستضيف أبها.. والعين يواجه الفيصلي    وصول الطائرة الإغاثية التاسعة مطار دمشق.. مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية للمناطق السورية    30 يومًا لهوية مقيم للخروج النهائي    منع مرور الشاحنات من طريق السيل الكبير    «الغذاء والدواء»: احذروا «ببروني»    فصيلة دم «o» أقل عرضة لأمراض القلب    جوارديولا: ووكر طلب الرحيل عن مانشستر سيتي    هل أشرقت شمس النصر الجديد؟    ماتياس والرئيس    نائب أمير حائل يستقبل رئيس "مُحكم لتعليم القرآن"    الديوان الملكي: وفاة والدة صاحبة السمو الملكي الأميرة فهده بنت فهد بن خالد بن ناصر بن عبدالعزيز آل سعود    «اسلم وسلّم».. توعية سائقي الدرّاجات    للمملكة أهداف أنبل وغايات أكبر    القائد الذي ألهمنا وأعاد لنا الثقة بأنفسنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل غابت أصول الحوار ؟
نشر في المدينة يوم 20 - 01 - 2012

خلقنا الله جل وعلا على درجات متفاوتة في العقول، وبالتالي على مستويات من الفهوم، ومن ثم نختلف في درجات العلوم، فنحتاج حينها لحوار بين طرف وآخر ليفهم كل واحد منهما الآخر، والحوار موجود في القرآن الكريم بين الله تعالى وخلقه، وبين المرسلين ومن أُرسلوا إليهم، كما هو في السنة حيث الحوار بين نبينا عليه الصلاة والسلام وقومه، وكل هذا يعطينا دروسا في أهمية الحوار وأصوله.
ولا يخفى على أحد أن الحوار المجرد عن أصوله وآدابه لن يتحقق به الهدف، ولو استقرأنا واقع البيئة الثقافية الحوارية في مجتمعنا، لأدركنا أن أغلب الحوارات لا تؤتي أكلها لأنها تنقلب إلى جدل عقيم، وتستحيل سببا في التشرذم والتفرّق بدل التفاهم والتآلف.
وأول أصول الحوار تحديد هدفه كدليل على الجدية والبحث عن الحقيقة، وبدونه يضيع الوقت وتفتعل الخصومات، وتتوسع دائرة الخلاف بدل تضييقها، ولذلك يشترط علماء الأصول قبل بحث أي مسألة مختلف فيها تحرير محل النزاع، لأنه في كثير من الأحيان يشرق هذا ويغرب ذاك لأنهما يتكلمان عن قضيتين مختلفتين، ولو حرر محل النزاع لتبين أن الطرفين متفقان، والتحرير يعصم من تشعب المسائل، وتشتت الأفكار، ويساعد على كشف المراوغين، فبعض المحاورين يلجأ إلى الهرب والمراوغة إذا وجد أن الطرف الآخر أظهر عليه الحجة، فتجده يفر من نقطة إلى أخرى، بل ربما إلى موضوع آخر ولما يكتمل الموضوع الأول، أو ربما حاد عن الموضوع الأساس وتعلق بمسائل جانبية، والهدف من الحوار هو إحقاق الحق، أو إبطال الباطل، أو إزالة شبهة، أو البحث عن حل لمشكلة، أو تصحيح لمفاهيم مغلوطة ونحو ذلك.
وثاني أصول الحوار أن يكون المحاور عالما بالمسألة التي يحاور فيها قادرا على النظر والموازنة والترجيح بين الأدلة المختلفة، قادرا على الاستنباط، لذلك ذم الله الذين يجادلون بغير علم فقال تعالى: «ومن الناس مَن يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير»، وقد قال الإمام مالك - رحمه الله -: «كل يؤخذ من كلامه ويرد إلاّ صاحب هذا القبر»، فكل راد ومردود عليه، ولا أحد يحتج بقوله، وإنما يحتج لقوله، وفرق كبير بين كلام هو حجة بذاته، وبين كلام هو حجة بغيره، وهذا الخطأ المنهجي في الاستدلال هو ما يقع فيه كثير من متفقهة الزمان، فيرى أن هذه المسألة هي الحق لأنه قال بها فلان، ولذا قالوا: يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال.
وفي أمثاله ينطبق قول الخليل بن أحمد - رحمه الله -:
لو كنتَ تعلم ما أقول عذرتني *** أو كنتَ تعلم ما تقول عذلتكا
لكن جهلتَ مقالتي فعذلتني *** وعلمتُ أنك جاهلٌ فعذرتكا
وثالث أصول الحوار حسن الفهم، حيث تفشل كثير من الحوارات بسبب سوء الفهم، فلا يصلان إلى نتيجة، والسبب أن كل واحد منهما أو أحدهما لم يفهم مراد الآخر ومستنده من الأدلة والبراهين، وقيل:
وكم من عائب قولا صحيحا *** وآفته من الفهم السقيم
وقيل:
إذا ما لم يكن لك حسن فهم *** أسأت إجابة وأسأت فهما
وهناك عدة أسباب لسوء الفهم منها قلة العلم، أو عدم الموضوعية في النقل والاقتباس، أو بخلفيات فكرية، أو عدم فهم الألفاظ، أو عدم المباشرة في التحاور، وربما كان مرد سوء الفهم بسبب سوء الظن في الآخر، بحيث يتجاوز معنى كلامه الإيجابي إلى معنىً آخر سلبي غير مراد وذلك لعدم إحسان الظن فيه، وكما قيل:
هم نقلوا عني الذي لم آفة به *** وما آفة الأخبار إلاّ رواتها
ورابع أصول الحوار وجوب تحديد أصل يرجع إليه عند الاختلاف والتنازع، قال تعالى: «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول».
وخامس أصول الحوار وجوب التفريق بين القطعيات والظنيات، وبين الثوابت والمتغيرات، وبين المجمع عليها في الحقيقة وبين الاجتهاديات.
وجميع هذه الأصول الخمسة عند تحققها لن يتحقق مقصودها إذا لم تتحقق آداب الحوار فيها، بحيث يحترم كل طرف الآخر ويعدل معه.
والحوارات اليوم تنتشر في الفضائيات والإنترنت، وخصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك، بحيث تجد الكثير من السجالات التي تجاوزت الأصول والآداب، مع أن أي حوار مثمر للطرفين لا بد من وجود الإخلاص والأمانة، وليس الإشراك والخيانة، ولذا فلا نجد إلا القليل من الحوارات المفيدة، وذلك بسبب طغيان الشبهات والشهوات والهوى، وهذا يكشف لنا عن واقع بيئة متأزمة لغياب روح الحوار بين الكثير من الناس، فتجد الواحد منا لا بد أن يتخندق في تيار أو مظلة أو طيف معين من أجل أن يأمن من الاعتداء في الحوار، ولكن نعزي أنفسنا بأن ما نعيشه من حالة تأزم فكري يعود لسبب غياب الحوار العلني العام خلال العقود الماضية، ولكن نتمنى ألا تطول هذه الأعراض لأجل أن نصل إلى توافقات فكرية لما يحقق صالح الجميع في الدنيا والآخرة.
twitter.com/IssaAlghaith
facebook.com/IssaAlghaith
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.