ظهرت الحاجة للعاملين في المجال الإعلامي بأعداد كبيرة، نتيجة انتشار وسائل الاتصال الحديثة، وبرامج متنوعة يغصّ بها الإعلام المسموع والمرئي والمقروء، الرسمي منه والخاص، الهادف منه والممجوج. ونتيجة لذلك، اتجه كثير من الشباب إلى سدّ ذلك النقص، يدفع بعضهم شغفهم بالإعلام، وانبهارهم بالأضواء، وعدم توافر وظائف أخرى، فمنهم من امتهن التحرير الصحفي، وإعداد البرامج والتقارير، وتَصدّى بعضهم لتقديم برامج تتطلب حسّا إعلاميا راقياً، وأسلوباً جذاباً، كما انبرى آخرون لتقديم نشرات أخبار يومية، تتطلب مهارة لغوية عالية، وطريقة أداء لافتة، يفتقدها كثيرون. ولاشك أن في الساحة موهوبين متميّزين، وإعلاميين متمرّسين مُلتزمين، يستحقون التقدير والتشجيع، لكن واقع الحال يَحكي معاناة الوسط الإعلامي الحديث، من قصور مخجل في كفاءات بعض العاملين، وضعف ثقافتهم العامة، وركاكة أسلوب حوارهم، وجهلهم بقواعد اللغة العربية والنطق السليم، كما تشدّق بعضهم بمفردات عامية سمجة، بأسلوب لايخلو أحيانا من «الغُنج»، واستهتر آخرون بالتحضير الجيّد لمواد ولقاءات يتم اعدادها مثل «سلْق البيض». أما بعض القنوات، فقد خصصت جُلّ وقتها للإهداءات، والسلامات، والمعايدات، وسباق الأغاني، وتفسير الأحلام، والفوازير، والإعلانات، وأخبار النجوم، والرياضة، وأولت اهتمامها خَطْب ودّ رؤوس الأموال، لاستمرار تواصل الدعم المالي واللوجستي. ونتيجةً لهذا التنافس المحموم، اُبتلي الوسط الإعلامي ببعض مُدّعي الثقافة، وأنصاف المتعلّمين، المهووسين بحب الظهور والشهرة، وبعض الوصوليين، وأصحاب الشخصيات المضطربة، الذين لا يتمتعون بمستويات مهنية أو سلوكية رفيعة، ولا رصيد معتبر من دراسة أو تمرّس على أيادي أساتذة إعلاميين، في ظل غياب مرجعيات ثقافية لألقاب إعلامية عتيدة، كثُر حولها المُتطفّلون. في رأيي أن حال الإعلام هذه الأيام، لايختلف عن حال بعض المجالات المهنية الأخرى، التي كثر فيها الغث والسمين، وازدهرت فيها تجارة المحسوبية والانتهازية، وتجاوزتها بعض التشريعات التنظيمية، والمرجعيات المهنية، فقد امتلأ بمن رسمت لهم وسائل الإعلام الحديثة، صورا أكبر من أحجامهم الحقيقية، وبعضهم لا يفرّق بين حرف «الذال» و حرف «الزاي»، وبين «إِعلام» و «أَعلام» !!.