مع انتشار وسائل الإعلام بشتى أنواعها، وانبهار كثير من الشباب بأضواء الإعلام الجديد، التي باتت تُسلَّط على العزيز والوضيع، والغثّ والسّمين، برزت على السّطح مجموعة من الأفراد، اشتغلوا بوظائف إعلامية مُتاحة لكلّ من هبّ ودبّ، فأطلقوا على أنفسهم لقب "إعلامي" و "إعلامية"، بغضّ النظر عن مستوى ثقافتهم، أو مرجعيتهم الأكاديمية، أو خبرتهم العَمَليّة، ودون أن تمنحهم هذه الألقاب، جهاتٌ إعلامية أو أكاديمية مُعتبرة، نظير دراستهم العِلْمية، أو إنتاجهم الصُّحفي أو الإذاعي أو التلفزيوني المتميّز، المعتمد على أُسس يعرفها أهل الاختصاص، مما جعل الإعلام في حق بعضهم، وظيفة من لا وظيفة له، ومهنةً مِزاجية دون معايير واضحة. هناك شبابٌ أثبتوا تميّزهم في عالم الإعلام الجديد، والتزموا بأخلاقيات مِهنتهم، وزاولوها بحِرَفية عالية، وسلوكيات رشيدة، لكن كثيرا من "الإعلاميّين الجُدد"، يُفرطون في حماسهم من غير اطلاع، ويَنفلِتُون دون انضباط، تدفعهم فورة الشباب، وتأثّرهم بقضايا شائكة، ومتغيّرات سريعة، في مجتمعات تربّى أفرادها على قيود صورة نَمَطية للإعلام الرّسمي، مما دفع بعض "الإعلاميّين الُجدُد" إلى الإساءة لأنفسهم بالتطاول على بعض رموز الإعلام التقليدي، والتجرُّؤ على ضيوفهم بقلة احترام وسوء تقدير، و استمرائهم التندّر والفكاهة والسماجة، و "السواليف" الفارغة التي لا يخلو بعضها من "الغُنْج"، في بعض إذاعات ال "إف إم"، إضافة إلى تنافس بعضهم بطرق غير شريفة، ومستويات أخلاقية منخفضة، قد تتضمن ابتزازا ومضايقات وإساءات لفظية، وأساليب أساسها التعالي والميوعة السلوكية، نتيجة اضطراب في تربية وشخصيات بعضهم. من الضروري - في رأيي - دراسة "الإعلاميّين الجُدد" لتاريخ الإعلام التقليدي، واحترام رموزه، وتقدير أعمالهم والاستفادة من خبراتهم وأخطائهم، وتحرّي نشر المعلومة الصحيحة من زوايا مختلفة، بعيدا عن الإساءة إلى الآخرين أو استعدائهم، وتعلّم أبجديات المهنة، وطرق إعداد المواد الصُّحفية دون صَخب مُفتعَل، ودون إقحام أنفسهم أطرافا في القضايا التي يناقشونها، يتّهمون هذا، ويتهكّمون على ذاك، فضلا عن ضرورة الالتزام بأصول الإلقاء واللفظ السليمين، وفنّ إدارة الحوار، بعيدًا عن الاستفزاز، أو استعمال إشارات الأيادي والأصابع، أو السُّخف ومحاولات الاستظراف، والبعد عن التّعالي والغرور، أو التعرّض المُفرط للأضواء، تجنّبا للاحتراق السريع !!. [email protected] [email protected]