قال الضَمِير المُتَكَلّم : قبل سنوات كنت عضواً، بل مُشرفاً ضمن لِجَان ( اختبارات القياس والقدرات)، وكنت أقبض منها بعض المكافآت ، ويومها كنت شاهداً من داخل الدار على صورٍ مأساوية ، مسرحها مقرات تلك الاختبارات التي انتهت قبل أيام : طلابٌ فقراء مساكين ربما لا تملك أسرهم قيمة لقمة العيش أو الإيجار ومع ذلك تُجْبَر صاغرة على دفع رسوم امتحانات لا ذنب لهم فيها ( الآن يقولون هناك مساعدة للمحتاجين لكن ذلك يتمّ بعد إجراءات مضنية ) !! مشهدٌ ثانٍ طلاب يأتون وقد تخلفوا عن موعد الاختبار، أو لم يسجلوا في الموعد المحدد ، وحينها تُفرض عليهم ضريبة نقدية ( الآن عبر صَرّافات البنوك ) ، وكان بعضهم يقسم والدمع يُغْرِق عينيه أنه لا يملك مبلغ مواصلات العودة إلى بيته ؛خاصة في المحافظات الصغيرة والقرى ؛ وهنا تأتي التبرعات من أهل الخير والإحسان . مشهدٌ آخَر طلابٌ يُصرعون ويُغْمَى عليهم داخل القاعات؛ لأن أحلامهم رغم تفوقهم الدراسي تُدفَن في اختبارات لا يعرفونها ، ولم يدرسوا بناء على أسلوبها القائم على الرصد والتحليل والاستنتاج !! وذات ليلة ( لَعِب إبليس في رأسي ، وطاوعت نفسي الأمارة بالسوء ) ؛ فكتبت منتقداً تلك الاختبارات ، وأنها قد تكون مفيدة وجيدة في بلادِ ونظامِ مَن اخترعها ؛ لكنها عقبة عندنا في حياة طلاب وطالبات مناهجهم تقوم على التلقين !! ثم طَرَحتُ إذا كانت واجبة ؛ فالواقع ينادي بأن تتكفل الدولة بمصاريفها ، أو على الأقل لتكون برعاية ودعم القطاع الخاص كشركات الاتصالات مقابل الإعلانات على كتيبات الأسئلة وفي القاعات، ولاسيما أن تلك الاختبارات موجهة لشريحة الشباب ! والحقيقة أن ما كتبته من أسطر قد وجد أصداء كبيرة ، وأثمر وجاء بنتيجة عظيمة ؛ ولقِيَ الاهتمام والتجاوب السريع من مسئولي المركز الوطني للقياس والتقويم !! فلم تلغ تلكم الاختبارات ، ولم تصبح مجاناً، بل لم تُدْرَس التجربة أو تُقَيّم بعد مرور أكثر من عشر سنوات عليها !! كلا وأبداً فقد كان الحلّ العبقري الذي جادت به قريحة بعض مسئولي ( قِياس ) أولاً اتصال هاتفي تأنيبي ، أعقبه القرار بطَردي من اللجَان ؛ فأنا عَميل للفقراء والمساكين ، وعضو فَاسِد خارج عن الطاعة ؛ لابد من بَتْره !! بعدها لامني بعضهم ؛ لماذا تحرم حسابك من بعض الريالات ياعَمْ ؟!؛ فغيرك يَأخذ الآلاف ؛ وهو يشاهد بعينيه مأساة الطلاب والطالبات ؛ فالمهم (النية والإخلاص في العمل والعقيدة ، وتورم الجيوب)!! ولأني أثق بكم أعزائي أستشيركم هل تسرعت عندما طاوعت تلك النفس الخبيثة ؟! وهل أًقَدم اعتذاري ل ( قياس ) ؛ لعل وعسى يعيدون لرصيدي الهزيل الأنفاس ؟! أبحث عن مشورتكم ؛ لكن أرجو أن لا تشبه توصيات بعض اعضاء مجلس الشورى التي أحياناً تَحْرِم وتمنع ، وتَخْفِض ولا ترفع !! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .