كان عام 2011 شاهدا على نهاية مشوار العديد من النجوم الكبار ولعل ابرزهم عملاق كرة السلة الامريكية شاكيل اونيل و»ظاهرة» كرة القدم البرازيلية رونالدو اللذين اسدلا الستار على مشوار اسطوري حافل بالانجازات. لم يكن اونيل عملاقا من ناحية الحجم وحسب، بل كان من ابرز العمالقة الذين عرفتهم ملاعب الدوري الامريكي للمحترفين لكن وبما ان لكل مشوار نهاية فان نهاية الطريق بالنسبة ل»ديزل» او «سوبرمان» كانت في يونيو الماضي عندما قرر الاعتزال بعد 19 موسما من التألق. حافظ اونيل على اسلوبه المميز حتى في قرار اعتزاله اذ ابلغ انصاره ومعجبيه بقراره عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» والتي كرسها لتبادل الافكار والنكات معهم. بكل بساطة أكد لهم «انا اعتزل، القصة المستمرة منذ 19 عاما يجب وضع نقطة النهاية لها. اردت ان تكونوا اول من يعلم بهذا القرار، لاني احبكم». وتصفح الخبر على الفور 4 ملايين شخص، وبثّوه بدورهم الى ملايين آخرين. وتضمن الموقع ايضا فيلما مدته 16 ثانية سجل عليه اونيل شكره لمشجعيه واحبائه. وقرار اونيل المفاجئ لم يترك مجالا امام اداريي فريقه بوسطن سلتيكس للتعليق على استفسارات رجال الاعلام، اذ علموا بالخبر بالتواتر ايضا. وهذا ما كشفه الناطق باسم بوسطن الذي اوضح ان اونيل لم يبلغ النادي باعتزاله قبل ان يعلن ذلك للجمهور. أكد اونيل انه لم يعد يقوى ان يكون كما عهده انصاره، «وهذا واقع الحال» لمن اصبح ظلا للنجم الجسور وذلك بسبب تكاثر الاصابات وايضا «لان لكل حقبة رجالها ونجومها»، فلا بد من الاقرار بالواقع «مهما كان صعبا بعد هذه المسيرة الطويلة التي آزرتموني خلالها». واعلن صراحة انه لا يريد ان يخذل الناس في موسمين متتاليين، كما «لا اريد ان آخذ فريقي بوسطن رهينة (مرتبط معه حتى 2012)، وطالما ان قدمي اضحتا هشتين ومنهكتين لم تعد تجوز المخاطرة والمحاولة مجددا». وقد أضنته مشاكل كثيرة في الاعوام الماضية خصوصا ان اصابته في قدمه اليمنى مع بوسطن سلتيكس فرملت تألقه، فلم يتمكن من خوض اكثر من 39 مباراة خلال الموسم الماضي، كما انه شارك لدقائق معدودة منذ الاول من فبراير الماضي، وسجل 341 نقطة فقط. يعتبر اونيل (39 سنة) من نخبة اللاعبين في تاريخ كرة السلة الامريكية، ويملك قدرات بدنية هائلة ويعرف بلاعب استثنائي المقاييس (16ر2 م، و150 كلغ). وهو فاز بلقب دوري المحترفين 4 مرات مع لوس انجليس ليكرز وميامي هيت، وحصل على لقب افضل لاعب في الدوري خلال موسم 1999-2000، وافضل لاعب في النهائيات (بلاي اوف) 3 مرات حين قاد مع زميله السابق كوبي براينت لوس انجليس ليكرز الى اللقب اعوام 2000 و2001 و2002. وحصد لقبه الرابع في دوري المحترفين مع ميامي هيت عام 2006 الى جانب دواين وايد. برز اونيل، المولود بتاريخ 6 مارس 1972 في نيورك (نيوجيرسي)، الى الاضواء حين انتقل من جامعة لويزيانا الى فريق اورلاندو ماجيك عام 1992، كما لعب في صفوف فينيكس صنز وكليفلاند كافالييرز قبل ان يحط رحاله الموسم الماضي في بوسطن سلتيكس. وشارك اونيل 15 مرة في مبارة كل النجوم «اول ستارز» التي تجمع أفضل لاعبي الدوري، كما نال مع المنتخب الامريكي الميدالية الذهبية في دورة الالعاب الاولمبية عام 1996 في اتلانتا، وتوج معه بطلا للعالم عام 1994 في كندا. ويحتل العملاق الامريكي المركز الخامس في ترتيب اكثر اللاعبين تسجيلا في تاريخ دوري المحترفين برصيد 28596 نقطة (بمعدل 7ر23 نقطة و9ر10 متابعة في المباراة الواحدة)، خلف نجمه المفضل والت تشامبرلاين، وهو خاض 1423 مباراة. وكانت الرميات الحرة نقطة ضعفه، اذ اخفق في 5317 رمية، واصبح يسخر من نفسه ويضحك على ضعف حيلته في هذا المجال! مؤكدا انه لا يوجد هناك اي شخص كامل، علما بان معدل تسجيله تخطى غالبا ال 26 نقطة في صفوف ليكرز خلال المواسم ما بين العامين 1996 و2004. حمل اونيل عشرات الالقاب، وكان «مهرج» دوري المحترفين الذي شبه «مثلث الهجوم» في ليكرز ب»نظرية فيثاغورس» التي لا جواب لها. انه خلطة ناجحة او معادلة منسجمة تجمع القامة الفارعة والقوة البدنية الهائلة وسرعة الحركة فتنسف خطط الخصوم. ويرى النجم ليبرون جيمس ان اونيل هو «القوة المؤثرة في الملعب التي لا يمكن مقارنتها». وشكره مدير عام دوري المحترفين ديفيد شتيرن على «عطاءاته الميدانية التي ألهمت جيلا بأكمله»، خصوصا انه طبع حقبة على غرار بيل راسل الذي حصد 11 لقبا مع بوسطن سلتيكس، وتشامبرلاين حامل الرقم القياسي من حيث المتابعات مع فيلادلفيا وسان فرانسيسكو وليكرز ما بين 1960 و1970 (23924 متابعة)، وكريم عبدالجبار افضل مسجل في الدوري (38387 نقطة) ولاعب ميلووكي وليكرز بين العامين 1970 و1980. وصاحب الكاريزما الطاغية اكد في مؤتمره الصحافي الاخير انه سعى دائما ليستمتع بلعب كرة السلة وليجعل الناس يستمتعون بأدائه ويسعدون به، «واعتقد انني نجحت في المهمتين». ولم يكن اونيل العملاق الوحيد الذي يترك ملاعب كرة السلة ايضا، اذ اضطر لاعب الارتكاز الصيني ياو مينغ للاعتزال بسبب الاصابة، اضافة الى المدرب الاسطوري فيل جاكسون الذي قرر الاعتزال وفي جعبته 11 لقبا، وهو امر لم يسبقه اليه اي مدرب في السابق. واذا كان اونيل قد ترك اثره الكبير في لعبة كرة السلة حول العالم، فان رونالدو استحق بدوره لقب «ظاهرة» كرة القدم لانه فرض نفسه احد افضل من وطأت قدماه المستطيل الاخضر لكن الاصابات لعبت دورها ايضا في التأثير على مشواره دون ان تحرمه من دخول نادي الاساطير حتى وصل الى نهاية المشوار في 2011. «جسدي يؤلمني. ذهني يريد مواصلة اللعب لكن جسدي يقول لم يعد بامكاني فعل ذلك»، هذا كان لسان حال رونالدو نازاريو دي ليما لحظة اعلانه اعتزاله، مضيفا «في العامين الاخيرين، تعرضت لسلسلة طويلة من الاصابات من جانب الى اخر ومن ساق الى اخرى ومن عضلة الى اخرى (...) هذه الالام دفعتني الى التعجيل بوضع حد لمسيرتي الكروية». ترك رونالدو ملاعب كرة القدم عن 34 عاما وفي جعبته الكثير من الالقاب والانجازات ولعل ابرزها انه يملك الرقم القياسي بعدد الاهداف المسجلة في كأس العالم (15)، لكنه اختبر ايضا لحظات صعبة للغاية بتعرضه لثلاث اصابات خطيرة في ركبته اعوام 1999 و2000 و2008 حيث اضطر الى اجراء 3 عمليات جراحية. وتوج رونالدو خلال مسيرته الرائعة بجميع الالقاب الممكنة باستثناء لقبي كوبا ليبرتادوريس ودوري ابطال اوروبا، كما ان النجم البرازيلي احرز جائزة الاتحاد الدولي لافضل لاعب في العالم في ثلاث مناسبات اعوام 1996 و1997 و2002. ودافع رونالدو عن الوان اهم الاندية الاوروبية على الاطلاق وهي برشلونة وريال مدريد الاسبانيان وانتر ميلان وميلان الايطاليان، وبدأ مشواره الاحترافي عام 1993 مع كروزيرو لكن سرعان ما تحول للعب في القارة الاوروبية حيث خطف الاضواء مع ايندهوفن بين 1994 و1996 قبل الانضمام الى برشلونة الذي توج معه بلقب الكأس الاسبانية (1997) وكأس الكؤوس الاوروبية (1997) وكأس السوبر المحلية (1996). كما توج مع انتر ميلان بلقب كأس الاتحاد الاوروبي (1998) ومع ريال مدريد بلقب الدوري الاسباني (2003 و2007) والكأس القارية (2002) وكأس السوبر المحلية (2003). اما على الصعيد الدولي، فخاض رونالدو 97 مباراة مع «سيليساو» سجل خلالها 62 هدفا، وهو شارك في كأس العالم ثلاث مرات (لم يخض اي مباراة في نهائيات 1994) وتوج باللقب مرتين (1994 و2002) وبلقب كوبا اميركا مرتين (1997 و1999) وكأس القارات مرة واحدة (1997). سجل رونالدو اهدافا بالجملة في صفوف اعرق الاندية الاوروبية، لكنه سيبقى في الذاكرة طويلا للانجازات التي حققها خلال نهائيات كأس العالم. لفت تألقه اللافت في صفوف الفريق الهولندي حيث سجل له 54 هدفا في 57 مباراة انظار نادي برشلونة الاسباني فلم يخيب امال انصار الفريق الكاتالوني بتسجيله 47 هدفا في 49 مباراة في موسم واحد قضاه في صفوف الفريق، وقاده الى كأس الكؤوس الاوروبية. اختير افضل لاعب في اوروبا بحسب الفيفا عام 1996، ثم ما لبث ان ترك برشلونة بسبب اختلاف في وجهات النظر مع رئيس النادي السابق لويس نونيز. كان يأمل بانهاء مسيرته في نهاية العام الحالي لكن الاصابات المتكررة وخروج كورينثيانز من كأس ليبرتادوريس الامريكية الجنوبية عجلتا بقرار وضع حد لمسيرته في بداية العام عوضا عن اخره. وكان 2011 شاهدا ايضا على اعتزال بعض اللاعبين المعروفين في عالم كرة القدم وابرزهما المدافع الانجليزي غاري نيفيل وزميله في مانشستر يونايتد الحارس الهولندي ادوين فان در سار، اضافة الى الارجنتيني مارتن باليرمو، افضل هداف في تاريخ بوكا جونيورز، والاسباني ايفان دي لا بينا واسطورة كرة القدم النسائية الالماني بيرغيت برينتس. كما شهد اوائل 2011 قرار نجمة كرة المضرب البلجيكية جوستين هينان الاعتزال مجددا بسبب معاناتها من اصابة في كوعها الايمن، وذلك عبر رسالة وجهتها الى العديد من الوسائل الاعلام البلجيكية. وكانت هينان التي أنهت اعوام 2003 و2006 و2007 في صدارة تصنيف رابطة المحترفات، عادت الى الملاعب في يناير 2010 بعد اعتزال دام نحو 18 شهرا، وكللت عودتها ببلوغ نهائي بطولة استراليا المفتوحة في ملبورن وفوزها بلقب دورتي شتوتغارت وهرتوغنبوش، لكنها تعرضت لاصابة في كوعها الايمن خلال بطولة ويمبلدون الانجليزية في يونيو 2010 ابعدتها عن الملاعب حتى نهاية الموسم. وعادت البلجيكية البالغة من العمر 28 عاما الى الملاعب في بداية 2011 وشاركت مع منتخب بلادها في كأس هوبمان للمنتخبات المختلطة ووصلت معه الى النهائي امام الولاياتالمتحدة التي توجت باللقب. كما شاركت في بطولة استراليا المفتوحة ووصلت الى الدور الثالث قبل ان تخسر امام الروسية سفتلانا كوزنتسوفا. وودعت هينان ملاعب الكرة الصفراء مجددا وفي جعبتها لقبين اضافيين رفعت من خلالهما رصيدها الى 43 لقبا خلالها مسيرتها الاحترافية التي بدأت في الاول من يناير 1999، بينها 7 القاب في البطولات الاربع الكبرى في استراليا المفتوحة (2004) ورولان غاروس الفرنسية (2003 و2005 و2006 و2007) وفلاشينغ ميدوز الامريكية (2003 و2007). كما بلغت نهائي استراليا المفتوحة عامي 2006 و2010 وويمبلدون 2001 و2006 وفلاشينغ ميدوز 2006 وفازت ببطولة الماسترز 2006 وبذهبية اولمبياد اثينا 2004، وبكأس الاتحاد مع منتخب بلادها عام 2001. وشهد 2011 ايضا اعتزال لاعبة اخرى تربعت سابقا على صدارة تصنيف محترفات كرة المضرب وهي الروسية دينارا بسبب اوجاع متواصلة في ظهرها، اضافة الى اعتزال اسماء أخرى في رياضات مختلفة مثل الاسباني كارلوس ساستر، المتوج بسباق فرنسا الدولي عام 2008، والبريطاني ديفيد هاي، بطل العالم السابق في الملاكمة (الوزن الثقيل). لكن يبقى الاعتزال الاكثر «غرابة» في 2011 باسم اسطورة سباقات فورمولا واحد البريطاني ستيرلينغ موس الذي قرر إنهاء ارتباطه برياضة المحركات عن عمر81 عاما.