لم يغير شاكيل اونيل، “العملاق الجذاب” في دوري كرة السلة الاميركي للمحترفين، عاداته حتى حين قرر الاعتزال، فمن اعتاد على تصرفات تفاجىء عارفيه والمحيطين به لم يشذ عن هذه القاعدة اذ اعتمد اسلوب “الصدمة” ليعلن ذلك. ابلغ شاكيل اونيل انصاره ومعجبيه بقراره عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” والتي كرسها لتبادل الافكار والنكات معهم. بكل بساطة اكد لهم “انا اعتزل، القصة المستمرة منذ 19 عاما يجب وضع نقطة النهاية لها. اردت ان تكونوا اول من يعلم بهذا القرار، لاني احبكم”. وتصفح الخبر على الفور 4 ملايين شخص، وبثوه بدورهم الى ملايين آخرين. وتضمن الموقع ايضا فيلما مدته 16 ثانية سجل عليه اونيل شكره لمشجعيه واحبائه. وقرار اونيل المفاجىء لم يترك مجالا امام اداريي فريقه بوسطن سلتيكس للتعليق على استفسارات رجال الاعلام، اذ علموا بالخبر بالتواتر ايضا. وهذا ما كشفه الناطق باسم بوسطن الذي اوضح ان اونيل لم يبلغ النادي باعتزاله قبل ان يعلن ذلك للجمهور. اكد اونيل انه لم يعد يقوى ان يكون كما عهده انصاره، “وهذا واقع الحال” لمن اصبح ظلا للنجم الجسور “الديزل”، كما يطلق عليه، وذلك بسبب تكاثر الاصابات وايضا “لان لكل حقبة رجالها ونجومها”، فلا بد من الاقرار بالواقع “مهما كان صعبا بعد هذه المسيرة الطويلة التي آزرتموني خلالها”. واعلن “شجرة الصبار الكبيرة” صراحة انه لا يريد ان يخذل الناس في موسمين متتاليين، كما “لا اريد ان آخذ فريقي بوسطن رهينة (مرتبط معه حتى 2012)، وطالما ان قدمي اضحتا هشتين ومنهكتين لم تعد تجوز المخاطرة والمحاولة مجددا”. وقد اضنته مشاكل كثيرة في الاعوام الماضية خصوصا ان اصابته في قدمه اليمنى مع بوسطن سلتيكس فرملت تألقه، فلم يتمكن من خوض اكثر من 39 مباراة هذا الموسم، كما انه شارك لدقائق معدودة منذ الاول من فبراير الماضي، وسجل 341 نقطة فقط. يعتبر اونيل (39 سنة) من نخبة اللاعبين في تاريخ كرة السلة الاميركية، ويملك قدرات بدنية هائلة ويعرف بلاعب استثنائي المقاييس (16ر2 م، و150 كلغ). وهو فاز بلقب دوري المحترفين 4 مرات مع لوس انجليس ليكرز وميامي هيت، وحصل على لقب افضل لاعب في الدوري خلال موسم 1999-2000، وافضل لاعب في النهائيات (بلاي اوف) 3 مرات حين قاد مع زميله السابق كوبي براينت لوس انجليس ليكرز الى اللقب اعوام 2000 و2001 و2002. وحصد لقبه الرابع في دوري المحترفين مع ميامي هيت عام 2006 الى جانب دواين وايد. برز اونيل، المولود بتاريخ 6 مارس 1972 في نيورك (نيوجيرسي)، الى الاضواء حين انتقل من جامعة لويزيانا الى فريق اورلاندو ماجيك عام 1992، كما لعب في صفوف فينيكس صنز وكليفلاند كافالييرز قبل ان يحط رحاله الموسم الماضي في بوسطن سلتيكس. وشارك اونيل 15 مرة في مبارة كل النجوم “اول ستارز” التي تجمع أفضل لاعبي الدوري، كما نال مع المنتخب الاميركي الميدالية الذهبية في دورة الالعاب الاولمبية عام 1996 في اتلانتا، وتوج معه بطلا للعالم عام 1994 في كندا. ويحتل العملاق الاميركي المركز الخامس في ترتيب اكثر اللاعبين تسجيلا في تاريخ دوري المحترفين برصيد 28596 نقطة (بمعدل 7ر23 نقطة و9ر10 متابعة في المباراة الواحدة)، خلف نجمه المفضل والت تشامبرلاين، وهو خاض 1423 مباراة. وكانت الرميات الحرة نقطة ضعفه، اذ اخفق في 5317 رمية، واصبح يسخر من نفسه ويضحك على ضعف حيلته في هذا المجال! مؤكدا انه لا يوجد هناك اي شخص كامل، علما بان معدل تسجيله تخطى غالبا ال26 نقطة في صفوف ليكرز خلال المواسم ما بين العامين 1996 و2004. لا يجد صانع الالعاب السابق مارك جاكسون افضل من كلمة “فريد من نوعه” لوصف اداء اونيل وتميزه الميداني، ويقول: “كنا نستطيع احتواء مايكل جوردان عبر رصده من قبل ثلاثة مدافعين. لكن كان يصعب عليهم القيام بذلك في مواجهة اونيل. ان اعتزاله لا ينهي مسيرة حافلة بل يطوي عصرا في دوري المحترفين وبصمته ستبقى واضحة”. حمل اونيل عشرات الالقاب، وكان “مهرج” دوري المحترفين الذي شبه “مثلث الهجوم” في ليكرز ب”نظرية فيثاغورس” التي لا جواب لها. انه خلطة ناجحة او معادلة منسجمة تجمع القامة الفارعة والقوة البدنية الهائلة وسرعة الحركة فتنسف خطط الخصوم. ويرى النجم ليبرون جيمس ان اونيل هو “القوة المؤثرة في الملعب التي لا يمكن مقارنتها”. وشكره مدير عام دوري المحترفين ديفيد شتيرن على “عطاءاته الميدانية التي الهمت جيلا باكمله”، خصوصا انه طبع حقبة على غرار بيل راسل الذي حصد 11 لقبا مع بوسطن سلتيكس، وتشامبرلاين حامل الرقم القياسي من حيث المتابعات مع فيلادلفيا وسان فرانسيسكو وليكرز ما بين 1960 و1970 (23924 متابعة)، وكريم عبد الجبار افضل مسجل في الدوري (38387 نقطة) ولاعب ميلووكي وليكرز بين العامين 1970 و1980. “الديزل” الذي يعتبر “ايقونة” بالنسبة لكثيرين يقلدونه في طريقة المشي واسلوب الحياة والعفوية في التصرف، هو اب لخمسة اولاد، وصاحب مشاريع استثمارية، ممثل في برامج وافلام واشرطة اعلانات، مغني الراب ورجل الاستعراض، ونجم برامج تلفزيون الواقع تحدى في حلقات السباح الفذ مايكل فيلبس والملاكم اوسكار دي لاهويا ونجوما آخرين في اختصاصات عدة. وخصصت عائدات ذلك لاعمال خيرية يسهر على تنفيذها ورعاية انشطتها دعما لفقراء في ولايات اميركية، فضلا عن رحلاته في هذا المجال الى بلدان عدة. وصاحب الكاريزما الطاغية اكد في مؤتمره الصحافي الاخير انه سعى دائما ليستمتع بلعب كرة السلة وليجعل الناس يستمتعون بأدائه ويسعدون به، “واعتقد انني نجحت في المهمتين”.