أسدل ستار خيمة عكاظ مساء أمس الأول بعد أن احتضنت ندوات ومحاضرات البرنامج الثقافي لسوق عكاظ لهذا العام، واطلع الحضور على نماذج من التراث والفكر والأدب والموروث الشعبي الذي مازال راسخًا عبر تتابع الحقب وتوالي الأزمنة وذلك بموقع السوق بمنطقة العرفاء التي تبعد قرابة ال 40 كيلومترًا عن محافظة الطائف. كان نادي مكة الأدبي أول من نظم أولى فعاليات يوم الختام بندوة طافت بالحضور في فضاء أرحب للخطاب العربي في عصر المعلوماتية بمشاركة الأديبين الدكتور صالح الزهراني ويوسف الوافي وأدارها الدكتور أحمد المورعي، وتناولت الكتابة التي تتطلب القيام بها إلى الرجوع للكتب والمراجع والإعلام الجديد وما يقدمه للشباب. وأكد الدكتور صالح الزهراني ضرورة أن يلتف الإعلام التقليدي حول الإعلام الجديد وأن تشارك النخبة في توجيه الشباب ورسم الأطر العريضة لكي لا تحدث أي انعكاسات سلبية من آثار الإعلام الجديد، وأشار إلى أن الإعلام الجديد هو قائد العصر الحالي وأن الخطاب الأدبي في عصر المعلوماتية انتقل من ثقافة العلم إلى علم الثقافة وأصبحت الثقافة علمًا بمختلف تشريعاته وهذا ما تحتاجه أي أمة من الأمم لتضع لها مكانًا في عصر المعلومات. فيما أكد يوسف الوافي أن القرن الحالي غيّر موازين القوى، فبعد أن كان النفط هو مصدر القوة في القرن العشرين، أصبحت المعلوماتية والريادة فيها أساس موازين القوى وتميل لمن يملك أدواتها وتقنيتها، داعيا الدول العربية إلى الاتجاه سريعا إلى عالم المعلوماتية الرحب. الندوة الثانية والتي نظمها نادي الطائف الأدبي تطرقت إلى كيفية استثمار طاقة الشباب وكيفية توجيهها نحو تحقيق المصلحة الوطنية، فضلًا عن إبراز إبداعاتهم، الندوة أدارها أحمد البوق وشارك فيها: عضو مجلس الشورى سليمان الزايدي وأستاذ اللغة العربية بجامعة أم القرى الدكتور عادل باناعمة والذي تطرّق لمحاور ثلاثة وطالب بأن يكون هناك سقف حرية أكبر للشباب. بينما انتقد الزايدي وجود ملاهي بسوق عكاظ لأنها تصرف الشباب والأطفال عن الاطلاع على ما يدور في السوق الذي اعد لهم لمشاهدة التراث والتاريخ والأدب. أيضًا وفي ختام الفعاليات الثقافية لسوق عكاظ لهذا العام، قدمت مسرحية «زهير بن أبي سلمى» عرضها الأخير واختتمت آخر مشاهدها على المسرح برقصات عن الوطن على نغمات «الله عليكم يا السعودية» لتودع خيمة عكاظ الجميع بعدما انتهى البرنامج الثقافي، ولكن «جادة سوق عكاظ»، والأجنحة، ما زالت مشرعة للزوار حتى يوم الخميس المقبل. جدير بالذكر أن سوق عكاظ في دورته الخامسة لهذا العام شهد تقديم العديد من الندوات والمحاضرات الثقافية والأمسيات الشعرية بمشاركة أدباء وأديبات وشعراء وشاعرات من السعودية والعالم العربي. فقد استشرف سوق عكاظ في إطار برنامجه الثقافي المستقبل من خلال ندوة عقدت حول تقنية النانو شارك فيها عدد من المتخصصين في هذه التقنية، وهم: الدكتور منصور الحوشان والدكتور عبدالله الضويان والدكتورة مها خياط وأدارها الدكتور نجم الحصيني. وأوضحت الندوة أن تقنية النانو أصبحت في طليعة المجالات الأكثر أهمية وإثارة في الفيزياء، والكيمياء والأحياء والهندسة، ومجالات عديدة أخرى، فقد أعطت أملاً كبيراً لثورات علمية في المستقبل القريب ستغيّر وجهة التقنية في العديد من التطبيقات، مشيرة إلى أنه يعود الإهتمام الواسع بتقنية النانو إلى الفترة مابين 1996 إلى 1998م عندما قام مركز تقييم التقنية العالمي الامريكي (WTEC) بدراسة تقويمية لأبحاث النانو وأهميتها في الإبداع التقني . وأشارت الندوة إلى أن مفهوم تقنية النانو يعتمد على اعتبار أن الجسيمات التي يقل حجمها عن مائة نانو متر (النانو متر جزء من الف مليون من المتر) تُعطي للمادة التي تدخل في تركيبها خصائص وسلوكيات جديدة وهذا بسبب أن هذه الجسيمات (التي هي أصغر من الأطوال المميِّزة المصاحبة لبعض الظواهر) تُبدي مفاهيم فيزيائية وكيميائية جديدة مما يقود إلى سلوك جديد يعتمد على حجم الجسيمات. وأكدت الندوة على أن المملكة تسعى لأن تكون دولة رائدة في الطاقة المتجددة وتحديداً في أكبر مصدر في العالم للطاقة الكهربية النظيفة التي يتم انتاجها من الطاقة الشمسية إلى جانب استمرار استغلال موارد الطاقة المتوافرة لديها سواء كانت طاقة شمسية أم غير ذلك من أجل توسعة قاعدتها الاقتصادية. ومن الفعاليات الثقافية الأخرى التي تم تقديمها ضمن برنامج سوق عكاظ الثقافي لهذا لعام، استعرضت ندوة «أسواق لها تاريخ» أسواق العرب وتاريخ سوق عكاظ بمشاركة عدد من الاختصاصيين في التاريخ، وأدارها الدكتور يوسف العارف. واستهل الندوة الدكتور عبدالرحمن الطيب الأنصاري بالحديث عن موقع الجزيرة العربية الاستراتيجي في جنوب غرب قارة آسيا، وتطرق إلى تاريخ تجارة قريش وما شهدته حقبتها الزمنية، كما وصف سوق عكاظ بأنه المعرض العربي العام، كونه مجمع أدبي لغوي رسمي، والسوق التجارية الكبرى لعامة أهل الجزيرة العربية، والندوة السياسية العامة التي يقضى فيه بين القبائل. أما الدكتور محمد الفعر فأشار في حديثه عن سوق عكاظ إلى أنه ظهر قبل حادثة الفيل ب 15 عاماً وظل حتى عام 129 حتى خرّبه الخوارج الحروريون، وذكر أن شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت رضي الله عنه كان أحد المشاركين في سوق عكاظ قبل الإسلام. وتناول الدكتور عبدالعزيز الهلابي من جانبه أسواق مكةالمكرمة حتى نهاية العهد الأموي، واستعرض أبرز أسواق الجزيرة العربية قبل الإسلام، ومنها أسواق عكاظ.