كلما بدأ العام الدراسي ظهرت الحاجة الملحة لوجود نقل عام في المدن الكبرى، ووجود هذا النقل سيؤمن الأمن للطلاب والطالبات والمعلمات، وسيوفر الوقت ويقلل عدد السيارات الفردية وسيقلل تبعاً لذلك عدد السائقين، وسيقلل ازدحام السيارات في الجامعات، وستستغنى عائلات عن استقدام السائقين، ولكن كل ذلك لابد له من تنظيم عام، وطرق محددة، ومحطات ومسارات لكل طريق، كما هو معمول به في كثير من الدول وبغير ذلك لن ينجح النقل العام. لو ان الطالب القاطن في جنوبالرياض او شرقها وجد الحافلة التي تقله من سكنه الى جامعة الملك سعود او جامعة الامام في اقل من المدة التي يقضيها في سيارته لاستغنى عن السيارة الخاصة، ولو ان المعلمات في كل المراحل وجدن الحافلة التي توصلهن دون تأخير الى مدارسهن لاستغنين عن السائق وعن السيارة التي تسبب الاختناقات المرورية، ولو انه وجد نقل في كل حي يمر بمسارات معينة تمر كل مدرسة لارتاح الآباء من معاناة ايصال الاولاد والخروج من الدوام لإعادتهم ظهراً. النقل العام هو السبيل للقضاء على الاختناقات المرورية التي تؤخر عن العمل وتسبب القلق والتوتر لمن يقود السيارة ومن يركب فيها، ولئن فات التخطيط للنقل العام بالحافلات والقطارات عند تخطيط المدن، فإن الحاجة الآن تلزم بضرورته حتى لو دفعت مبالغ كبيرة مقابل التفريط السابق، فهو دواء والدواء لا بد منه حتى لو غلا ثمنه. من أجل إيجاد نقل عام سريع لا بد من وجود مسارات خاصة به، وإيقاف السيارات الخاصة في وقت الذروة وجعل المسار الأيمن من كل طريق هو مسار لحافلات النقل العام وإعطاء مخالفة مرورية لكل سيارة خاصة تسير فيه وتشديد العقوبة إذا تكررت المخالفة، فالمدن -كالرياض- لا ينقصها شوارع كبيرة ولا أنفاق، ولا جسور، ولكن عدد السيارات يفوق احتمالها، وبتحديد مسار خاص للنقل العام سيقل عدد السيارات الخاصة وسيقبل الناس على النقل العام إذا وجدوه يوفر لهم الوقت والجهد ويغنيهم عن المواقف في الجامعات ويوفر الأمان للطالبات والمعلمات ولا يجعلهن تحت رحمة السائق أو الولي إن غاب أو حصل له عارض، غابت عن العمل. أما وجود القطارات فوق الأرض أو تحتها فهو الآخر بحاجة ملحة ولكنها تحتاج إلى وقت أطول، وقد بدأت ذلك دول أقل إمكانيات من المملكة وتأخيرها سيزيد التكاليف المالية ومن الأولى المبادرة إليها في زمن الوفرة المالية، ولو تم ذلك قبل سنوات لكانت التكلفة أقل من نصف تكلفتها الآن، غير أن البكاء على الماضي لا يجدي، ولا بد من تناسيه والبدء في تلافي الخطأ. النقل العام أصبح ضرورة، ما هو عاجل منه وهو أن تقوم شركة النقل العام بمماسة النقل داخل المدن وفق مسارات محددة، ولا يكتفى بالتجربة السابقة المُخفقة فهي لم يؤسس لها على أسس صحيحة من أهمها تحديد مسارات خاصة وإيجاد نقل داخل الأحياء وإذا وجد الناس أن النقل العام أيسر من النقل الخاص المكلف مالاً وجهداً فإنهم سيقبلون عليه، أما إن كان سيؤخرهم عن العمل وليس له مسارات خاصة ولا مواقف خاصة فإنهم سيفضلون العناء عليه لأن الوصول للعمل والمدرسة في الوقت المحدد هو الأهم.