يطلّ علينا شهر رمضان..هذا الشهر الذي خصّه الله جل وعلا بمزايا لم يخص بها شهرا غيره.. كما خصّه الناس بأمور لم تعط لأي شهر سواه.. فمنهم من جعله لما يحب ويرضى!! ومنهم من جعله لما يحب الله ويرضاه.ومن أبرز ما خصّ الله به رمضان دون سائر شهور السنة أن الشياطين تصفدّ فيه. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم((إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين)). وهذا يعني أن رمضان فرصة عظيمة للانطلاق في ساحات الطاعة وطلب المغفرة خاصة وأن رؤوسّ الشياطين الكبرى ..ومردتهم مقيدون مسلسلون.لذا نرى – بفضل الله – إقبال الناس على الخير في رمضان وامتلاء المساجد بالمصلين وكفّ الكثيرين عن الكثير من الذنوب والمعاصي .وحرص الكثيرين على قراءة القرآن بعد هجر. كما أننا لا ننكر وجود من يعدّ رمضان فرصة للانشغال بالطعام ومتابعة القنوات الفضائية التي حشدت لنا الكثير والكثير من البرامج والمسلسلات !!.. ولا ننكر أيضا أن البعض لا يعرف عن قيمة رمضان سوى الصيام عن الأكل والشرب دون صيام الجوارح والارتقاء بالروح والنفس. فمن وفّقه الله لما يحب ويرضى.. فسلك طريق الطاعة والتوبة وتلمّس سبل الخير وأقبل مستجيبا للمنادي الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم..(وينادي منادٍ كل ليلة:يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشرّ أقصر). من وفقّه الله إلى ذلك فقد فاز.. أمّا من تجّرأ على انتهاك حرمة الشهر المبارك .. وأصّر أن يلطخّ نفسه بالذنوب والمعاصي ويترك نفسه لهواها مضيعّا أعظم فرصة لا تأتيه سوى مرة في كل عام ..فقد خسر خسرانا مبينا.. ومن كان ينسب جرمه إلى الشيطان ويتهمه أنه غواه وأضله فإن الشياطين - في رمضان – منه ومن ذنبه بريئة.فهي مصفدّة مقيدّة.. ومعاصيه آتية من نفسه الأمارة بالسوء.. وقد يقول قائل .. إن التصفيد والسلسلة تكون للمردة ورؤوس الشياطين .. أما صغارهم فطلقاء يواصلون الإغواء والإغراء .وفي هذا جانب من الحقيقة ..لكن في كل الأحوال..فإن التقييد والتصفيد جعل العدو يقل والوسوسة تضعف..ومن عظّم صيامه وقام به على وجه الكمال قطع على الصغار الشياطين سبل وسوستهم .. أمّا من صام بطنه دون جوارحه ..ولم يهذب نفسه جيداً بآداب الصيام فإنه سيبقى عرضة لوسوسة الشياطين من الجن والإنس. فنحن نعلم أن الشياطين نوعان:شياطين إنس وشياطين جن.. وإن كانت شياطين الجن تصفد وتقيد ..فمن يحمينا من شياطين الإنس الذين ينشطون في رمضان أكثر من أي وقت آخر!! إننا بحاجة لأن نفهم الغاية من رمضان .. والقيمة الحقيقية له.. ونخرج عن مفهوم صيام البطن لأنه أدنى صور الصيام ونجتهد للارتقاء للوصول إلى جوهر الصيام والتأدب بآدابه ..فبم يفيد الصيام إذا اعتدى الصائم على غيره في النهار رمضان..بسباب وشتم ..؟ وبم يفيد الصيام إذا قضى المرء يومه يقلّب القنوات الفضائية بين برامج لهو ولعب ورقص وغناء؟!. أو قضى نهاره نائماً حتى قبيل آذان المغرب بدقائق؟ ما يزال بعضنا جاهلاً بقيمة هذا الشهر وساعاته ولحظاته. وما يزال بعضنا لا يرى في رمضان سوى فرصة للتجمع حول الطعام ما لذّ فيه وطاب ..وفرصة للتسوق والاستفادة من عروض التسوّق في رمضان ..، ويراه فرصة للهاث وراء سباق الفضائيات المحموم في عرض ما لديها مما يتنافى وهيبة هذا الشهر ومكانته عند الله.. فهل ذنب ذلك عائد لوسوسة شيطان من الجن..؟! أم وسوسة نفس أمارة بالسوء؟! أم وسوسة شياطين الإنس!! [email protected]
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (46) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain