شنّ المتداخلون في المحاضرة التي نظمها نادي المدينةالمنورة الأدبي يوم أمس الأول تحت عنوان «الخطاب الإسلامي وتحديات المعرفة» هجومًا على مقدمها الباحث والمفكر الإسلامي الشيخ محمد بن صالح الدحيم؛ بسبب الأسئلة التي طرحها في سياق محاضرته حول الخطاب الإسلامي، ما إذا كان يغذيه فكر إنتاجيّ، أم أن الذي يغذيه خطاب مثله، يضعف نسله إلى حدٍّ لا يقبل التلاقح مع الأفكار، وهل كان الخطاب الإسلامي قائمًا بذاته، أم كان يخضع لأجندة سياسيّة يفتقد الوعي بها، وهل أدرك الخطاب الإسلامي أن مشروع المواجهة الذي صنعه، أو الذي يستند إليه دائمًا هو الذي أهدر طاقته وبدّد جهوده، وهل آن للخطاب الإسلامي أن يتخلّص من ثنائيّاته الخانقة والمتجدّدة مع كل فكرة أو حدث من ناحية الدين والسياسة، والدين والمواطنة، والإسلام والقومية، والإسلام والعلمانية، والإسلام والليبرالي، وهل تجاوز الخطاب الإسلامي إخراج منتجاته من دائرتي المؤامرة والابتلاء إلى دوائر الفعل والمشاركة.. حيث انتقد الدكتور غازي المطيري قراءة الدحيم للخطاب الإسلامي ووصفه بغير الدقيق كونه أثار بلبلة فكرية وطرح تساؤلات كبرى قابلها إجابات صغيرة غير شافية وكافية، فيما رأت رئيسة اللجنة النسائية أمل زاهد أن الأسئلة التي طرحها المحاضر تستغرق وقت طويلًا للإجابة عليها وفهم محتواها، مشيرة إلى أن الخطاب الديني يعيد نفسه في عدة صور، وأن الفضائيات تقدم خطابًا مستهلكًا، متسائلة من المستفيد من بقاء هذا الخطاب علي شكله. أما الدكتور عبدالله الشريف فقد أشار إلى أن القراءة السطحية طغت على الجوانب الفلسفية، والمحاضر لم يضع إجابات للأسئلة وأن العنوان لم يتطابق مع المحاضرة، متسائلًا: هل الخطاب الإسلامي واجه المعرفة وأصبح يعارضها أم حصل تشويش بين الخطاب الإسلامي والمعرفة، أم يريد أن يركع الخطاب الإسلامي للمعرفة أو يمازج بين المعرفة والخطاب الإسلامي حتى يحدث قبولًا في الأوساط المعرفية وجهات القوة السياسية بمواصلة جهوده في الساحة الاجتماعية، وهل الخطاب الذي نادى به المحاضر مرحلي ينفع في هذا الوقت ولا ينفع في وقت آخر أم هو إصلاح مرحلي، كما عاب الشريف على الخطاب الإسلامي الحالي بأنه أصبح تصادميًا مع الأفكار الأخرى.. وجاءت ردود الدحيم متلائمة مع وجهات نظر المتداخلين حيث أسهب في شرح نقاط عديدة تبرر قراءته للمحاضرة. وكان الدحيم قد أشار في مستهل المحاضرة إلى عصرية الخطاب الإسلامي بين الإمكان والممانعة، في واقع مختلف وطرح أسئلة على الخطاب الإسلامي، ثم حدد أنواع الخطاب الإسلامي وظروفه التي تشكل من خلالها، وقال إنها ظروف غير جيدة، ولكنها مؤثرة في تكوّنه وتمرحله ومخرجاته، مبينًا أن المقصود بالتحدي الذي يواجهه الخطاب الإسلامي ليس حديثًا عن مؤامرة ضدّ الخطاب، ولكنه واقع فرضته الحياة بتحوّلاتها وتغيّراتها، كما لا يمكن القول إن للخطاب الإسلامي شكلًا واحدًا، لأن هناك الخطاب القابع في تاريخ أصوله من دون أن يأخذ من تلك قدرتها على الصلاحية الزمانية والمكانيّة، وهناك الخطاب الشرعي المتزن بالوسطيّة والاعتدال، ولكل نوع ما يضادّه ويختلف معه، وبين هذا وذاك تموّجات كثيرة، فينشأ بين فينة وأخرى خطاب يقظ يحاول في مسار التصحيح، وهو متعدّد ومختلف أيضًا، مبينًا أننا أصبحنا مدعوين جميعًا إلى وعي كبير نتجاوز فيه كسلنا وأخطاءنا ومغالطاتنا وعيًا يليق بالعظمة الفكرية بالقرآن الكريم الذي هو خطاب الله للإنسان ولن أقول إنها دعوة للرجوع إلى القرآن كما يتم تداوله ولكنها الدعوة إلى التقدم نحو القرآن.