«ساما» يرخّص ل31 شركة تقدم التمويل للمنشآت «الصغيرة والمتوسطة»    المفتي للطلاب: احذروا الخوض في منصات التواصل وتسلحوا بالعلم    سيراً على الأقدام .. المستكشفة «موريسون» تصل العلا    الراجحي يستعرض الخطوات الرائدة للمملكة في تمكين القوى العاملة    لأول مرة.. إطلاق التقويم المدرسي برياض الأطفال والطفولة المبكرة والتربية الخاصة    مواجهات «الملحق» الأوروبي.. «نار»    وزير الداخلية يستقبل أعضاء هيئة أمناء جائزة الأمير نايف للأمن العربي    علاقة خفية بين «الأجهزة الرقمية» وأوزان الأطفال    ولي العهد يبحث القضايا الإقليمية وأوجه التعاون مع رئيس المجلس الأوروبي    أصغر متسابقة راليات عربية.. «أرجوان» .. جاهزة للمنافسة في رالي حائل الدولي الاستثنائي    محمد المنجم رئيس نادي الشباب ل(البلاد): هدفنا التتويج ب «كأس الملك».. و «الليث» عائد بين الكبار    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال (15) إلى سوريا    البهكلي والغامدي يزفان "مصعب" لعش الزوجية    الفايدي يحتفي بزواج سالم    مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون يكرم وزير العدل    المملكة تؤكد دعمها لاستقرار وتنمية اليمن    وسط حضور فنانين وإعلاميين .. الصيرفي يحتفل بزواج نجله عبدالعزيز    «بينالي الفنون» يُثري زواره بكنوز الحضارة الإسلامية    مجمع الملك سلمان العالمي يُطلق «تقرير مؤشر اللغة العربية»    تعزيز العلاقات البرلمانية مع اليابان    إعلان أسماء الفائزين بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام للعام 2025    عشر سنبلات خضر زاهيات    «سيكاي إشي» أغلى تفاح في العالم    الهلال والأهلي والنصر يعودون ل«تحدي آسيا».. في فبراير    مختبر تاريخنا الوطني    غداً.. محمد عبده يُجسد فلسفة الخلود الفني على مسرحه في الرياض    المسلسل مستمر    الذهب يستقر مع أسعار الفائدة وسط تهديدات التعريفات الجمركية    حرب الذكاء الاصطناعي.. من ينتصر؟!    ولي العهد يؤدي الصلاة على محمد بن فهد ويتقبل التعازي    استبدال الصمام الأورطي عن طريق الرقبة    احتفالات في عموم المدن السورية احتفالاً بتعيين الشرع رئيساً لسوريا    الشخصيات الترويجية ودورها في التسويق    شخصية الصرصور    إطلاق حملة للتبرع بالدم في الكورنيش الشمالي بجازان    «الجوازات» تستقبل المعتمرين في ينبع    1716 موظفا سعوديا جديدا يدخلون سوق العمل يوميا    5 تريليونات ريال قيمة احتياطي المملكة من المعادن    أمير حائل يناقش خطط القيادات الأمنية    حسام بن سعود يستعرض مشروعات المندق    جازان.. الحالمة وجمعية كبدك    الشباب يتعاقد مع البرازيلي لياندرينهو    «السياحة الثقافية».. عندما تصبح الفنون جواز السفر    ندوة الأدب والنخبوية تثير المفهوم المجتمعي والثقافي    رحيل زياش عن غلطة سراي وسط تقارير عن انضمامه للدحيل    النصر يدعم صفوفه بهزازي    خطورة الاستهانة بالقليل    الإرجاف فِكْر بغيض    إعلان أسماء الفائزين بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام للعام 2025    وزير الموارد البشرية يكرّم 30 منشأة فائزة بجائزة العمل في نسختها الرابعة    بويدن الشرق الأوسط في المملكة العربية السعودية: تعزيز القيادة ودعم التحول الاقتصادي    بوتين: المفاوضات مع أوكرانيا ممكنة دون زيلينسكي    الشيخوخة إرث وحكمة    انطلاق مؤتمر السكري والسمنة في جدة «5 فبراير»    محافظ محايل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    ولي العهد يؤدي صلاة الميت على الأمير محمد بن فهد    قبائل الريث تعزي الأمير عبدالعزيز بن فهد في وفاة الأمير محمد بن فهد    أهالي الشرقية ينعون الأمير محمد بن فهد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جماعة حوار
نشر في المدينة يوم 01 - 06 - 2011


(1)
عندما تنشأُ جماعةٌ أدبية أو فكرية، فهذا معناهُ أولًا: وجودُ حاجةٍ ما، لتعويضِ غياب قيمة أساسية معينة، في مكان وزمان محددين. وثانيًا: أن هناك مجموعة من المهتمين تتوفر لديها إرادة الفعل؛ فَتُبَادِر إلى تأمين ما يسمح للفكرة بالتبلور، ثم التَّشَكُّل والتأثير.
هذه المحددات العامة، تدفعنا إلى التساؤل عن السياق الذي تأسست فيه (جماعة حوار)، من خلال إطلالةٍ سريعة، على المرحلة السابقة لظهورها في الساحة الثقافية المحلية؛ فكما هو معروف، شهد العَقْدُ الأخير من الألفية الماضية نوعًا من الاستقطاب الأيديولوجي الشديد، المرتكزْ أساسا، على ثنائية ما يُطلق عليه مجازًا (الحداثة، والصحوة). مما أدى إلى ضبابية الرؤية، وانسداد الأفق، والدخول في دائرة من الصراع العبثي.
تلك الأوضاع أدت إلى نتيجتين متلازمتين:
- فمن جانب، دفعت بعض المثقفين، إلى تكريسْ نمطٍ من الشللية، بحجة النخبة والنخبوية. وظهر في الممارسة، أن هذا الأمر يفضي إلى نوع من الانعزالية، واحتباس المعرفة، بدلًا من إشاعتها في الوعي العام.
- أما الجانب الثاني: فيتعلق بالحوار، بمعناه الواسع والإيجابي، فقد كان هو الفريضةَ الغائبة، وصار الإحساس بهذا الغياب، يتنامى يومًا بعد يوم، ولكن التسمية آنذاك، كانت لا تزالُ في رحم الغيب.
من هنا، بدأت الإرهاصاتُ الأولى، لظهور الجماعة تتوالى، بنشاط ورشة النادي الأدبي بجدة، ثم نادي القصة في موسم عام (2002م). ونتج بعد ذلك في العام التالي مباشرة، إطلاق جماعة حوار.
واليوم بعد هذه السنوات، هل يمكننا القول أن تجربة جماعة حوار، رغم ما واجهها من عوائق ومشكلات، إنما نظرت إلى الحوار بمفهومه الإيجابي، أي ال (Dialoge)، بحيث يكون الحوار مفتوحًا، قابلًا للنمو وتبادل المعرفة والتعبير والتغيير للأفضل؟ قياسًا ببعض تجارب الحوار الأخرى، التي تؤول في الغالب، إلى حوار داخلي (Monologe)، كلٌ يخاطب ذاته، مع ما في ذلك من إنكار واضح للآخر، من جهة. ومن إحساس بالإقصاء والتهميش والدونية، في ظل الآخر، من جهة ثانية؛ وذلك لأن جماعة حوار دخلت إلى موضوعها من المدخل المعرفي، لا الأيديولوجي. خاصة حين أكدت على الحوار بصفته قيمة أساسية، من خلال تثبيته في عنوانها.
عمومًا إذا أردنا أن نستعرض القصة من البداية، فلعل من أهم الأمور التي يحَسُن ذكرها هنا، ما حدث أثناء النقاشات التي كانت تدورُ عند تأسيس الجماعة عام (2003م)، إذ قدَّر المجتمعون أمرين:
- الأول: أن الانفتاح على كل الأطياف، ومختلف المستويات، دفعة واحدة، سوف يؤثر على مستوى الطرح في المدى القصير.
- الثاني: كان يوجد قناعة مقابلة أيضًا، ترى بأن الفائدة لا بد أن تتعاظم تدريجيا، على المدى المتوسط والطويل.
وبالتالي كان القرار الأول، يركز على فتح الحوار، والبعدْ عن الشللية، وإتاحة الفرصة بدون قيود، لأي متحدث أو متحدثة، فكل من وجد لديه الرغبة، يُشجع على المشاركة.
ولعل أفضل ما يلخص فكرة جماعة حوار، ما كتبه رئيس الجماعة الدكتور حسن النعمي، في مقدمة إصدارها الأول، يقول:
“ملتقى جماعة حوار ملتقى ثقافي مفتوح، شرطه الوحيد، الإيمان بضرورة الحوار؛ فهو ليس تكتلًا لأسماء بعينها، يقوم بحضورها ويغيب بغيابها، فزاد الجماعة من المقبلين عليها متجددٌ، بتجدد المواسم واللقاءات. وليست أفرادا معينين، بل فكرةً يغذيها الشعور، بأهميةِ التواصل المعرفي والإنساني، حول قضايا متنوعة، في شؤونِ الفكر والثقافة. مما يبعدها عن النمطية في الأفكار، ويحررها من القولبة والتصنيف؛ فاهتماماتها تنمو بأفكار من يتواصل معها، منطلقة من مبدأ مركزية الحوار، حول قضية محددة، أدبية أو فكرية، على مدى موسم كامل، مستجلية كل جوانبها وزواياها، بدأب معرفي خلاق”.
ويمكن اعتبار هذه المقدمة، بمثابة البيان التأسيسي للجماعة، والحقيقة أن الدكتور حسن، هو من اقترح الاسم، وكان اقتراحًا موفقًا، فخير مدخل للحوار هو المدخل المعرفي، وليس الأيديولوجي، كما سبقت الإشارة.
أما آلية الندوات، فكانت تُعطي لنقاش المنتدين ومداخلاتهم، الحيز الأكبر، لتصبح مركزية الحوار، هي الأساس، حول الموضوع المطروح، وما القراءة الرئيسة، إلا بمنزلة الاستهلال الأولي للحوار. وصار من تقاليد الجماعة في أغلب الأعوام، أن يُفتتح المحور بورقة تمهيدية، ويُختتم بورقة تقويمية.
الأمرُ الأساسي الآخر هو: الاهتمام بالإعلام؛ فالطرح بهذه الصيغة، هو الأقربْ إلى طبيعة المتابعة الإعلامية؛ لأن استثمار الإعلام، بأقصى قدر ممكن من الانتشار، كان على رأسْ أولويات الجماعة منذ البداية، بهدف تحريك الساحة في اتجاه محدد، ونشر الوعي الثقافي بين مختلف المستويات.
ولذلك صارت الرسالة الإعلامية، تقوم إضافة إلى تقديم المعلومة، بتوسيع دائرة التفاعلْ، والحوار غير المباشر، كما أنها لا تخلو أحيانًا من الإثارة والجدلْ والردودْ، والردودِ المضادة، والتهديد برفع بعض القضايا في المحاكم الشرعية.. وهكذا. وكان كل هذا يسير في الاتجاه المناسب. ومما عزز هذا التوجه، كثافة المشاركة النسائية الفاعلة، وغير المسبوقة في أي نشاط ثقافي في المملكة. أما ما أكمل هذه الصورة العامة، فقد تمثل في تنويع المحاور، ما بين أدبية وثقافية وفكرية، مما أدى إلى توسيع دوائر الحوار.
وعندما نُلقي اليوم التفاتة إلى الوراء، نجد عددًا معتبرًا من الأسماء التي شاركت بالأوراق الرئيسة في ملتقيات الجماعة، سواء من عضواتها وأعضائها الدائمين، أم من ضيوفها المتميزين؛ مثل:
الدكتور عبدالعزيز السبيل، والدكتور سعد البازعي، والدكتور أبو بكر باقادر، والدكتور سعيد السريحي، والدكتور معجب الزهراني، والدكتور أحمد سماحة، والدكتورة أميرة الزهراني، والدكتور تركي الحمد، والأستاذ حسين بافقيه، والدكتور عثمان العربي، والشيخ عوض القرني، والدكتور مبارك الخالدي، والأستاذ محمد الحرز، والدكتور محمد ربيع الغامدي، والدكتور محمد الشنطي، والدكتور محمد الشوكاني، والأستاذ محمد العلي، والدكتور محمد نديم خشفة، والأستاذ محمود تراوري، والدكتور مصطفى عبدالغني، والأستاذ خالد ربيع، والدكتورة نورة المري، والأستاذ يوسف الديني.
كما نجد من جانب آخر، أن هذا التنوع في الأسماء، أثمر تنوعًا واضحًا في الطرح، وفي عناوين أوراق العمل، ومداخل البحث، ما بين مناقشة قضايا أدبية وثقافية وفكرية، ومناظرات، وقراءة كتب، وتحليل روايات، واستحضار أجناس أدبية وفنية، من شعر وسرد ومسرح وفنون بصرية.
(2)
وإذا أردنا أن نقدم جردة مختصرة، عن حصاد المواسم السابقة، فإننا بصدد الحديث عن أكثر من (70) ندوة، حاضر فيها أكثر من (20) باحثة، و(50) باحثًا، إضافة إلى مئات المداخلات. ومع أن بعض الأسماء تكررت في أكثر من ملتقى، فإن ذلك لم يكن من باب الاستئثار، وإنما بدافع الوقوف مع الجماعة ودعمها؛ مما ساهم في استمراريتها وانتظامها.
ففي المحور الأول: عام (2003/2004م)، (خطابُ السرد النسائي)، نُفذت (16) ندوة. قُدمت فيها أورقٌ ل (7) باحثات و(9) باحثين. تناولوا في أوراقهم مراجعة شاملة، لرواية المرأة في أدبنا المحلي، بداية من الستينيات الميلادية، بغية الحوار حول أسئلة البدايات، وخصوصية الخطاب الروائي في بعده الاجتماعي، وتقديم المرأة لذاتها، وموقفها من الرجل، ووعيها بالسياق العام من حولها، وتطور جماليات القص لديها.
طبعًا هذا المحور تم الاتفاق عليه منذ البداية، إذ لم يسبقْ أن أُلقي عليه الضوء، بذلك الحجم، وبتلك التغطيات والمتابعات الصحافية. وأتذكر أنه في حوار صحافي مع هدى الرشيد في لندن، قالت إنها فوجئت بتذكر الساحة الثقافية في المملكة لروايتها، وإدراجها ضمن مشروع ثقافي واعد، بعد أن طواها النسيان كما كانت تظن، لمرور أكثر من ربع قرن على صدورها.
وضم هذا المحور، دراسة افتتاحية عن (ما قبل البدايات في مسيرة رواية المرأة). وقراءات في روايات (غدا سيكون الخميس)، و(قطرات من الدموع)، و(آدم سيدي)، و(البراءة المفقودة)، و(بسمة من بحيرات الدموع)، و(وهج بين رماد السنين)، و(اللعنة)، و(مسرى يا رقيب)، و(وجهة البوصلة)، و(عيون على السماء)، و(الفردوس اليباب)، و(امرأة على فوهة بركان)، و(مزامير من ورق)، و(عندما ينطق الصمت)، ثم في الختام (قراءة شاملة في رواية المرأة). وتمت طباعة أوراق ومداخلات هذا المحور في إصدار خاص، صار مرجعًا لكثير من البحوث والرسائل الأكاديمية.
المحور الثاني: عام (2004/2005م)، عن (التنوير)، قدم (15) ندوة. وكان يهدف إلى الحوار حول أبعاد خطاب التنوير النقدي والإبداعي في المملكة، منذ بداية التحديث الأدبي والفكري، في أوائل الربع الثاني من القرن العشرين. ومع أن هذا المحور عن التنوير، ولكن المشاركة النسائية تراجعت، بشكل لافت، لولا التزام كل من الدكتورة لمياء باعشن، والأستاذة سهام القحطاني، ومساهمتها بورقتين متميزتين.
وقُدمت في هذا المحور أوراق عن: أسئلة التنوير ومرجعياته، وقراءات في عدد من الكتب المهمة، مثل: كتاب خواطر مصرحة، بصفته شرارة التنوير الأولى في الواقع المحلي، وكتابي المرصاد ومرصاد المرصاد، وكتاب التيارات الأدبية في قلب الجزيرة العربية، وكتاب الكتابة خارج الأقواس، وكتاب ثقافة الصحراء، وكتاب حكاية الحداثة في المملكة، بجانب قراءات عن إرهاصات الحداثة، وخطاب التنوير في المناهج الدراسية، والحداثة بين خطابين، وخطاب التنوير الشعري، وخطاب التنوير في القصة القصيرة، وخطاب التنوير في الرواية، والتنوير في الخطاب المسرحي والدرامي والإذاعي، ودلالات التنوير النقدي والإبداعي. وتقوم الجماعة حاليًا، بالعمل على إصدار أوراق ومداخلات هذا المحور في إصدار خاص قريبًا.
المحور الثالث: عام (2005/2006م)، (خطاب الأنا والآخر في سياق الآداب والفنون). وكان أيضا من المحاور الحافلة. ب (13) ندوة؛ ضمت (5) باحثات و(10) باحثين. وفي بعض الجلسات قُدمت ورقة مشتركة أو ورقتان عن موضوع واحد. وقُسم هذا المحور إلى ثلاثة أقسام:
أولا: مفاهيم عامة:
وشملت قراءة في مصطلحي الأنا والآخر، والعلاقة التاريخية بين العرب والغرب، وخطاب الأنا العربية بين التقليل والتضخيم، وخطاب الآخر استعلائي أم براغماتي، وصورة الآخر في الإعلام الغربي.
ثانيا: الأنا والآخر في الآداب والفنون:
وبَحَثَ الآخر في الشعر العربي، والآخر في الرواية العربية، والشخصية العربية في الرواية الغربية، والشخصية العربية في الشعر الغربي، والأنا والآخر في الفنون البصرية، والأنا والآخر في السينما.
ثالثا: مستجدات العلاقة بين الأنا والآخر: وضم الهوية العربية بعد(11) سبتمبر، والعلاقة بين الحضارات: حوار أم صدام.
المحور الرابع: عام (2006/2007م)، (حضور المجتمع السعودي في الرواية العربية). تغيرت فيه الطريقة، فمع أن عدد الندوات تقلص إلى (6)، تبعًا لطبيعة الموضوع، ولكنه تميز بطريقة غير مسبوقة، وهي أن يُقدم في كل جلسة ورقتان أو ثلاث أوراق مختلفة عن رواية واحدة. وشملت الأسماء (6) باحثات، و(8) باحثين. وقرئت فيه روايات (نجران تحت الصفر) للفلسطيني يحيى يخلف، و(براري الحمى) للأردني إبراهيم نصر الله، و(الطريق إلى بلحارث) للأردني جمال ناجي، و(البلدة الأخرى) للمصري إبراهيم عبدالمجيد، و(مسك الغزال) للبنانية حنان الشيخ. ونُشرت أوراق هذا المحور في عدد خاص من دورية (الراوي).
المحور الخامس: (2007/2008م)، الآخر في الرواية السعودية. وضمت (8) ندوات، ل (3) باحثات، و(8) باحثين، وبعض الندوات، قُدمت فيها ورقتان عن رواية واحدة. وشملت القراءات روايات محلية متنوعة كتبها رجال، مثل: شرق الوادي، ونباح، وفخاخ الرائحة. وروايات كتبتها النساء، مثل: سيدي وحدانة، وبعد المطر دائما هناك رائحة، والبحريات. ونُشرت أوراق هذا المحور، في عدد خاص من دورية الراوي.
المحور السادس: عام (2008/2009م)، (حوار مع شخصية). كان تجربة جديدة، واعترضها اعتذار بعض الشخصيات المدعوة، في آخر لحظة.
ولكن الأمر لم يخلُ من المواقف التي يمكنُ الإشارة إليها، ومنها المعركة الإعلامية التي قامت بعد الندوة الأولى، بين الشاعر محمد العلي، والدكتور عبدالله الغذامي. ومنها أيضًا ما ذكره الدكتور تركي الحمد من (أن المد الصفوي السياسي، وحكم الملالي الإيراني أخطر على المنطقة من إسرائيل على المدى البعيد، فالملالي يبحثون عن مكاسب خاصة تؤدي إلى فتنة طائفية).
وعارضه في ذلك بعض الحضور آنذاك، وظهر من يقول: كيف تساوي بين المد الصفوي، والخطر الإسرائيلي؟ وإذا نظرنا إلى ما يجري في المنطقة حاليًا، ربما نجد أن تحليل الدكتور الحمد، لم يكن ضربًا من الخيال، فقد تأكد أن كلًا من الخطرين قائم، ولا يمكن أن يُغطي أحدهما على الآخر.
المحور السابع: عام (2009/2010م)، (علاقة المثقف بالسلطة في الثقافة العربية). وذلك للانتقال بالطرح إلى أفق جديد، وكان من المتوقع أن يواجه هذا المحور مشكلات جمة، وكثير من سوء الفهم بالنظر إلى عنوانه، مع أن الجماعة كانت تؤكد أن قصدها التأصيلُ المعرفي، حول السلطة بمفاهيمها العامة والعميقة، التي تنتجها أنماط السلطة وأشكالها المختلفة، السياسية والثقافية والاجتماعية؛ في حين كان كثير من المتحمسين، يطلبون طرحًا سطحيًا، يستجيب لدواعي الإثارة، والمناطحة المجانية، بالاتكاء على السلطة بمفهومها الضيق، والمثقف بمفهومه النمطي.
وهذا المحور اشتمل على عدة ندوات مهمة، الأولى عن (علاقة المثقف بالسلطة في المجتمع العربي القديم في ضوء الدراسات الحديثة)، والثانية لم تعقد، وكانت عن (بن حنبل والمعتزلة)، والثالثة عن (الحلاج وفلسفة التصوف)، والرابعة عن (بن رشد والتيار المضاد)، والخامسة عن (طه حسين وخطاب التنوير). ولم يخل هذا المحور من الاعتراضات، وبخاصة في موضوع فلسفة التصوف، لأن بعض الحضور، لم يقبلوا من عبده خال، التشكيك في معجزات الحلاج، باعتبارها من كرامات مشايخ الطرق الصوفية، ولكن روحية الحوار توصلت إلى أنه في مثل هذه القضية يصعب الفصل، في أين تنتهي الكرامات وأين تبدأ الخُزعبلات، فهي من القضايا التي يختلط فيها عادة قراريطُ من الحق مع قناطير من الباطل.
(3)
وقبل الختام، ربما تلاحظون، أنني تعمدت أن تأخذ هذه الورقة ملمحًا توثيقيًا إحصائيًا، للتنبيه على قضية هامة تنقص ساحتنا الثقافية، وهي غياب الإحصاءات الثقافية، إذ لا تتوفر إحصاءات أو مؤشرات عن أكثر النشاطات الثقافية؛ ولعله يوجد في وزارة الثقافة، أو الأندية الأدبية، من يتصدى لجميع بيانات الثقافة ومعالجتها، وإعدادها للنشر، لأن إهمال مثل هذه الإحصاءات، يجعل المشهد الثقافي ضبابيًا، ويصبح قياس العمل الثقافي متعذرًا، ما لم تتوفرْ معلومات وبيانات إحصائية دقيقة وموثوقة، تعكس واقع الإنجازات الثقافية، ويمكن الاستفادة في هذا الخصوص، من تجربة معهد اليونسكو للإحصاء، وحسب علمي أن هذا المعهد سبق أن عقد ورشة تدريبية عام 2009م، في مدينة الدوحة، بالتعاون مع مجلس التعاون الخليجي، ولكن لم تظهرْ نتائج ملموسة حتى الآن.
وفي الختام فإن تأثير جماعة حوار، لم يقتصر على ما يدور داخل ملتقياتها، أو ما ينشر عنها من متابعات إعلامية، بل يتعدى إلى الأبواب التي فتحتها، والجو الذي أشاعته، ولعل أول من استفاد من ذلك عضوات وأعضاء الجماعة أنفسهم، بما أصدروه خلال الفترة الماضية من عشرات الكتب والروايات، التي اقتنصت إحداها جائزة البوكر الدولية للرواية العربية في العام الماضي.
وأخيرًا فإنه يمكننا القول بأن الواقع الثقافي المحلي، بعد هذه السنوات، صار أرحب وأغنى، والالتفاف الجماهيري أوسع وأوضح، ولعل ملتقيات جماعة حوار ساهمت في ذلك، وكانت منبرًا بارزًا، من منابر هذا الحراك الثقافي الذي صار يشمل أغلب مناطق المملكة، وما زال مساره في نشر الوعي والمعرفة وقيم الحوار الإيجابي، يتصاعد يومًا بعد يوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.