أشار الدكتور محمد نجيب العمامي أستاذ المشارك بجامعة القصيم إلى أن المأخذ الأساسي على الرواية الواقعية يتمثّل في عجزها عن تجديد أساليبها، وتوسّلها لقواعد كتابة تبسّط الواقع وتسطّحه؛ حيث تنفي أي دور للقارئ في الإسهام في إنتاج معاني النص، مبينًا أن عدة روايات ظهرت في مجال الرواية العربية المعاصرة وهيمنت على الساحات، مثل روايات إدوار الخراط وصنع الله إبراهيم وجمال الغيطاني وإلياس خوري وجبره إبراهيم وفرج الحوار وصلاح الدين بوجاه ومحمد براده، لانتمائهم إلى ما يعرف بالحساسية الجديدة أو التجريب أو الرواية الحداثية، جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها بأدبي المدينةالمنورة أمس الأول بعنوان “هيمنة الخطاب الواقعي على السرد العربي الحالي”، أوضح في سياقها أن نجيب محفوظ هو الروائي العربي الذي استطاع أن يكتب في مذاهب كثيرة للرواية خلال عدة قرون، كما أسهب العمامي في توضيح الخطاب الواقعي من حيث منطلقاته ومقوماته وحقيقته. كما تطرق إلى ترسيخ الحكاية في الوقع أو تجذيرها بما يقتضي ترسيخ الأحداث في الواقع بأن تكون الأحداث عجيبة لا أسطورية أو خيالية وإنما من جنس الأحداث التي تحصل للبشر في الواقع مستشهدًا برواية “خاتم” لرجاء عالم، منوّهًا إلى أن هيمنة الكتابة الواقعية ظاهرة لفتت نظر بعض الدارسين العرب ومنهم محمد القاضي، وسعيد يقطين الذي استشهد بقول لروجر ألن حول الشهرة المنقطعة النظير التي لقيتها روايات “ذاكرة الجسد” لأحلام مستغانمي وعمارة “يعقوبيان-” لعلاء الأسواني، و”بنات الرياض” لرجاء الصانع، رغم ظهورها في مناطق مختلفة من العالم الناطق بالعربية وتوسل أصحابها بمقاربات سردية متباين بعضها عن بعض حيث انها نأت بنفسها عن الغموض والألغاز والتعقيد، مبينًا أن يقطين أرجع هيمنة الخطاب الواقعي إلى سببين هما التأثر بالغرب وما اسماه في موضع آخر “إغراقًا في التجريب” بالنسبة إلى الرواية التي سعت إلى تعويض الرواية الواقعية وتقويض أسسها، خلافًا لرأي القاضي الذي حمّل مسؤولية تقهقر الرواية العربية وارتدادها إلى أساليب الكتابة الواقعية أطرفًا عديدة متمثلة في الروائي والقارئ والناقد والناشر والغزو الثقافي. وتوصل العمامي إلى أن هيمنة الرواية الواقعية الحالية تعود إلى مقومات الخطاب الواقعي من تجذير للحكاية في الواقع وشفافية الخطاب ووضوحه وكثافة الأخبار وإيهام بامحاء الذات الرواية وهي ترد أيضًا إلى القارئ المنشغل بواقعة وما فيه من سلبيات وإلى الروائي الباحث عن التأثير في المجتمع مما يحمله على تغليب الرسالة وعلى التضحية بهاجس البحث عن أشكال تعبير جديدة، متوقعًا أن الرواية الواقعية ستواصل هيمنتها ما لم تتغير الظروف التي أسهمت في هذه العودة وتلك الهيمنة.