أكد سماحة المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارات البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن خطبة الجمعة توعية للمجتمع، وتبصير للأمة، وهداية لهم، وإرشاد لهم، وأخْذٌ بأيديهم لما فيه الخير والصلاح والهدى، خطبةٌ جاءت لتنوير البصائر، وإيقاظ الهمم، وإرشاد الناس بعد غفلتهم، وتنبيههم إلى ما ينفعهم في أمر دينهم ودنياهم، ومعالجة المشاكل التي تهدّد أمْنَ الفرد والمجتمع، ووضْعِ الحلول المناسبة لها، وتنبيه الناس -ولاسيما الشباب- إلى ما يقعون فيه من المعاصي، والمنكرات، والبدع، والخرافات، ولهذا جُعلت الخطبتان شرطًا لصحة الجمعة، فلا جمعة صحيحة إلا بخطبة. ووصف سماحته خطبة الجمعة بأنه عظيمة لها أهمية كبيرة في الإسلام، ونفعُها عظيمٌ، فهي شعيرة من شعائر الإسلام، تشهدها الملائكة، وهي من أهمّ مجالات الدعوة إلى الله وأنفعها، فإذا نظرنا إلى مميزاتها وجدناها منبر التوجيه والإرشاد، وذكر الله، كما سماها الله تعالى بقوله: “فاسعوا إلى ذكر الله”، يشترك في الاستماع لها العالم، وطالب العلم، والجاهل، يشهدها الصغير والكبير على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم، إنّ كلَّ مهمةٍ، أو كلَّ علمٍ ترى صاحبَه يخصُّ به فئةً معينةً، ويستفيدُ منه جماعةٌ معينةٌ، وطلابٌ معينون، لكن الجمعة أعمُّ من ذلك، يلتقي فيها المسلمون على اختلاف طبقاتهم العلمية، وثقافاتهم، ومداركهم، يجتمعون ليسمعوا توجيهَ الخطيب، وإرشادَه، ونصيحتَه لهم، وسنجني ثمارَها الطيّبة، وآثارَها الحسنة على المجتمع، وعلى الفرد، حيث يستنير فكرُه، وتتوسّع مداركُه، ويهتدي إلى الطريق المستقيم. جاء ذلك في صفحات الكتاب المعنون ب “نصيحة للخطباء” الذي أصدرته الإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلام بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لسماحة المفتي العام للمملكة ضمن سلسلة الكتب التوعوية التي تصدرها الإدارة تباعًا. وقال سماحته: إننا في زمن نواجه إعلامًا جائرًا، وتحديات من أعدائنا ضد ديننا، وضد قيادتنا، وضد أمننا، وضد رخائنا، وضد اجتماعنا ووحدتنا وتآلفنا على الخير، هناك دعاية ضالة وآراء شاذة، وحملات إعلامية جائرة، فلابد للخطيب أن يكون واعيًا في كل أمر يضرّ بالأمة فيُحْذِّرُها من الشرور، ومن الأفكار المنحرفة، والآراء الشاذة والعقائد الباطلة، والدعوات المضللّة، والبدع والخرافات، لكن بضوابط شرعية، فيتجنّب النقد اللاذع، والعبارات الجارحة، مبتعدًا عن المبالغة، أو التشهير بذكر أخطاء أناس بأعيانهم، وإنما يكون بمثابة ناصحٍ موجِّهٍ مقتدٍ بنبيه الذي يقول في مناصحته لبعض الناس والإنكار عليهم، فيُعَمِّمُ: «ما بال أقوام قالوا كذا وكذا»، «ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله». وشدد المفتي العام على أن الطريقة المثلى في تقويم السلوك وتهذيب الأخلاق في التكنية لا التصريح، فالخطيب لا يليق به ذكرُ أسماء معيّنة، ولا أشخاص معيّنين، ولكن مهمته إيضاح الحق، ودحض الباطل، فيعالج القضايا علاجًا شرعيًا على منهاج الكتاب والسنة، فليس الخطيب سبّابًا، ولا شتّامًا، ولا مشهّرًا، ولا شامتًا، ولا صاحب أقوال بذيئة، ولا يرغب في التفاف الغوغاء حوله؛ لكونه -كما يزعمون- شجاعًا وصريحًا، الشجاعةُ مطلوبةٌ، والصراحةُ مطلوبةٌ، لكن الشجاعة الحقة هي أن يقول الحق الواضح ويدلّل عليه، وأن يكون هدفُه إصلاح الأخطاء لا التشهير بها، وتقليل الأخطاء لا تكثيرها، ودحض الباطل لا انتشاره، فلا يغيِّر منكرًا بمنكر، وإنما يغير المنكر والأخطاء بالمعروف، والحق، والصدق، وإجلاء الحقيقة للناس. وقال سماحته: إننا نواجه فكرًا إرهابيًا عَمَّ كثيرًا من أقطار العالم الإسلامي، فلابدّ أن نعالج هذا الفكر الإرهابي على ضوء الكتاب والسنة في خطبنا بين آنٍ وآخر، فنوجّهَ أفراد المجتمع، ونحذِّرَهم من المزالق والمهالك، ومن الانجراف في الباطل، ونأخذَ بأيديهم لما فيه خيرُ وصلاحُ دينهم ودنياهم، لاسيّما في هذا الزمان الذي انتشرت فيه الفتن، والبدع، والخرافات، وكثرت فيه المغريات، وعَمَّ فيه الجهل، وتنوّعت وسائل الشر والفساد، ونشط فيه دعاة الباطل والضلال بتشجيع ودعم من أعداء الإسلام وأعوانهم الذين استغلّوا ضعف المسلمين وجهلهم. الجدير بالذكر أن هذا الإصدار هو الإصدار الرابع عشر ضمن سلسلة الكتب العلمية التي أصدرتها الإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلام بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على مدار السنوات القليلة الماضية، حيث حملت الكتب السابقة العناوين التالية: كن داعيًا، المصالح العليا للأمة وضرورة رعايتها والمحافظة عليها، الوسطية والاعتدال وأثرهما على حياة المسلمين، منهج أئمة الدعوة في الدعوة إلى الله، فقه الأزمات،المرأة الداعية وتنويع أسلوب الخطاب الشرعي،الفتوى بين مطابقة الشرع ومسايرة الأهواء، الضوابط الشرعية لموقف المسلم من الفتن، الآثار الحميدة للدعوة الإسلامية، من أصول الدعوة،وتأصيل المنهج الدعوي في ضوء الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح، ومقاصد السور وأثر ذلك في فهم التفسير. وتوجيهات للأئمة والخطباء، إضافة إلى سلسلة من المجلات، والمطبوعات المتنوعة التي تصدرها الإدارة تباعًا في مختلف المناسبات والفعاليات التي تنظمها الوزارة، أو تشارك فيها حيث تجاوز عددها مليون ونصف المليون مطبوعة. ما بين كتاب، وكتيب، ونشرة ومجلة.