* في كتاب من الحجم الكبير، ستمائة وست عشرة صفحة يبحر الصديق الدكتور فهد العرابي الحارثي في محيط عربي مليء بالإحباطات ومشاعر اليأس وظلامة الجهل يسعى إلى “ملامسة تحديات العصر ومشكلات العرب مع تلك التحديات.. الكثيرة والكبيرة... والعميقة والملتهبة”. * ومن صفحة العنوان “المعرفة قوة والحرية أيضًا” وعلى مدى ثلاثة عشر فصلًا يكتشف القارئ أنه يتجاوز حقول ألغام ويتخطى عوائق أوجدتها ذهنيات عربية مُتكلِّسة تأبى الانعتاق من روتينها وتحجُّرها الفكري. وهكذا حال خلق واقعًا عربيًا محبطًا لكل المنتمين له ودفعهم إلى مراتب خلفية في مسيرة التقدم الإنساني المعاصر. وهو ما دفع كما يقول الدكتور فهد “الإنسان العربي إلى حالات متقدمة من الإحباط واللامبالاة والاكتئاب الشديد فانعزل عن همومه الوطنية والقومية ورضى بالانهزام والانكسار والانطواء”. * ومثل هذا الإنسان لا يمكن له بأي حال من الأحوال أن يكون منافسًا أو حيًا على أقل تقدير، فحياته ليست سوى تمضية وقت وعيش على هامش التاريخ ومسيرة التنمية الإنسانية الفاعلة والحقيقية. بل إن مثل هذا الإنسان هو في أمس الحاجة إلى علاج نفسي وبدني وهو دافع إلى خلق مجتمع مريض غير قادر على الإطلاق على التطور أو حتى المسير!! * وفي رؤية استشرافية من واقع حكمة تعلمها تقول: “المستقبل ليس هدية.. المستقبل إنجاز” يتفق الدكتور فهد مع أحد الباحثين من “أن النظام الاقتصادي والاجتماعي المختل في حاجة إلى هيكلة جديدة تضع نصب عينها تنمية الإنسان والارتقاء به وتفجير طاقاته وإمكاناته. فالرفاه الذي يدخل من باب ثقافة الإنتاج وتنمية القيم المفضية إليه هو شيء آخر مختلف تمامًا عن الرفاه الذي يداهمنا من أبواب الاستهلاك والكسل”. * المحزن أن المجتمع العربي بأسره وبدون استثناء هو مجتمع كسول واستهلاكي بدرجة مرعبة ويقتات بدون خجل مما تنتجه عقول أبناء ثقافات إنسانية أخرى معاصرة له حتى في أدق الأمور. وعدم الإنتاجية العربية خلق واقعًا مزريًا في الفضاءات العربية بأسرها. “فرغم، كما يقول المؤلف، غزارة ثروات العرب إلا أن مجتمعاتهم تعاني من أسوأ وأرذل أنواع الفقر، لأنه فقر القادرين على الثراء فيما لو قدر لهم أن يبنوا تصورًا أكثر صلابة للمستقبل”. * المستقبل الذي يطالب به الدكتور العرابي هو “المستقبل المبني على العلم والمعرفة” وهذه في إيماني اليقيني مسلمة حياتية للإنسان المتنور والمتطلع إلى مزاحمة ومنافسة الآخرين المقاعد الأمامية أما ما يحدث في عالمنا العربي فهو بعيد كلية عن هكذا رؤية ولهذا فهو يعاني من مشكلات لا حصر لها. فاكس: 6718388 – جدة [email protected]