وزارة التربية هي عبارة عن أسرة كبيرة جدًا ترعى 5000000 طالب وطالبة. وإذا أرادت هذه الأسرة أن تخطط لمستقبل أبنائها، فلابد أن تعد الأم لتكون شريكًا رئيسًا مؤمنًا برؤية ورسالة الأسرة، شريكًا حقيقيًّا في التخطيط والتنفيذ. والأسرة الكبيرة وزارة التربية معنية بالمرأة؛ كونها معلمةً، وأمًّا، ومربيةً للطالبات صباحًا، وأمًّا ومربيةً للطلاب مساء من خلال أبنائها. وكونها أمًّا ومربية للطلاب والطالبات مساءً من غير منسوبات الوزارة. إذًا وزارة التربية تمتلك كنزًا ثمينًا وفرصةً عظيمةً لتحقيق رسالتها، ويمكن تصنيف هذا الكنز إلى ثلاث شرائح: - شريحة يمكن استثمارها مباشرة، وهي شريحة منسوبات الوزارة حاليًّا من المعلمات ومديرات المدارس والمشرفات التربويات. - وشريحة يمكن استثمارها بشكل غير مباشر على المدى المتوسط، وهي شريحة الأمهات للأبناء والبنات من غير منسوبات الوزارة. - وشريحة يمكن استثمارها على المدى البعيد، وهي شريحة الطالبات أمهات ومربيات المستقبل. وبهذا فإن لدى وزارة التربية شريكًا إستراتيجيًّا مهمًّا جدًا، ويحتاج إلى إعادة النظر في كيف يمكن استثمار دور المرأة في التربية، وليس فقط كموظفة. وإن من الشعر لحكمة، وقد أصاب الشاعر كبد الحقيقة في صدر بيت شعره (الأم مدرسة إذا أعددتها).. ويجب أن تبدأ الوزارة من هنا. ونتساءل كيف يمكن لوزارة التربية أن تتبنى الشراكة الإستراتيجية مع المرأة كمربية من خلال الشرائح الثلاث، وعلى المدى القصير، وأركّز على المدى المتوسط كشريحة أكبر وأكثر تأثيرًا في تربية البنين والبنات، وسيصبح المدى البعيد حتمية متى ما أخذ هذا في عين الاعتبار في تطوير المناهج، وإعداد الخطط والبرامج التي تجعل منها شريكًا إستراتيجيًّا. ونتساءل كم من أمهاتنا، أو نسائنا، وقد يكون معلماتنا مَن لديها اطّلاع على رؤية الوزارة، أو سياسة التعليم وأهدافه وخصائص النمو أو علم النفس التربوي أو بعض الأسس في التربية ومناهجها، أو بعض الأساليب والمهارات في اكتشاف ورعاية الموهبة والإبداع، وتنمية مهارات التفكير لدى الأبناء والبنات، وهل لديهن معرفة بملامح خطة مشروع تطوير التعليم التي يتبناها خادم الحرمين الشريفين. وهل ما تغرسه الوزارة صباحًا من قيم ومبادئ وأفكار ومهارات تُعنى الأم بسقايته مساء، ولديها القدرة والمعرفة بحمايته من الآفات الضارة التي تغزوه من الفضاء في سمعه وبصره وعقله، وما هو واقع الحال في العلاقة الحالية بين مدارسنا وأمهاتنا، وهل لا زالت مجالس الأمهات والتقارير الشهرية والفصلية بصورتها الحالية هي وسيلة التواصل التقليدية؟ خلاصة: نؤمن بمقولة (إن المرأة نصف المجتمع، وتربي النصف الآخر)، فإذا أرادت وزارة التربية والتعليم، وهي معنية أولاً بالتربية، فلديها فرصة عظيمة وكنز ثمين لتطرح السؤال العريض: كيف نستثمر هذا النصف المؤثر في الكل، وتبحث عن إجابته في مؤسساتنا البحثية التربوية بمشاركة المرأة ذاتها. والله من وراء القصد أحمد سعيد الحريري - جدة