يقود ارتفاع اسعار المواد الغذائية واقامة العزائم والولائم الاسر السعودية إلى البحث عن بدائل، حتى تتمكن من الحفاظ على العادات الاجتماعية التي اعتادت عليها الاسرة. وتتخذ بعض الاسر السعودية في ظل ارتفاع اسعار السلع الغذائية، وتكاليف اقامة الولائم التي تتم خلال التجمعات العائلية إلى اتخاذ الاستراحات وتقسيم فاتورة الوليمة على الحاضرات وسيلة لمنع اختفاء تلك العادة التي يرى الكثيرون انها فرصة للالتقاء العائلي. وترى ربات بيوت أن الاستراحات والبعد عن المنازل فرصة للهروب من غلاء “المباشرة” التي ترهق ميزانية الاسرة . تقول لمياء الطويرقي (موظفة): اعتدنا في المناسبات أن نجتمع في الاستراحات لانها تلائم اعداد الاسرة، ومن ناحية اخرى تفاديا لارباكات المنزل التي تحدث عادة بعد كل وليمة او تجمع لافراد العائلة، إضافة إلى الخروج من الاجواء التقليدية للمنزل تشعر المجتمعون بالتغير . وتؤكد الطويرقي إن الجميع يشاركون في دفع الإيجار، وكل عائلة تسهم في احضار مالديها من اطباق مفضلة كنوع من المشاركة في هذا التجمع العائلي، فالكل يشارك ، وهذا على عكس التجمعات التي تحصل في المنزل، إذ لا تستطيع ربة البيت الجلوس مع ضيوفها، للقيام بالمباشرة وإعداد ما سيقدم لهم وجلب الشاي والقهوة وغيرها من الضيافة (المباشرة) والتي قد ترهق ميزانية الأسرة. وتضيف: تتكلف الاسرة المضيفة فوق طاقتها حيث تبلغ تكلفة الضيافة دون عشاء من150-200 ريال لزيارة الواحدة، وإذا كان هناك عشاء، فيصل المبلغ الى1000 ريال لعشرة اشخاص، ولكن في الاستراحة فالكل يدفع ويشارك في مبلغ الإيجار والذي لايتجاوز1000-1500 ريال للاستراحة الفخمة و أحيانا مع العشاء. وترى هلا الغامدي “معلمة”، إن فكرة الالتقاء بالصديقات والعائلة خارج إطار المنزل فكرة رائعة وجميلة خاصة للسيدة العاملة فهي بهذه الطريقة لن تبذل مجهودا في التفكير في مباشرة القادمين إليها من الضيوف أو تفكيرها متى ستقوم بتنظيف الصوالين وتخصيص مكانا لجلوس الأطفال ولعبهم، أما التجمع في الاستراحات أراحنا كثيرا من عناء التفكير في هذه الأمور. وتضيف: الفكرة ايجابية، وتعطي شعورا بالاختلاف عن الاجواء التقليدية في المنزل ، فهي فرصة كي نلتقي بإفراد العائلة حتى في بعض الأحيان نجتمع مع الصديقات في تلك الاستراحات لكسر الروتين. وتؤكد صفية النهدي “ربة منزل”: أن الاستراحات أصبحت حلا للزيارات العائلية بدلا من المنازل إذ أن مساحات المنازل اصبحت اقل مما كانت عليه في السابق، ولا تتسع لكثرة الضيوف إضافة إلى تكلفة المباشرة والتفكير فيما سيقدم وهل سيروق للمدعوات ام لا، ناهيك عن الارهاق الذي تشعر به الاسرة المضيفة لترتيب المنزل بعد انتهاء “المباشرة” ومن جهته يرى الدكتور زيد بن محمد الرماني المستشارالاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إنَّ الإسراف مشكلة متعددة الجوانب والأشكال، في مجالات الغذاء واللباس والأثاث والسلع الكمالية. مشيرا إلى ان الإسراف في الغذاء لا يقتصر على الاستهلاك، بل يمتد ليشمل بعض السلوكيات المرتبطة به. وفي هذا الصدد تشير بعض الدراسات التي أجريت في بعض الدول الخليجية أن ما يُلقى ويتلف من مواد غذائية ويوضع في صناديق القمامة كبير إلى حد الذي تبلغ نسبته في بعض الحالات 45% من حجم القمامة. وفي مدينة الرياض أظهرت دراسة أعدتها أمانة الرياض عن نفايات المدينة أن كمية النفايات اليومية لكل فرد من المواد الغذائية تبلغ أكثر من 1060 جراماً. أما الانعكاسات المترتبة على الإسراف الغذائي من الناحية الاقتصادية، فتبرز في ، أن هناك سلوكيات اقتصادية كثيرة في المجتمع تمثل عبئاً اقتصادياً يمكن تخفيفه، وتعدُّ سلوكيات التخمة وإدمان الشراء والاستهلاك الشره والإسراف الغذائي أمثلة لتلك السلوكيات، كما ان أوجه الصرف الباذخ وغير الضروري ينبغي على الأفراد والأسر والمجتمعات إعادة النظر فيها للتخلص من الأنماط البذخية والاستهلاكية المفرطة المتمثلة في مناسبات أفراح أو مآتم أو أعياد، كما ان من المعروف اقتصادياً أن أنسب وسيلة لتقريب القرارات الاستهلاكية للأفراد هي الرشد الاقتصادي في الشراء، اضافة إلى ذلك إن ظاهرة الإسراف الغذائي وتخمة الاستهلاك وعادة الصرف غير الموجّه، من العادات الخاطئة، ساعد على انتشارها بروز العقلية الاستهلاكية في المجتمع وشيوع الثقافة الاستهلاكية بين الأفراد، إلى جانب إغراق السوق بصنوف الكماليات والإعلان عنها بطرق مثيرة، إلى جانب غياب الوعي الاستهلاكي. وللأسف، فإن أكثر ما يشغل تفكير العقلية المستهلكة هو توفير الاحتياجات المادية واقتناء كل ما يستجد عرضه في الأسواق.