تسعى دارة الملك عبدالعزيز إلى خدمة التاريخ الإسلامي مباشرة في عصره الأول، وذلك من خلال حزمة من المشروعات العلمية التي تتبناها وتشرف عليها، ومن تلك المشروعات «الأطلس التاريخي للسيرة النبوية» الذي اضطلعت به الدارة بالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بمشاركة متخصصين في هذا الجانب للإفادة من النتاج الأدبي والعلمي لعلماء المسلمين عبر العصور المختلفة ومواصلة رسالتهم العلمية من خلال تسخير وسائل التقنية الحديثة لخدمة السيرة النبوية وتطوير الأبحاث المتعلقة بها وذلك بالاعتماد على الصور الفضائية، وبرامج نظم المعلومات الجغرافية وتحديد المواقع بالإحداثيات الدقيقة، وبرامج التقنية الحديثة في رسم الخرائط وتصميم البيانات الإحصائية والأشكال الإيضاحية، يساندها التتبع والرصد الميداني المباشر كل ذلك خدمة لهذا المجال العلمي الذي لا يزال بحاجة لمزيد من الدراسة والتوثيق بعد التحقق. ويختص المشروع بإطار زمني محدد يبدأ منذ قدوم إبراهيم الخليل عليه السلام إلى موقع مكةالمكرمة وبصحبته زوجه هاجر وابنه إسماعيل عليه السلام واستقرارهما فيها، ويستمر حتى وفاة الرسول محمد بن عبدالله صلّى الله عليه وسلّم، ويضم النطاق المكاني للمشروع كلاً من مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمواقع المرتبطة بأحداث السيرة النبوية في الجزيرة العربية والبلاد المجاورة لها. ويسعى المشروع إلى تحقيق جملة أهداف تتمثل في: رصد أكبر قدر ممكن من المعالم والمواقع الواردة في السيرة النبوية وتوثيقها بالإحداثيات الجغرافية والصور الفضائية، والخرائط الدقيقة، وتحويل النصوص التاريخية المدونة في المؤلفات المكتوبة إلى مخططات، وأشكال ورسوم بيانية، بجانب اختزال النصوص التاريخية الطويلة في معلومات خرائطية وأشكال إيضاحية، وتوفير مود إيضاحية ووسائل تعليمية ممثلة في محتويات الأطلس من الخرائط والأشكال والصور والرسوم البيانية، تسهم في بناء مناهج السيرة النبوية وتساعد في تدريسها في مختلف المراحل التعليمية وبمختلف اللغات. “الأطلس التاريخي للسيرة النبوية” الذي سيظهر في إصدار إلكتروني وإصدار ورقي خاص مترجم إلى لغات عدة مع نسخ إلكترونية من كل ترجمة، يتكون من ثلاثة أقسام رئيسة يستكتب في جانبها البحثي والمعلوماتي باحثون من داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، ممثلة في العهد المكي ويتناول الفترة المكية من السيرة، والعهد المدني ويتناول الفترة المدنية من السيرة النبوية الشريفة، أما القسم الثالث فيشمل الجوانب الحضارية في العصر النبوي وبخاصة في مركز الدولة الإسلامية. هذا المشروع الذي توليه دارة الملك عبدالعزيز عناية دقيقة واهتمامًا كبيرًا بإشراف عام من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ورئيس مجلس إدارة الدارة، بدأ في مرحلته الثانية بعد أن صمم المشروع وتم إعداد المعلومات العلمية المستهدفة، وتم فحصها من قبل اللجنة العلمية المركزية بالرياض برئاسة معالي الدكتور فهد بن عبدالله السماري أمين عام دارة الملك عبدالعزيز ورئيس المشروع واللجنتين المساندتين في كل من مكةالمكرمة والمدينة المنورة؛ حيث تقوم فرق العمل الآن بالتتبع وبالتوثيق الميداني للمواقع والمعالم المرتبطة بالسيرة النبوية بالإحداثيات الجغرافية الدقيقة والصور الفضائية، والأفلام الوثائقية والصور الفوتوغرافية. وسيمر المشروع بمراحل خمس أخرى قبل الإصدار الورقي والإلكتروني للأطلس: ففي المرحلة التالية سيتم تصميم وإنتاج الخرائط والرسوم البيانية والمخططات والأشكال والصور، وفي المرحلة الرابعة سيتم صياغة المادة العلمية المصاحبة للخرائط والصور والرسوم البيانية، بعد ذلك وفي مرحلة تالية ستقوم اللجنتان العلمية والفنية بالمراجعة التاريخية والجغرافية واللغوية والفنية للخرائط، والصور والأشكال والمخططات وما يتصل بها من معلومات، ثم يتم إعداد الفهارس ومعجم المعالم الجغرافية الملحق بالأطلس، وسيتم في نهاية المشروع طباعة النسخة العربية من الأطلس وإنتاج النسخة الإلكترونية بلغات عدة. وسيلحق بالإصدار -الذي من المتوقع أن يدشن بعد سنتين من الآن- أرشيف للخرائط والصور الخاصة بمواقع ومعالم السير ، وإنتاج فيلم وثائقي عن بعضها بالإضافة إلى قاعدة معلومات عن تلك المواقع والمعالم يتم من خلالها وصول المتصفح إلى أكبر معلومات عن الموقع والمعلم ،ومنها الأبحاث السابقة عنه ،وأحداث السيرة المرتبطة به ،وتحديده والتعريف به.