بعد مرور 35 سنة على صدور لائحة الأندية الأدبية، انطلقت قبل أيام اللائحة الجديدة ب 39 لائحة دقيقة وتفصيلية عن سابقتها، والتي لم تتعد لوائحها التنفيذية والإجرائية حينها 28 لائحة كانت أُعتمدت بقرار رقم 46 وبتاريخ 7/5/1395ه، عندما أبلغ به حينئذ رئيس نادي مكة الثقافي أحمد السباعي بخطاب من مدير إدارة الأندية إبراهيم الشامي برقم 1/1/28/3571 في 16/8/1395ه من الرئاسة العامة لرعاية الشباب وبتوقيع صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله تعالى- الرئيس العام لرعاية الشباب في تلك الفترة، ثم استقلت المناشط الأدبية والثقافية وكوّنت أندية أدبية تتبع لوزارة مستقلة ممثلةً في وزارة الثقافة والإعلام والذي تعاقب على حقيبتها الوزارية عدد من الوزراء وحالياً معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة. “المدينة” وبمناسبة صدور اللائحة الجديدة للأندية الأدبية، استطلعت آراء عدد من المسؤلين بالأندية الأدبية والمختصين حول اللائحة الجديدة، وكيف يرونها، وما الفرق بينها وبين اللائحة القديمة، وكيف يمكن أن تكون الأندية الأدبية ملبية لتطلعات المثقفين والمثقفات، وكيف يمكن أن تلتقي رؤية المثقفين واللجنة الوزارية حول شروط قبول عضوية العامل إذ كانت شروط المثقفين مقترنة بالمنتج الأدبي فيما اشترطت الوزارة المؤهل، وماهي المطالب التي يرتأيها المثقفون ولم ترد في اللائحة الجديدة.. النمط الموحّد بداية يشير رئيس نادي المدينة الأدبي الدكتور عبدالله العسيلان بالقول: بذلت الأندية الأدبية جهودا كبيرة في إعداد اللائحة الجديدة، حيث شكّلت لجنة من الأندية لدراستها واجتمعت عدة اجتماعات، انتهت فيها إلى وضع مسودةّ للائحة، وكان لوزارة الثقافة والإعلام مشاركة فعالة في فترة الإعداد، وهاهي اللائحة تخرج في صورتها النهائية بعد أن اعتمدها معالي الوزير، ومنذ فترة والأندية الأدبية تترقب صدور هذه اللائحة التي توحد أنماط العمل في الأندية الأدبية من النواحي الثقافية والإدارية والمالية، بدلاً من الوضع السابق الذي كانت الأندية فيه متفاوتة من هذه النواحي، وكان كل ناد يعمل باللائحة الداخلية الخاصة به، ولاريب أن هذه اللائحة الجديدة سيكون لها دور واضح للنهوض بالأندية الأدبية حتى تؤدي دورها الريادي في خدمة الثقافة والأدب في بلدنا العزيز. القالب الجديد أما الشاعر وعضو اللجنة والتي وضعت المسودة النهائية للائحة الأندية الأدبية الجديدة حسن الصلهبي فيقول: بالنسبة لمجالس الإدارات الحالية فإنه يقف على عاتقها دور كبير جداً في تفعيل هذه اللائحة وفي محاولة تفعيلها بشكل أساسي لخدمة المشهد الثقافي بشكل حقيقي وفعّال، وأرى أن المعايير والتي وضعتها اللائحة كانت منفتحة وإيجابية إلى حد ما، والدور المنوط يقف على مجالس الإدارات، بحيث تهيئ أجواء صحيّة للمثقفين، لكي يحقق طموحات المثقفين وتطلعاتهم.. هذا من جانب، أما من جانب آخر فيتوقف على المثقفين أنفسهم حيث ينبغي أن يكون لديهم وعياً جديداً يتناسب مع المرحلة الجديدة المقبلة، وهي مرحلة الانتخابات، ذلك الوعي والذي يترك الأنا ويضعها بعيداً وينظر إلى المشهد عموماً بما ينظر إليه عموم شرائح المجتمع بشكل عام، ويسعى من خلال ذلك إلى تحقيق المنجزات والطموحات والتي يحتاجها الوطن، وأما عن الأشياء التي لم ترد في اللائحة برغم أنني أرى شموليتها، ولكن هناك أمور لا تكاد تُذكر، ومنها أننا نرى كمثقفين أن تقوم الوزارة بتفعيل دورها في متابعة أداء عمل مجالس الإدارات، وهذا هو مطلب ملح، فإصدار اللائحة شيء جميل بحد ذاته ونجحنا فيه بعد أن تم الانتهاء منه ولم يتبق سوى التفعيل لهذه اللائحة. المؤهل كشرط وأشار رئيس نادي الطائف الأدبي الثقافي حماد السالمي إلى أن اللائحة الجديدة تقدم آفاقاً أوسع للفعل الثقافي، وهذا واضح من البنود المتعلقة بالجوانب الإدارية والمالية، وكيفية تنظيم العلاقة بين الأدباء والمثقفين وبين مؤسسات ثقافية تتمثل في الأندية. وقال: على كل حال فاللائحة الجديدة تتفوق على سابقتها كونها تستهدف تحرير وتحقيق مصطلح ثقافة، فالنادي الأدبي الذي كان لا يعرف من النسق الثقافي إلا الشعر والنثر، أصبح اليوم يرعى كافة الجوانب الثقافية.. شعرية ونثرية وفنية وخلافها، وكما قلت سابقاً فإن اللائحة الجديدة تسعى إلى ضم أكبر عدد من المثقفين إليها، وجاءت عضويات الجمعية العمومية في المقدمة لتعلن أن المثقفين هم المعنيون باختيار من يدير ويحرك مؤسساتهم الثقافية بالترشح والانتخاب، ثم زادت على ذلك عضويات المشاركة والعضويات العاملة، ونفهم من ذلك أن الوزارة تنتظر من هذه الأندية وهذه المؤسسات الانفتاح على المجتمع واستيعاب الكفاءات التي تقع في محيطها، وأن تتحول إلى بيوت لكل من ينتسب إلى الأدب والثقافة، وأعتقد أن المؤهل كشرط، إنما هو أداة مكملة لقبول عضوية مثقف صاحب منتج علمي يؤهله لدخول بيت المثقفين، وإلا فإن عدداً كبيراً من حاملي المؤهلات الأكاديمية، وفي اللغة العربية ذاتها، لا يظهر عليهم أية صلة بالأدب والثقافة، ولا يُحسن بعضهم كتابة سطر واحد بلغة سليمة، وعلى العموم فاللائحة تفوّض مجلس الإدارة بداية تقييم هذا المؤهل، وهذه نافذة تفتح نحو الاختيارات السليمة والصحيحة التي تقود إلى نسبة مفيدة بين العضو والجمعية العمومية. وأضاف السالمي: لا أدري عن مطالب الآخرين، لكني كنت أطمح في شفافية عضوية المرأة من عدمها، فأنت تستطيع أن تقرأ اللائحة قراءة ذكورية بحتة فتقول: أين المرأة فيها .. ليس لها وجود!، بدليل عدم ذكرها تحديداً، وأيضاً تستطيع أن تقرأها قراءة أنثوية فتقول: نعم.. المرأة موجودة.. بدليل عدم نفيها، ثم قد تقرأها قراءة بين قراءتين فتقول: صيغة الخطاب الذكوري فيها لا تخرج الأنثى منها ! وهكذا دواليك، ولذا أنصح الأديبات والمثقفات في بلادي أن يطالبن بمواد تفسيرية ملحقة تصدر فيما بعد وتتضمن بشكل صريح وواضح حق المرأة في عضويات مجالس الإدارة والجمعيات العمومية في الأندية، وإلا .. فهناك من يتربص بهن، وسوف يُقصين ذات يوم، لأنه لا شيء واضح يعطيهن الحق في عضويات الأندية. قفزة ثقافية من جانبه قال رئيس نادي الباحة الأدبي حسن الزهراني: بداية يجب أن نجزل الشكر لكل من ساهم في إخراج هذه اللائحة بعد انتظار الوسط الثقافي الطويل، ولن ننسى هنا جهود الدكتور عبد العزيز السبيل الذي بدأ هذه الخطوة الجريئة، ثم أن وزيرنا الأديب والمثقف الدكتور عبدالعزيز خوجة أخرج هذا المنجز إلى النور بجهود موفقة من وكيل الوزارة الدكتور عبد الله الجاسر ومدير عام الأندية الأدبية عبد الله الأفندي، أما ما يتعلق بالفرق بين اللائحة القديمة والجديدة، فالحقيقة أن بعض بنود اللائحة الجديدة يعتبر قفزة ثقافية رائعة، خصوصا فيما يخص تكوين الجمعية العمومية والانتخابات التي ستقطع ألسنة منتقدي الوزارة في قضية التعيين، وهناك الكثير من البنود كانت في اللائحة السابقة حتى وإن طرأ عليها بعض التعديل الطفيف.وبالتأكيد فإن بنود هذه اللائحة ستجعل الأندية الأدبية ملبية للكثير من تطلعات المثقفين الذين يبحثون عن فضاء حر للإبداع، أما ما يخص تلبيتها لحاجة الأندية الأدبية نفسها، فهي فعلاً ستجعل من الأندية مؤسسة مدنية تنطلق بحرية وفق ضوابط مرنة، حيث رأينا أن بعض الفقرات تترك للأندية حرية تنفيذها، وأما ما يخص المؤهل والمنتج الأدبي فقد ورد في اللائحة أن العضوية العاملة يشترط فيها أن يكون العضو سعودياً لا يقل عمره عن 20 سنة وأن تتوفر فيه أحد الشرطين المؤهل العلمي الذي يحدده مجلس الإدارة أو أن يكون قد أصدر كتابا أدبيا مطبوعاً فأكثر ومن حق الوزارة ذلك من الناحية التنظيمية حتى لا يكون الأمر مطلقا وبيفتح الباب لكل دعي، وإلا فنحن نعلم إن الثقافة ليست بالمؤهل ولا بالمنتج الأدبي، فكم من المثقفين والمبدعين أغدقوا على الساحة إبداعاً دون هذين الشرطين، ودعنا لا نتعجّل في طرح المرئيات التي لم ترد في اللائحة، لأننا من خلال التطبيق والممارسة سنرى ما يحتاج إلى تعديل أو تثبيت أو إضافة أو حذف، وكل ما نتمناه هو أن تكون الانتخابات نزيهة وبعيدة عن أي تأثيرات أو محسوبيات أو ضغوط أو ما شابه ذلك، ودعني أقول إنني متفائل جدا لأننا وضعنا أقدامنا على بداية الطريق وهذا يعني إننا سنصل بإذن الله حتى وإن استغرقنا وقتاً طويلاً. السينما غُيبّت وأشار أحد المشاركين في وضع مسودة اللائحة الجديدة (طلب عدم ذكر اسمه) إلى أن الهدف من اللائحة -والتي تأخر صدورها حيث رفعت من أكثر من عامين- يعود إلى الانتخابات بالدرجة الأولى والتي طالب بها المثقفين طيلة السنين الماضية، وما ترتب على ذلك من حملة تم شنّها على الأعضاء المعيّنين، برغم أن الأعضاء المعيّنين هم في حقيقة الأمر منتخبين، ولكن إنتخابهم جاء من القمة، أي المسؤولين، وهو عكس مايطلبه المثقفون الذين يطالبون أن يكون الانتخاب من القاعدة، أي الجمهور، واللائحة الجديدة تهدف بالدرجة الأولى إلى تحويل عضوية الأندية إلى انتخابات، أما بقية مواد اللائحة فهي تفاصيل لضبط الإجراءات والمسميات وغيرها. كما أشار عضو لجنة مسودة اللائحة الجديدة إلى أنه سيلتزم الصمت عن الخوض في أمور اللائحة حتى إشعار آخر، يتم فيه قراءة ردود أفعال المثقفين، وعموم الجمهور المتابع للمشهد الثقافي، لافتاً إلى أنه سيعلق تعليقا نهائيا على ما يتداوله الآخرون بخصوص اللائحة بعد أن تهدأ الأمور والتي شبّهها بالعاصفة، مؤكداً أن كل شاردة وواردة تتناولها الصحف وغيرها هي محط اهتمام اللجنة عموما، ومؤكداً أيضاً في سياق حديثه أن اللجنة تدوّن كل ما يتداوله الآخرون بخصوص اللائحة، وبعد ذلك ستقوم بالرد من خلال شرحها للمسوغ في كل ما أقرّته الوزارة، وما عدلت عنه، وما هي النقاط التي كان يدور حورها النقاش، والبدائل، والتي تضع اللجنة في أمرين، أحلاهما مرّ، ومنها شروط ماهية قبول عضوية الأديب أو المثقف والتي تفاوتت معايير قبول العضوية فيها بين المنتج الأدبي والمؤهل الجامعي، واصفاً الموهبة الممثلة في المنتج بالنوعيّة، فيما يفتح المؤهل الباب للجميع ليصبح الأمر كميّاً بعيداً عن الجودة، لافتاً إلى أن بعض مواد اللائحة تخضع للمرونة وفق ما يتطلب الحدث، فإذا كانت بحاجة إلى غلقها أو فتحها ستطوّع اللائحة وفق ذلك، كما أن اللائحة ستتبلور وفق ما تحدده آراء الناس، مشيرا في سياق قوله إلى عدم قداسة أي نص إنساني وأنه خاضع للتغيير وفق ما يتطلب الموقف أو الحدث، وأيضاً ما يتعلق بالموارد المالية في اللائحة القديمة كان منفصلا عن اللائحة، وهناك غياب بعض البنود داخل مواد اللائحة الجديدة، ومنها إقرار السينما كوسيلة تثقيفية، وهو ما غاب عن اللائحة الحالية، والتي أشار إلى أنها وُضعت في 39 مادة، بعد أن دُمجت إحدى المواد التي لا تستوجب أن توضع كمادة كاملة تحت مادة أخرى، لتتقلص مواد اللائحة من 40 مادة إلى 39 مادة.