أدان الباحث العراقي الدكتور رائد العزاوي الأستاذ الزائر بالجامعة الأمريكية ببيروت الخطاب الغربي في السنوات الماضية، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وقال إنه اتسم بإلقاء التهم وإلصاقها بكل ما له علاقة بالإسلام، قائلاً إن دوائر البحث في الغرب قد تكون لها مبرراتها فكثيرا ما أعلنت جماعات وجهات تقرن اسمها بالإسلام مسؤوليتها عن العديد من الهجمات التي أودت بحياة مدنيين أبرياء، وأضرت بعلاقة العالم الإسلامي بمحيطه الإنساني، الأمر الذي تم استغلاله من جهات معادية للإسلام لصالح تمرير أجندتها المعادية لهذا الدين الحنيف، وبينما انبرت أقلامها للتكريس لهذا العمل المشبوه، تراجعت أو تخاذلت الأقلام والعقول العربية والإسلامية للأسف عن تقديم بحث رصين علمي يقدم الإسلام بشكله الصحيح. تعريف الإرهاب ورصد العزاوي في كتابه (أمريكا والإسلام والإرهاب) الصادر حديثاً عن دار مدبولي للنشر والتوزيع، الخطاب الأمريكي والغربي الموجه للعالم الإسلامي خلال السنوات الماضية في ستة فصول، حمل أولها عنوان (صراع الحضارات.. ومفهوم الإرهاب لغوياً وفي الثقافة العربية والإرهاب وعلاقته بالإسلام) حيث يقدم له تعريفاً لغوياًً ويتناول مفهومه في الثقافة الغربية ومفهوم الإرهاب، وعلاقته بالإسلام، ومقوماته وأنماطه، ثم يتناول الإرهاب الدولي والعنف السياسي الداخلي، والتداخل بين مفهومي الإرهاب والمقاومة المشروعة ثم يخلص في نهاية الفصل إلى عدة نقاط، منها عدم وجود تعريف موحد للإرهاب وهذا يعود بالأساس إلى فرض التعريف الغربي البرجماتي، وأن تعريف الإرهاب ليس من حق دولة أو ثقافة بعينها، وأن على الكتاب والباحثين والسياسيين الانتباه إلى أن الوصول إلى تعريف حقيقي لمصطلح الإرهاب يجب أن يحتوي بمفهومه على كافة أنماط وأشكال الإرهاب بما فيها إرهاب القوى الدولية العظمى وإرهاب الدول لبعضها البعض وإرهاب الدولة لمواطنيها والحصار بكل أشكاله والإرهاب الاقتصادي والإرهاب الثقافي ...الخ، موضحاً أن ظاهرة الإرهاب غير مقصورة على المنتمين إلى حركات وفصائل إسلامية، وأنه لا يجب إغفال الحركات اليمينية المتطرفة مسيحية أو يهودية. خرافات المحافظون الجدد وقدم العزاوي مفهوم الإسلام في أروقة البيت الأبيض واصفاً أبرز الشخصيات التي كانت مقربة من الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بأنها روّجت لحرب أمريكية ضد الإسلام من أبرزهم الإنجيلي تيم لاهاي وبات روبرستون وجيري فالويل صاحب المقولة الشهيرة قبل شن الحرب على العراق واحتلاله من قبل القوات الأمريكية عندما قال في إحدى عظات يوم الأحد "عندما نشن الحرب في العراق سنقوم بذلك لإعادة المسيح إلى الأرض لكي تقوم الحرب الأخيرة التي ستخلص العالم من جميع الكافرين" وهم يطلقون على الرئيس بوش لقب "المخلص" وقال عنه تيم لاهاي إن الله أرسل بوش "لتخليص العرب والمسلمين من التخلف العقدي الذي يتيهون فيه منذ أكثر من خمسة عشر قرناً" وهذه الأمور التي كرس لها المحافظون الجدد ورسخوها كانت سبباً مباشراً في إقناع الشارع الأمريكي بما أطلقوا عليه الإرهاب الإسلامي. الإرهاب المحلي وفي فصل عنونه العزاوي ب "خنجر في الظهر" تحدث فيه عن عمليات الحركات الأصولية المتشددة في مصر بداية من تفجيرات سينا وطابا التي وقعت عام 2004م مروراً بعمليات الأزهر وعبد المنعم رياض والسيدة عائشة وتفجيرات شرم الشيخ، ودهب،عارضاً بشكل تفصيلي العديد من العمليات ،ومحدداً أهم وأبرز الأحداث في مصر منذ سبعينات القرن الماضي وحتى أحداث دهب في عام 2006م، وأشار إلى إحدى أهم الجماعات التي لم تتخذ الدين غطاء لها وهي تنظيم ثورة مصر الذي أسس عام 1983م بقيادة محمود نور الدين ضابط المخابرات المصري والدبلوماسي والذي قام بتنفيذ عدة عمليات استهدفت دبلوماسيين أمريكيين وإسرائيليين، وقدم شرحاً تاريخياً حمل الوصف العلمي لنشأة تنظيم التوحيد والجهاد ومراحل تطويره والأسس التي اعتمدها في بنائه التنظيمي والسلوك الحركي، وعمل تنظيم القاعدة في مصر وارتباطه بالتنظيمات الإسلامية العاملة في الساحة المصرية، ثم تحدث عن منفذي هذه العمليات بداية من نشأة وتطور تنظيم الجهاد في مصر متناولا الأسس والمناهج الفكرية التي اتبعوها وأهم سماتهم التنظيمية والحركية، وتناول العزاوي في فصل آخر من الكتاب بعنوان "الثمن الباهظ" ما بعد أحداث 11 سبتمبر وما تبعها من هجمة قادها المتشددون الأصوليون في الغرب وأمريكا ضد الإسلام وبين الكاتب الخطط التي اتبعتها الدارة الأمريكية للتعامل مع الإسلاميين بعد هجمات سبتمبر وأجندة دمقرطة العالم الإسلامي من خلال دراسة الأوضاع الديمقراطية قبل تلك الأحداث وما تلاها من تأثير الحرب على ما يسمى بالإرهاب تجاه قضايا الديمقراطية في الوطن العربي والشرق الأوسط، راصداً السياسية التي اتخذتها الولاياتالمتحدة في نشأة نظام ديمقراطي في العراق بعد إزاحة النظام السابق، مقدماً وصفاً تفصيلياً عن نشأة تنظيم القاعدة وفروعه المتعددة بعد احتلال العراق، وعلاقات التنظيم بالإضافة إلى المواجهة المباشرة بين تنظيم القاعدة والولاياتالمتحدة وانعكاسات هذه المواجهة على الإسلام والعرب، ومدى فعالية التحالف الدولي الذي قادته أمريكا ضد تنظيم القاعدة وما نتج عنه من أضرار لدول عربية كالمملكة ومصر والعراق والمغرب العربي ودول أوربية مثل بريطانيا وأسبانيا. الإرهاب الأمريكي واستعرض العزاوي في الفصل المعنون باسم (سيوف في أغمادها) سلسلة تاريخية توثيقية للتاريخ الأمريكي منذ نشأة أمريكا بعد حرب الاستقلال وحتى يومنا هذا ويستعرض واحداً من أخطر قرارات الإبادة العرقية الجماعية التي ترقى إلى جريمة ضد الإنسانية عندما أصدرت الجمعية التشريعية عام 1730م التي كانت تمثل البرلمان في أمريكا تشريعا لمن يطلق عليهم (البروتستانت الأحرار) تبيح لهم إبادة من تبقى للهنود الحمر يتضمن مكافأة نقدية قيمتها 40 جنيها ذهبية مقابل فروة مسلوخة من رأس كل هندي أحمر ونفس المبلغ مقابل أسر أي واحد منهم وارتفعت تلك المكافأة بعد خمسة عشر عاما إلى 100 جنيه ذهبي، عوامل انهيار أمريكا وأكد العزاوي أن هناك ثمانية أسباب اعتبرها كافية لانهيار أمريكا خلال 30 سنة قادمة، في مقدمتها أن الراصد لحقيقة إنشاء الولاياتالمتحدة يجد أن هذه الدولة تم إنشاؤها على قاعدة اقتصادية تتخذ من الربا أساساً للانطلاق الاقتصادي، وبالتالي هذه الربوية في التعامل جعلت الولاياتالمتحدة تعاني من عجز تراكمي كبير يصل إلى 20 تريليون دولار على المستوى الاقتصادي، كما أن أمريكا هي الدائن الأول في العالم وهذا يهدد قطاعات الإنتاج ويهدد بانتشار البطالة، فهي أكبر دولة في العالم توجد بها معدلات بطالة مرتفعة، وربما لا يعرف كثير من الناس أن الولاياتالمتحدةالأمريكية أكثر دولة في العالم تحتوي على مشردين وجياع، فهناك ما يتراوح بين 35 إلى 40 مليون جائع ومشرد وهي تمثل قنابل موقوتة في الشارع الأمريكي، كما يعاني المواطن الأمريكي من وضع سيئ للغاية، فهناك أكثر من 70 مليون شخص لا يحظون بالرعاية الصحية، وهناك أكثر من 23 مليون يعانون من الأمية والجهل، وهناك تدهور في البيئة الاجتماعية في المجتمع الأمريكي، ويلاحظ ذلك في انتشار الإباحية، فالولاياتالمتحدة أكبر دولة في العالم تنتشر فيها الأمراض الجنسية، والمجتمع الأمريكي مهدد بالتفسخ والتفتت الاجتماعي خاصة وأنه أكبر مجتمع سن قوانين لحماية الشواذ جنسياً مما ينذر بسرعة انهيار المجتمع، وعلى صعيد المعارضة المسلحة داخلياً هناك أكثر من 300 ميليشيا مسلحة داخل الولاياتالمتحدة كلها تدعو إلى محاربة الحكومة الفيدرالية المركزية، ثم تأتي بعد ذلك القشة التي تقصم ظهر البعير وهي تورط الولاياتالمتحدة في حروب خارجية كلفت الميزانية الأمريكية بلايين الدولارات، وإذا أضيف إلى كل ذلك ما يخطط له المهووسون في الإدارة الأمريكية الذين يجدون دعماً من اللوبي الصهيوني من حروب ضد الإسلام والعالم، يجد الجميع نفسه أمام دولة تجلس على فوهة بركان من الممكن أن ينفجر في أية لحظة، وكل هذا يدفع العالم إلى ضرورة التوحد ضد هؤلاء المجرمين الذين أعلنوها حرباً لتدمير البشرية، فلا يمكن لأمريكا أن تكون شرطياً متصرفاً في شؤون العالم، كما لا يمكن لها أخلاقياً وأدبياً وثقافياً ودينياً أن تتهم أحداً أو منظمة أو دولة بالإرهاب لأنها بلد الإرهاب الأعظم ومصدر الإرهاب العالمي وداعمة أكبر دولة إرهابية في العالم وهي إسرائيل.