ما بين «أتضج ج ج ج ج ر» بحرفها المجهور «الجيم» الممتد صوتيًّا بهذا التقطيع في العنوان، وما بين «أف»، ذات الحرف المهموس «الفاء» بعد الهمزة، يسكن صوت الضجر، ثم الصمت في هذا النص، لعبدالعزيز بخيت، الذي يجعل للحرف طاقة في التوقد والوصول إلى المدى المغلق، ليتحوّل كل فعل يريد له النفاذ إلى طاقة.. لكنها لا تلبث أن تصطدم بالمدى، وتئول إلى «أف». يبدأ النص بعد العنوان الذي يشعل الدخول، ويوهجه بالضجر، بقول الشاعر: أف.. ممّا يجعل المسافة منذ البدء محدودة الأفق، وإن كانت مفتوحة للضجر.. منذ البدء الشاعر مشغول ب«الحرف»، كأنّ الضجر الذي ملأه بصوت «أف» ، أهدى من هذا ال«أف»، الحرف، ليقول: في اللحظة هذي.. كلٌّ منشغل بالدنيا، وأنا منشغل في حرف ليتحوّل هذا الحرف المنبثق من آخر «أف»، ومن آخر الحرف حين يكون الختام لكل كلمة تسد المنفذ، فيكون: الشعر المكتوب على ورق التوت سيأكله الرف الكلمة في لحن القول يخرجها النحو، ويخذلها الصرف فانظر كيف آلت كلمة «الرف»، ثم كلمة «الصرف» إلى صاد، ومنه، وخاذل.. انبثاقًا من ال«أف». وتختم «أف» نهاية النص، حيث يقول: أف.. سباحًا كنت سأقطع هذا البحر ولكن جفّ!! حيث استقطر النص من (أف)، ضجرها، وختم به كل انطلاقة وخروج، لتكون سيدة الموقف. --------------