بالإمكان النظر إلى الأوامر الملكية الصادرة أمس بأنها تشكل الانطلاقة الحاسمة في الحرب على الفساد التي يقودها خادم الحرمين الشريفين بنفسه ، والتي تدل كافة المؤشرات على أنها حرب لا هوادة لا تتعقب فحسب المسؤولين عن فاجعة السيول التي شهدتها محافظة جدة في ديسمبر الماضي وما أسفرت عنه من خسائر في الأرواح والممتلكات للمواطنين والمقيمين ، وإنما أيضًا كل من يثبت تورطه أو تقصيره في موقعه ، استنادًا إلى ما تضمنته تلك الأوامر السامية من تقرير إدراج جرائم الفساد المالي والإداري ضمن الجرائم التي لا يشملها العفو الوارد في ضوء التعليمات والأوامر والتنظيمات المتعلقة بمكافحة الفساد. هذه الرؤية الصائبة لا تعبر فقط عن آمال المواطن وتطلعاته ، وإنما تعتبر أيضًا ترجمة حقيقية لاستشعار خادم الحرمين الشريفين بالمسؤولية العظيمة الملقاة على عاتقه تجاه الوطن والمواطن والمقيم استهداء بقول النبي صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» ، وتطلعه – حفظه الله – نحو إبراء الذمة أمام الله تعالى بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح انتصاراً لحق الوطن والمواطن وكل مقيم على أرضنا وتخفيفاً من لوعة ذوي الضحايا الأبرياء وتعزيزاً لكرامة الشهداء - رحمهم الله - بإرساء معايير الحق والعدالة، لأن العقيدة ، ثم الوطن والمواطن ، وكما أثبتت الوقائع هاجسه الأكبر وأعز ما يحرص على الحفاظ عليه . الأوامر الملكية الجديدة بما في ذلك استصدار وزارة العدل نظاما متكاملا للتوثيق يشمل الشروط اللازمة في كتاب العدل وبقية الموثقين وتحديد اختصاصاتهم ومسؤولياتهم وإجراءات عملهم وطريقة محاسبتهم والعقوبات عن مخالفاتهم ، واستصدار الجهات المعنية نظاما ينظم تملك ومنح العقارات لتلافي السلبيات السابقة التي أدت إلى التعدي على الأراضي والتملك بطرق غير مشروعة بالمخالفات للأنظمة والتعليمات . أكدت من جديد على إصرار خادم الحرمين الشريفين على تحقيق نصر حاسم في معركته الكبرى ضد الفساد.