أكد سماحة شيخ الأزهر السابق الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي رحمه الله أن الإرهاب جريمة تأخذ حكم الحرابة والإفساد في الأرض مطالباً بعقاب الإرهابيين بنفس عقوبة الحرابة الواردة في القرآن الكريم مستثنياً من تاب منهم قبل القدرة عليه ولم يكن قد حمل السلاح على بني وطنه. وفي مقدمة بحثه الذي قدمه لمؤتمر الإرهاب قبيل وفاته والذي من المقرر أن يلقى عنه بالنيابة، أوضح فضيلة الشيخ طنطاوي أن الإرهاب جريمة دينية وتشويه قبيح لأحكام شريعة الإسلام، واستدل على ذلك بآيات من القرآن الكريم مبينًا وجه الدلالة فيها، ثم انتقل فضيلته إلى بيان وعيد الله عز وجل لمن قتل غيره ظلمًا وعدوانًا وذكر أن المنذري في الترغيب و الترهيب قد عقد بابًا بعنوان : الترهيب من قتل النفس التي حرم الله إلاّ بالحق، ساق فيه ستة وعشرين حديثًا أورد فضيلته بعضها مبينًا وجه الدلالة منها. وأوضح فضيلة شيخ الأزهر أن الإرهاب جريمة اقتصادية لأنه هدم لمقومات الأمة في ركن من أركان حياتها المادية وإهدار لما تتملكه من الأموال عن طريق العدوان عليها بالتخريب و التدمير. وقد انطلق فضيلته في هذا التصور من الآيات الكريمة الآمرة بحفظ الأموال وتنميتها واستخدامها فيما يعود بالخير على الجميع, وكذلك من تعاليم الإسلام التي تجعل المسلمين جميعاً أمةً واحدة متكافلة متراحمة تعتبر مصلحة كل فرد من أفرادها عين مصلحة الجماعة. كما بيّن شيخ الأزهر رحمه الله كيف أن الإرهاب جريمة خلقية ومصيبة اجتماعية ونكسة علمية، وساق فضيلته العديد من الأدلة على ما ذهب إليه من توصيف للإرهاب موضحاً وجه الدلالة منها. وتناول الشيخ طنطاوي جملة من الآثار الاجتماعية والاقتصادية والأمنية للإرهاب، وخصّ بالذكر منها: تيتم الأطفال الذين مات آباؤهم في العمليات الإرهابية بدون جرم ارتكبوه، ومولد الفتن والصراعات في المجتمع، واختلال القيم و المعايير الاجتماعية، وذهاب ريح الأمة وإصابتها بالوهن. ونادى فضيلة شيخ الأزهر بالمعالجة الفكرية للإرهاب عن طريق النصح والتوجيه السليم للشباب بكافة وسائل الإعلام المتاحة في المجتمع فإن لم يجد النصح مع الفئات الضالة، فقد أقر فضيلته توقيع العقوبات العادلة والرادعة ضد كل من يشرع السلاح أو يستخدمه في ترويع الآمنين وسفك دمائهم.