تشكل حوادث الطرق وما ينتج عنها من إصابات ووفيات إحدى مشاكل الصحة الطامة الكبرى التي تواجه جميع النظم الصحية دون استثناء، فعامًا بعد عام تحصد حوادث الطرق أرواح أكثر من 13 مليون شخص، أو ما يعادل 2.2 بالمائة من مجمل الوفيات السنوية بين أفراد الجنس البشري، بالإضافة إلى تسببها في إصابة وإعاقة 50 مليونًا آخرين. وإذا خصصنا بالذكر الفئة العمرية بين العاشرة وبين الرابعة والعشرين، فسنجد أن حوادث الطرق تحتل رأس قائمة أسباب الوفيات بين هذه الفئة على الإطلاق، حيث يلقى 260 طفلاً سنويًّا حتفهم، ويتعرض للإصابة أو الإعاقة 10 ملايين آخرين.. ورغم أن غالبية هذه الحوادث تقع في الدول النامية بسبب سوء حالة الطرق إلاَّ أن الدول الصناعية لا زالت تحظى بنصيب مهم من إصابات ووفيات وحوادث الطرق. وبخلاف الثمن الإنساني تسبب حوادث الطرق خسائر اقتصادية جسيمة، تقدّر في الولاياتالمتحدة فقط -حسب إحصائيات مركز التحكم والوقاية من الأمراض- أكثر من 250 مليار دولار سنويًّا، فيما تقدر منظمة الصحة العالمية بأن تكلفة حوادث الطرق حول العالم ما يتخطى 518 مليارًا سنويًّا. هذا الوضع المأساوي إنسانيًّا واقتصاديًّا دفع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في أكتوبر من عام 2005م إلى تبني قرار يحث الحكومات على اعتماد الأحد الثالث من شهر فبراير كل عام كيوم عالمي لإحياء ذكرى ضحايا حوادث الطرق، وتوجيه الاهتمام بفداحة الثمن الإنساني والاقتصادي للملايين الذين يلقون حتفهم في حوادث الطرق مثل هذا الوضع المأساوي الدولي للإصابات والوفيات الناتجة عن حوادث الطرق يمكن خفض وقعه وتأثيره بشكل كبير من خلال إجراءات وتدابير بسيطة لا تتطلّب استثمارات ضخمة، أو تغييرات جوهرية في أسلوب استخدامنا للسيارات والطرق، فعلى سبيل المثال يمنح استخدام أحزمة الأمان بشكل سليم حفظًا في احتمالات الوفاة عند وقوع حادث من ستين بالمائة، بينما يؤدي سن القوانين التي تجبر الأبوين على استخدام المقاعد المخصصة للأطفال إلى خفض الوفيات بين هذه الفئة العمرية بمقدار 35 بالمائة أمّا استخدام الخوذات الواقية فيؤدي هو الآخر إلى خفض الوفيات، وإصابات الرأس الشديدة بمقدار خمسة وأربعين بالمائة. تطبيق مثل هذه الإجراءات على بساطتها وسهولتها من شأنه أن يؤدي إلى تأثير تراكمي ينقذ في النهاية حياة جزء لا يُستهان به من الثلاثة آلاف شخص الذين يلقون حتفهم يومًا بعد يوم بسبب حوادث الطرق. عبدالواحد الرابغي - جدة