على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه الصحافة الورقية على صعيد ارتفاع تكاليف التشغيل وتراجع نسبة القراء وغيرها، إلا أنها في الآونة الأخيرة بدأت في مواجهة خطر آخر ربما يطيح بالبقية الباقية من هيبتها ومكانتها، وهو المواقع الإلكترونية التي يديرها شخص واحد بطريقة «القص واللصق» من خلال السطو على أقوى المواد المنشورة في كل جهة، لنشرها عبر موقعه دون أن يتكلف شيئًا، سوى جهاز كمبيوتر وكأس شاي فقط. وكذلك الحال مع بعض البرامج الفضائية التي تقتات على ما ينشر في الصحف دون الإشارة إلى المصدر. وبينما يطالب المختصون بضرورة تفعيل نظام حقوق المؤلف لحماية المنتج الورقى من السطو والاعتداء عليه في وضح النهار، يرى آخرون ضرورة أن تكون هناك عقوبات مغلظة لحماية حقوق المستثمرين في هذا المجال، مؤكدين في الوقت ذاته تقديرهم للمواقع الإلكترونية والفضائيات التي تعي مسؤولياتها وتعتمد على نفسها في مصادرها والإشارة إلى مصادر استقاء المادة، وإذا ما اضطرت إلى نقل خبر فإنها تنسبه إلى مصادره الحقيقية. الفايز: «الإعلام» تتحمل مسؤولية حماية الصحف الورقية قال عضو هيئة الصحفيين السعوديين، رئيس تحرير سابق لأكثر من صحيفة عبدالوهاب الفائز: إن الجهة المسؤولة عن حماية حقوق الملكية الفكرية للصحف الورقية هي وزارة الإعلام، مشيرًا إلى مناقشة هذا الأمر عدة مرات، ولكن دون جدوى. ولفت إلى تفاقم ظاهرة سطو المواقع الإلكترونية خلال الخمس السنوات الأخيرة، موضحًا أن محركات البحث منذ أن دخلت للشبكة العنكبوتية بدأ معها سحب الأخبار من الصحف الورقية المغلوبة على أمرها. وأشار إلى أن المسؤول عن حماية حقوق الملكية الفكرية وزارة الإعلام دون سواها لأنها الجهة المشرعة للأنظمة، كما أن لوزارة العدل أيضًا صلاحيات الحماية. وتساءل: هل تستطيع الصحف الورقية أن تلاحق الكم الكبير من المواقع الإلكترونية الإخبارية والحسابات الرقمية ومحاكمتها بعد أن أصبحت تقتات يوميًا على جهدها لإنتاج محتوى خاص بها، وهي الميزة التي تبحث عنها الصحف الورقية دائمًا، بفريق عمل ومنظومة متكاملة، ثم تأتي تلك المواقع التي يديرها ربما شخص واحد لتنتهك تلك الحقوق وتصادر تعب العاملين في المؤسسة الصحفية، وتبيعها لكسب متابعين بشكل غير شرعي وغير مقبول. طاشكندى: المواقع الإلكترونية كائن طفيلي يعيش على حقوق الغير دعا خالد طاشكندي مساعد رئيس تحرير عكاظ ومتخصص في الإعلام الرقمي إلى ضرورة تحديث نظام حقوق المؤلف لحماية الصحف الورقية من الانتهاكات الإلكترونية، مشيرًا إلى أن النظام الحالي سمح لوسائل وصحف إلكترونية بنقل المحتوى الورقى وتوظيفه لمصلحتها بما يخدم نهجها، وبالتالي استفادت من نسخ الأخبار ومصادرة الجهد الكبير الذي يتم في الصحافة الورقية لاستخدامه وتوظيفه لمصلحتها. وشبه طاشكندي تلك المواقع ب»الطفيليات» التي تعيش على غيرها، موضحًا أنها تمتص الجهود الحقيقية لوسائل الإعلام التقليدية التي أصبح لها نوافذ إلكترونية. وقال إنها تمارس حركة ذكية، ولكن مكشوفة حين تشير إلى المصدر بين السطور بطريقة قد لا يلحظها الكثيرون، موضحًا أن النظام لا يسمح بانتهاك حقوق الملكية الفكرية ويجب تحديثه بما يخدم ويحافظ على حقوق وسائل الإعلام من توظيف النصوص لصالح الوسائل الإلكترونية التي لم تجد لها رادعًا يوقفها عن التعدي والانتهاك. المشهوري: الإعلام التقليدي فرط في حماية حقوقه قال فهد المشهوري، رئيس تحرير صحيفة أنحاء الإلكترونية: إن الإعلام التقليدي فرط في حماية حقوقه في ظل سطو مواقع إلكترونية ضعيفة على مواقع الصحف ونسخ الأخبار وإعادة نشرها مع تغيير بسيط في الصياغة لإيهام القارئ بأنها جهد خاص بها. وأشار إلى أن المسؤول عن حماية الصحف الورقية وحفظ حقوقها الأدبية من التعدي على أخبارها وتقاريرها الخاصة دون الإشارة إلى المصدر يعود لوزارة الإعلام وهيئة الصحفيين السعوديين. ودعا الصحف الورقية إلى بناء تحالف تدعمه وزارة الإعلام والهيئة لإقرار ميثاق حقوق الملكية الفكرية، وإيجاد نظام قائم على منح حق الاستفادة من نشر المحتوى بمقابل مادي كما نرى في المجتمعات الأخرى، ويكون للصحيفة التي تؤخذ مادتها الحق في الحصول على حق مقابل سماحها للآخرين بنشر مقالاتها وتقاريرها. ويستفيد من هذه الحقوق الكتاب في الصحف، كما يجب الاتفاق على تعيين مكتب محاماة يمثل الجميع لرفع دعاوى على كل صحيفة إلكترونية أو قناة تلفزيونية تنقل مواد من الصحيفة بدون اتفاق أو إذن مسبق. عبدالكريم: اللجوء إلى القضاء للحصول على تعويض مالي اعتبر المستشار القانوني عبدالكريم القاضي التعدي على الحقوق بالنسخ خرقًا للأنظمة، تتم معالجته باللجوء إلى القضاء لمنعه أو فرض تعويضات مالية يؤديها المعتدي إلى صاحب الحقوق، أو الاثنان معاً. وتتولى لجنة النظر للمخالفات الإعلامية المنصوص عليها في المادة (37) من نظام المطبوعات والنشر النظر في المخالفة والمحظورات المنصوص عليها وإيقاع عقوبة مناسبة من العقوبات المنصوص عليها في المادة (38) وإبقاء الحق الخاص في الحقوق والواحبات في التجاوز على الحق المشروع في النشر ما بين الصحف بعضها البعض إلا بعد العزو إلى المصدر للصحيفة الناقلة ومعيدة النشر عن الأخرى لكونها المصدر وتملك حقوق النشر والمطبوعات الخاصة بالمادة المنشورة. البقمى: توثيق المحتوى من السطو الإلكتروني ضرورة يقول فهد البقمي رئيس تحرير المستهلك الإلكتروني إن المملكة لديها نظام لحماية حقوق المؤلف، سواء كان شخصًا أو مؤسسة وتطبيقه على أرض الواقع أصبح أمرًا حتميًا في ظل انتشار المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي. وأشار إلى أن الحصول على التقارير والصور دون إذن مسبق تعدٍ واضح على الحقوق والنظام يكفل للمتضرر حق المطالبة بالتعويض، لكن لابد من قيام الصحف الورقية وحتى الإلكترونية بتوثيق أعمالها وحمايتها من السطو الإلكتروني من خلال فرض برامج حماية للمحتوى الإلكتروني، وكذلك الاحتفاظ بهوية الصحف الورقية عند نشر محتواها بما يضمن قدرتها على المطالبة لدى جهات الاختصاص والحصول على حقوقها كاملة وتطبيق الاشتراطات الجزائية التي يكفلها النظام. الدرع: جريمة تقتل الإبداع والمنافسة قال أحمد الدرع، مدير تحرير موقع أستوديو الفن الإخباري: إن ظاهرة سرقة المحتوى الصحفي من قِبل المواقع الإلكترونية تعد مرضاً تفشى في الوقت الراهن، مؤكدًا أنه يقتل روح المنافسة والإبداع، ويضر بحق القارئ في المعرفة، وخصوصاً بعد انتشار التقنيات التكنولوجية الحديثة، ما سهل على السارق ارتكاب جريمته. وقال إن هذه الظاهرة تكشف حالة التدهور التي وصلت إليها تلك المواقع، نتيجة غض الطرف عن جريمة سرقة المحتوى الصحفي للآخرين. أبرز ملامح نظام حماية حقوق المؤلف السعودي الجديد يحمي النظام المصنفات المبتكرة في الآداب والفنون والعلوم مثل: * المواد المكتوبة كالكتب، والكتيبات، وغيرها. * المصنفات التي تلقى شفهياً كالمحاضرات، والخطب، والأشعار، والأناشيد، وما يماثلها. * المؤلفات المسرحية، والتمثيليات، والاستعراضات. استثناءات تعد أوجه الاستخدام الآتية للمصنف المحمي بلغته الأصلية، أو بعد الترجمة مشروعه، وذلك دون الحصول على موافقة أصحاب حقوق المؤلف نسخ المصنف للاستعمال الشخصي، عدا برمجيات الحاسب الآلي، والمصنفات السمعية، والسمعية البصرية. الاستشهاد بفقرات من ذلك المصنف في مصنف آخر، بشرط أن يكون الاستشهاد متمشياً مع العرف. نقل أو نسخ المقالات المنشورة في الصحف والدوريات عن موضوعات جارية، أو المصنفات المذاعة ذات الطابع المماثل، بشرط ذكر المصدر بوضوح، واسم المؤلف إن وجد. المخالفات: تعد التصرفات الآتية تعدياً على الحقوق التي يحميها النظام: * القيام بنشر مصنف غير مملوك لمن قام بالنشر، أو نشره مدعياً ملكيته، أو دون حصوله على إذن كتابي. * تعديل محتويات المصنف أو طبيعته أو موضوعة أو عنوانه دون علم المؤلف وموافقته الخطية المسبقة. * قيام المنتج أو الناشر أو الطابع بإعادة طبع المصنف دون الحصول على موافقة خطية مسبقة من صاحب الحق. * إزالة أي معلومة كتابية وإلكترونية قد تتسبب في إسقاط حقوق أصحاب المصنف. أولاً: يعاقب كل من خالف حكماً من أحكام هذا النظام بعقوبة أو أكثر من العقوبات الآتية: * الإنذار. * غرامة مالية لا تزيد على مئتين وخمسين ألف ريال. * إغلاق المنشأة المتعدية أو التي ساهمت في الاعتداء على حق المؤلف مدة لا تزيد على شهرين. * مصادرة جميع نسخ المصنف، وكذا المواد المخصصة أو المستخدمة في ارتكاب التعدي على حقوق المؤلف. * السجن مدة لا تزيد على ستة أشهر. ثانياً: في حالة تكرار التعدي على المصنف نفسه أو غيره تجوز مضاعفة الحد الأعلى للعقوبة والغرامة والإغلاق. ثالثاً: إذا رأت اللجنة أن المخالفة تستوجب عقوبة السجن أو غرامة مالية تزيد على مائة ألف ريال أو تستوجب شطب الترخيص، ترفع الموضوع للوزير لإحالته إلى ديون المظالم.