• أثق تمامًا في أن الحرب على الفساد مستمرة وطويلة الأمد، وأنها ما زالت في بدايتها، فمن يعرف منهجية خادم الحرمين الشريفين، وكراهيته للفساد والفاسدين؛ يدرك أن ثمة جولات أخرى قادمة، لكنني كنت أتمنى ألا تغادر اللجان الخاصة بالتحقيقات فندق (الريتز كارلتون)، ليس لأن البعض قد يفسر هذا الإجراء على أنه نهاية العمل الحكومي ضد الفساد، بل لأن الرمزية القوية التي بثها (الفندق الفخم والمرعب) في أذهان الجميع؛ كانت تمثل رسالة مفادها ألا تهاون ولا تستر مع فاسد أبدًا. • الجانب الإعلامي في الحروب جانب مهم ومؤثر، والإشارة القوية والواضحة والعلنية التي يبعثها فندق (الريتز) مهمة جدًّا في تحجيم أذرعة هذا الأخطبوط الذي يصعب القضاء عليه نهائيًّا.. وفي هذا يقول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: «ليس هُنالك من طريقةٍ يمكن من خلالها القضاء على الفساد في جميع الطبقات؛ لذلك فإنهُ عليك أن تُرسل إشارة، والإشارةُ التي سيأخذها الجميع بجدية هي «أنك لن تنجو بفعلتك». • أهل الفساد ليسوا ملة واحدة، فإذا كان الفساد المالي يُمثِّل وجهًا بشعًا تضرَّر منه الوطن والمواطن؛ فإن الفساد الإداري لا يقل عنه سوءًا ولا بشاعة، بل ربما كان أكثر منه ضررًا وتأثيرًا على تنمية الوطن وموارده وقدراته البشرية، التي يموت معظمها للأسف بسبب إحباطات الواسطة والمحسوبية والتسلق، وغيرها من الآفات التي تضع الأسوأ مكان الأجدر والأكفأ؛ لذا فإن أمنية الكثيرين من ضحايا هذا الذراع أن يروا هوامير الفساد الإداري ضيوفًا ثقلاء على (الريتز)؛ للإفصاح عن جرائمهم، بعد أن يتم فتح ملفات التوظيف غير المستحق، والسرقات الوظيفية التي جمدت التنمية، وتسببت في ركاكة الأداء في العديد من المؤسسات؛ بسبب وضعها لعقليات خاوية في غير أماكنها، وقتلها لآلاف الكفاءات الوطنية الواعدة، وحرمان الوطن من قدراتها. • جولاتنا القادمة مع أخطبوط الفساد لن تقل أهمية عما سبق، وإذا كانت جولة (الريتز) الأولى قد أعادت - بحسب النائب العام - مبلغ 400 مليار ريال من أموال الوطن المنهوبة، وهو ما يعادل الإنفاق على حساب المواطن لمدة 13 عامًا قادمة، فإن جولة أخرى على أرطبونات الفساد الإداري قد تعيد للوطن آلاف الوظائف المسروقة والمغتصبة، والأهم أنها ستصحح المسيرة الإدارية في العديد من المؤسسات، وتُعيد للكفاءات من أبناء الوطن ثقتهم في أنفسهم، وتسرّع من عمليات التنمية التي كانت تسير بسلحفائية مزعجة.