* للأمانة، لم تفاجئني كثيراً سلسلة الإيقافات التي جاءت ضمن أحداث ليلة الخامس من نوفمبر، فمن يعرف منهج الملك سلمان؛ويعرف قيمه الشخصية ومبادئه الإدارية يدرك أن معركته مع الفساد قادمة لامحالة،ومن استمع للوعد الشهير الذي قطعه سمو ولي العهد على نفسه حين قال:» لن ينجو أحد من الفاسدين مهما كانت صفته الاعتبارية «، يدرك أيضاً أن ساعة حساب المفسدين آتية لاريب فيها، وأن المسألة مسألة وقت فقط .المفاجأة الحقيقية كانت في القوة والشجاعة والزخم غير المعتاد الذي أوقف العالم كله على قدم واحدة لمتابعة السفينة السعودية وهي تجهز لانطلاق رحلتها (النظيفة) نحو العام 2030 من خلال ضرباتها القوية والموجعة لأخطبوط الفساد، الذي تغوّل كثيراً في بلادنا؛وأنهك اقتصادنا، وأضعف كثيراً من وتيرة تنميتنا. * أبسط قواعد وأدبيات التنمية تقول إنه لا يمكن تحقيق نهضة اقتصادية ورخاء اجتماعي في بيئة يشوبها فساد .. ولأن عرّاب الطموح السعودي يدرك هذه الحقيقة جيداً فقد جاءت الضربة كإعلان تنفيذي لبداية مشروع الرؤية، مما رفع من معايير ثقة العالم في السعودية،وأثبت جديتها وصدق نواياها في تحقيق طموحاتها المعلنة،وأثلج في الوقت نفسه صدور مواطنيها الذين شعروا بمعاني الإصلاح والنزاهة والعدالة، والعدل الاجتماعي،خصوصاً أن غسيل درج الفساد كان في تلك الليلة من الأعلى،على طريقة السنغافوري(لي كوان)الذي صنع من بلاده الصغيرة والفقيرة معجزة تنموية،لمجرد إعلائه قيم النزاهة والشفافية والعدالة. * يقول أحد تقارير الأممالمتحدة إن أي دولة تحارب الفساد وتحقق قيم النزاهة والشفافية،وتحترم القانون،يمكن أن يزداد دخلها بنسبة 400% ،وهنا يجب الإشارة الى أن معركتنا مع الفساد ليست مالية فقط، فالفساد الإداري الذي خلق ملايين المواطنين العاطلين،والمحبطين،وحرم الوطن من جهود أبنائه،ربما يكون أكثر ضرراً من الفساد المالي.ولأن النزاهة وحدة كاملة لا تتجزأ ، فإنه لا يمكنك الحصول على نتائج تنموية ملموسة؛ وأنت تعمل في بيئة فاسدة،فالبيئة الفاسدة مثل خزان الماء المثقوب،الذي لا يكتمل مهما كان حجم ما يوضع به من مياه. * 5 نوفمبر ليلة تاريخية شعر فيها المواطن أن سفينة الإصلاح أبحرت بالفعل نحو موانئ مستقبل نزيه وعادل .. فمجرد كسر الحصانة (المعنوية) عن بعض الأسماء الكبيرة كان كفيلاً ببث أريج الشفافية والنزاهة في الأنوف، وهذا في حد ذاته انتصار؛ وحدث تاريخي يجب أن يخلد، لذا أقترح أن يكون يوم 5 نوفمبر من كل عام يوماً نحتفل فيه باستمرار معركتنا الطويلة مع الفساد،كي تستمر المسيرة الإصلاحية ،وحتى لا ننسى ما فعله بنا هوامير الفساد وأرطبوناته.