إن الانسان خلقته مختصة ببعدين متباينين، بعد مادي ويتمثل في رغبات الجسد والمتع الحسية، وبعد روحي والتي تتسامى بمعاني الوجود والتي يستمد الإنسان تعاليمها من خالق الكون الله سبحانه وتعالى وتتمثل في العبادات الشعائرية والتعاملية.. فالحياة المعاصرة بطبيعتها المادية أربكت الإنسانية عن معاني الوجود لاجتياح المفاهيم المادية والقيم النفعية الذاتية. ويعد السمع والبصر المنافذ لتلقي المعلومات والاستجابة للمثيرات، فالهوى يتمكن من النفس البشرية بأن يعتاد السمع والبصر على البيانات المادية فتمتد لحواس الانسان الجسدية فيتوجه باحثًا عن الملذات ملبيًا لبعده المادي هاملا بعده الروحي دون أن يوازن فيما بينهما ليخمد نور القلب شعاع التعقل للبصيرة الذي يضيء من خلالها الضمير.. فمن سيتخذ الهوى مسلكًا فإن الظلام سيعتليه ليضلله عن الحق، لأن الهوى مقترن بالرغبة والمادة والنفعية فبقاء الانسان في هذا المسلك يسقي نزعة الشر فتنمي له الفردية فلا يكترث الا لرغباته ومصالحه الشخصية وقد يكون شره على جسده بأن يستنفع منه بتحقيق المتع والملذات المحرمة فيعطل جسده ويهمشه عن دوره الحقيقي في الحياة فلم يحافظ عليه بل أفسده، وشر يمتد على البشرية بظلمهم وبهتانهم واستبدادهم والغدر بهم وسلب حقوقهم وقد يكون سببًا في افسادهم وهنالك من يستهين بأذى الناس فالله حتى يغفر هذا الذنب لابد أن يعاد الحق لأصحابه سواء كان ماديًا أو معنويًا وعلى الانسان أن يسأل الله الرحمة فرحمته وسعت كل شيء. وحتى يتعقل الانسان عليه أن يسمع وينصت ويطلع على تعاليم ربه ويفهم عمق معانيها لتحيا نزعة الخير فتسمو النفس وتتحرر من دونيتها لتحلق عاليا بعزتها وكرامتها مستمدة قوتها من إله الكون الواحد الأحد الفرد الصمد ثابتة في طريق الحق لا تتبدل أقوالها وأفعالها لتقلب أهوائها، فيتبلور سلوك الانسان الى الايمان والاحسان فيتوقى من الالتزام الأجوف.. وكلما تعقل الانسان في تعاليم ربه أدرك أنها وجدت لتحميه وتحمي غيره من شره لا أن تحرمه من حقه في العيش وانما لتحقيق التوازن بين بعديه فالله وحده أعلم بطبيعتنا البشرية.