هذا العنوان استمده المؤلف الشيخ: محمد بن ابراهيم الحمد، من الحافظ بن رجب الحنبلي، رحمه الله في كتابه لطائف المعارف، حيث اطلق على التوبة هذا الاسم: التوبة وظيفة العمر,, ثم قال المؤلف في المقدمة: وبداية العبد ونهايته، وأول منازل العبودية وأوسطها وآخرها,. والتوبة فضل من الله، واحسان منه سبحانه على عباده، حيث يشملهم برحمته، ويتقبل منهم رجوعهم إليه فيتجاوز عن السيئات، ويبدلها حسنات، ويفرح سبحانه بتوبة عبده إليه، اذا جاءه منيباً معترفاً بخطئه متذللاً بين يديه,, فاذا جاء العبد ماشياً، اقبل عليه الرب التواب الرحيم مهرولاً، كما جاء خبر ذلك في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويفرح سبحانه بتوبة العبد يقول صلى الله عليه وسلم :لله أشد فرحاً بتوبة عبده، من احدكم براحلته، عليها متاعه طعامه وشرابه نزل منزلاً في مهلكة، فلما استيقظ من نومه وجد راحلته قد ذهبت فطلبها فلم يجدها، فاشتدّ عليه الحر والعطش فقال: أرجع الى مكاني، فرجع ونام نومة، فلما استيقظ فإذا راحلته عنده، وقال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك, غلط من شدة الفرح,. هذه التوبة التي جاءت في كتاب الله العزيز، اكثرمن تسعين مرة، واخبر صلى الله عليه وسلم أن بابها مفتوح حتى تقوم الساعة، وان العبد يجب ألا يقنط من رحمة الله، بل عليه المسارعة بالتوبة قبل الغرغرة، وهي وصول الروح الى الحلقوم، عند النزع الاخير,, أمرها عظيم، ومكانتها كبيرة، لأنها منّة من الله على عباده وكرم ما بعده كرم,, لاي ذنب ومن اي فرد على وجه الارض,, يقول سبحانه قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تغنطوا من رحمة الله، ان الله يغفر الذنوب جميعاً، انه هو الغفور الرحيم (الزمر 53). هذه التوبة قد حرص الشيخ محمد بن ابراهيم الحمد جزاه الله خيراً ان يجعلها في كتاب مستقل، صدر عن دار ابن خزيمة بالرياض عام 1421ه 2000م الطبعة الاولى، احتوى مع فهارسه على ثلاثمائة وعشرين صفحة من القطع المتوسط، بدأ مقدمته، بأول سورة غافر غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب . وما ذلك الا ان حاجة البشر الى التوبة ماسة، بل ان ضرورتهم إليها ملحّة، فنحن نذنب كثيراً، نفرط في جنب الله ليلاً ونهاراً، فنحتاج الى ما يصقل القلوب، وينقيها من رين الذنوب,, وقد جاء في الحديث المأثور: لو لم تذنبوا لأتى الله بقوم يذنبون، فيستغفرون فيغفر لهم . وما ذلك الا ان سمة بني آدم الخطأ، والوقوع في الذنوب، فيعلمون ان لهم رباً يغفر الذنوب، فيفزعون إليه، ويعزمون على عدم العودة الى الذنب، بشروط التوبة الثلاثة، لأنه سبحانه لا يقبل التوبة سواه، ولا يقيل عثرات العبد الا هو,, وخير الخطائين التوابون,, وقد يسّر الله امر التوبة، وفتح أبوابها لمن يريد ان يتوب، سواء كانوا كفاراً او مشركين، او مرتدين او ظالمين، او مذنبين او عصاة مقصّرين، لأنه سبحانه: يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل. وقد حرص المؤلف في تقسيم خطه الكتاب، بأن جعله بمقدمة: مشتملة على توضيح لمكانة التوبة تلاها تمهيد، وبابان وخاتمة,, فالتمهيد: تحته تعريف التوبة، ومن اي شيء تكون التوبة؟ وتقسيم الذنوب ثم: باب التوبة مفتوح (المقدمة من ص3 8) ، (والتمهيد من ص259). ثم ابانة عما جاء في البابين، اللذين شملتهما الخطة، وما تحت كل باب من فصول: فالباب الاول : فضائل التوبة، واحكامها وتحته اربعة فصول: الفصل الاول: فضائل التوبة واسرارها، والفصل الثاني: اخطاء في باب التوبة، والفصل الثالث: مسائل التوبة,, والفصل الرابع: كيفية التوبة من بعض الذنوب, (ص29184)، وقد جعل تحت كل فصل من هذه الفصول: عناوين لموضوعات تندرج تحت دلالة كل فصل. اما الباب الثاني فهو: الطريق الى التوبة، وتحتة ثلاثة فصول: الفصل الاول: امور تعين على التوبة، والفصل الثاني : التوبة طريق السعادة، وهذا الفصل تحته مبحثان: المبحث الاول: الوقوف على سر السعادة، والمبحث الثاني: من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه,. والفصل الثالث: جعله لنماذج من احوال العصاة، ونماذج من احوال التائبين، وقد جعل تحت كل فصل من هذه الفصول، ومبحث من هذه المباحث، عناوين واسماء لموضوعات واشخاص تندرج تحت دلالة كل فصل، وما يعنيه كل مبحث (ص187309). وختم كتابه هذا بعنوانين: الاول خلاصة البحث: ويقع في صفحتين (311312) ضمّنه خلاصة لأهم ما ورد في هذا البحث: وجعل ذلك في ثلاث عشرة نقطة,, والثاني: الخاتمة في اقل من صفحة (313), شكر الله سبحانه على أن أعانه ووفقه لهذا العمل,, ثم كرر الشكر لكل من اعان على اخراج هذا الكتاب، بأي نوع من الاعانة,, وان تجد هذه الصفحات قبولاً في القلوب، وان يكون لها أثر في النفوس,, وان يمنَّ على الجميع بالتوبة النصوح، التي ترفع عن المسلمين الغشاوة والذلة,, ثم بعد الدعاء والاستغفار من الخطأ والزلل، والاعتذار من القراء ان كان هناك من إملال او إثقال او إخلال,, يأمل ممن لديه استدراك او ملحوظة ان يتحفه بها، والله المستعان وعليه التكلان,, وختمه كما بدأه بحمد الله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه اجمعين. وجعل له فهارس للموضوعات مفصلة، تقع في سبع صفحات (314320). بعد هذا العرض لموضوع نهج المؤلف وخطته في بحثه، سوف نسير معه خطوات منتقاة لموضوعات من كتابه الذي هو كالحديقة الغنّاء، المليئة بالزهور، يحتار من يدخلها بماذا يقطف، وما يتعلق به نظره من محتوياتها الجذابة,. فالكتاب كلٌ لا يتجزأ، تمتلئ جوانبه بالفوائد الموثقة من كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما قال او فعله سلف هذه الأمة,,مما يبرهن على الجهد الذي بذله المؤلف، وعلى حرصه على توثيق معلوماته التي اورد من مصادرها المتعددة,, وهذا يدل على سعة اطلاعه، وأمانته في النقل,. ففي الفصل الاول من الباب الاول الذي جعله لفضائل التوبة واسرارها قال: للتوبة فضائل جمة واسرار بديعه، وفوائد متعددة، وذكر من ذلك اثنتين وعشرين حالة، هي: التوبة سبب للفلاح، التوبة تكفّر السيئات، التوبة تبدل السيئات حسنات، التوبة سبب للمتاع الحسن، التوبة سبب لنزول الامطار، وزيادة القوة والامداد بالاموال والبنين، ان الله يحب التوبة والتوابين، ان الله يفرح بتوبة التائبين، التوبة توجب للتائب آثاراً عجيبة، من المقامات التي لا تحصل بدون التوبة، حصول الذل والانكسار لله، ان الذنب قد يكون انفع للعبد، اذا اقترن بالتوبة من كثير من الطاعات، ان الله يحب ان يتفضل على عباده، ويتم نعمته عليهم، ان العبد يعرف حاجته الى حفظ الله ومعونته وصيانته، ان يعرف العبد حقيقة نفسه، وانها الظالمة الجهولة،تعريف العبد بكرم الله في قبوله التوبة، ان يعامل العبد بني جنسه بما يحب ان يعامله الله به، إقامة المعاذير للخلق، معرفة نعمة معافاة الله، التحرز والتيقظ من العدو، التوبة سبيل لاغاظة الشيطان ومراغمته، معرفة الشر، حذر الوقوع فيه، ابتلاء العبد بالإعراض عنه. وفي كل واحد من هذه الاثنتين والعشرين، يحرص المؤلف على ان يثبت العنوان، بما يرسخ المعنى ويوثقه سواء من كتاب الله، او سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، او بأقوال ووقائع مأثورة، جاء اغلبها في مدارج السالكين لابن القيم رحمه الله,. فكم من ذنب كان سبباً لاستقامة العبد، وفراره الى الله، وبُعده عن طريق الغي، قال ابن القيم رحمه الله: وهذا معنى قول بعض السلف: قد يعمل العبد الذنب، فيدخل به الجنة، قالوا: وكيف ذلك؟ قال: يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه إن قام، وإن قعد وإن مشى ذكر ذنبه، فيحدث له انكسار وتوبة، واستغفار وندم، فيكون ذلك سبب نجاته. ويعمل الحسنة، فلا تزال نصب عينيه إن قام وإن قعد، وان مشى كلما ذكرها أورثته عجباً وكبراً، ومنّة فتكون سبب هلاكه، فيكون الذنب موجباً لترتب طاعات وحسنات، ومعاملات قلبية، من خوف الله، والحياء منه، والاطراق بين يديه منكساً رأسه خجلاً باكياً نادماً، مستقبلاً ربه,, وكل واحد من هذه الآثار انفع للعبد، من طاعة توجب له صولة وكبراً، وازدراء للناس ورؤيتهم بعين الاحتقار (ص35). وفي الفصل الثاني من الباب الاول : اخطاء في باب التوبة (ص43 80),. وقد اورد المؤلف تحت هذا الفصل: اربعة عشر موضوعاً هي: تأجيل التوبة، الغفلة عن التوبة مما لا يعلمه العبد من ذنوبه، ترك التوبة مخافة الرجوع للذنوب، ترك التوبة خوفاً من لمز الناس، ترك التوبة مخافة سقوط المنزلة، وذهاب الجاه والشهرة، التمادي في الذنوب، اعتماداً على سعة رحمة الله، الاغترار بإمهال الله للمسيئين، اليأس من رحمة الله، اليأس من توبة العصاة، الشماتة بالمبتلين، الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي، وترك الطاعات، توبة الكذابين، قلة العناية بالتائبين، الغفلة توبة الأمة,, وتحت هذا الخطأ الاخير خمسة امور هي مما يجب على الأمة ان تتوب منه: 1 التوبة من الاسراف. 2 التوبة من التبعية الثقافية والفكرية. 3 التوبة الاعلامية. 4 التوبة من التبرج. 5 التوبة من التقصير في الدعوة الى الله. فيجب على المذنب المبادرة على الفور بالتوبة، لأن تأخير التوبة ذنب، يجب ان يستغفر منه,, قال ابن القيم: المبادرة الى التوبة من الذنب فرض على الفور، ولا يجوز تأخيرها، فمتى اخرها عصى بالتأخير فاذا تاب من الذنب، بقي عليه توبة أخرى، وهي توبته من تأخير التوبة,, وقلّ ان تخطر هذه ببال التائب، بل عنده انه اذا تاب من الذنب، لم يبق عليه شيء آخر، وقد بقي عليه التوبة من تأخير التوبة (ص43). فالله سبحانه عند حسن ظن عبده به، وهو جلّ وعلا معه حين يذكر ربه,, فعلى التائب اذا عاد الى الذنب ان يجدد التوبة مرة اخرى، وهكذا ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكيه عن ربه عز وجل قال: أذنب عبدي ذنباً، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى، اذنب عبدي ذنباً فعلم ان له رباً يغفر الذنوب، وتأخر بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفرلي ذنبي فقال تبارك وتعالى: عبدي اذنب ذنباً فعلم ان له رباً يغفر الذنوب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي ربِّ اغفر لي ذنبي, وقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً: فعلم ان له رباً يغفر الذنوب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك رواه مسلم,, قال النووي رحمه الله على قوله عز وجل: للذي تكرر ذنبه: اعمل ما شئت فقد غفرت لك معناه: ما دمت تذنب ثم تتوب غفرت لك (ص4748). وعن ترك التوبة مخافة ذهاب الجاه والشهرة قال المؤلف: وقد يكون للمذنب شهرة ادبية او مكانة اجتماعية، فكلما همَّ بالرجوع عن بعض آرائه المخالفة للشريعة، أقصر ذلك، مخافة ذهاب الجاه والشهرة، وحرصا على ان يبقى احترامه في نفوس اصحابه غير منقوص، ولا ريب ان هذا نقص في شجاعة الانسان ومروءته، بل ان ذلك نقص في عقله وعلمه وامانته. والا فالكريم الشجاع، هو الذي يرجع عن خطئه، ولا يتمادى في غيه وباطله,, وذلك مما يرفعه عند الله، وعند خلقه، فلماذا يستوحش من الرجوع الى الحق؟, فمقتضى الدين والامانة، والمروءة ان يصدع بما استبان له من الحق، والا يمنعه من الجهر بذلك ان ينسب الى سوء النظر فيما رآه سالفاً، فما هو الا بشر، وما كان لبشر ان يبرئ نفسه من الخطأ، ويدّعي انه لم يقل، ولن يقول في حياته الا صواباً (ص49). وعن الاغترار بإمهال الله للمسيئين يقول: وربما رأى العاصي سلامة بدنه، فظن ان لا عقوبة وغفلته عما عوقب به عقوبة,, وقد قال بعض الحكماء: المعصية بعد المعصية عقاب المعصية، والحسنة بعد الحسنة، ثواب الحسنة، وربما كان العقاب العاجل معنوياً، كما قال بعض احبار بني اسرائيل: يا رب كم أعصيك، ولا تعاقبني فقيل له: كم اعاقبك وأنت لا تدري؟ أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي ؟ قال ابن الجوزي رحمه الله: الواجب على العاقل، ان يحذر مغبة المعاصي، فإن نارها تحت الرماد، وربما تأخرت العقوبة، وربما جاءت مستعجلة ثم قال: فالحذر الحذر من عواقب الخطايا والبدار البدار الى محوها بالانابة فان لها تأثيرات قبيحة إن أسرعت، والا اجتمعت وجاءت (54). ولأهمية الاسراف بأنواعه، والتي بدأت مظاهرة يتفاخر بها الناس في بعض المجتمعات فانه قد حرص على التوسع فيه بيّن انواعه والتحذير من نتائجه السيئة (ص63 67). وكذلك عن التبعية الثقافية والفكرية، والتقصير في الدعوة الى الله، وقرن ذلك بالتوبة الاعلامية وتقليد الغرب في إعلامهم، إذ يجب ان يكون للإسلام إعلام منبعث من تعاليم هذا الدين وقيمه والأخلاق التي يدعو إليها، ومنها الحث على عدم التبرج الذي ابتليت به نساء المسلمين في كثير من المجتمعات، مخالفات بذلك امر الله سبحانه بدعوتهن الى ترك تبرج الجاهلية الاولى,, وقد عادت الجاهلية عندما غفلت نساء المسلمين أوامر دينهن وقلدن الغرب والشرق فيما يخالف شرع الله، ويحفظ للمرأة سترها وحياءها، ووقارها وحشمتها التي تتزين بها. من النوادر والحيل: جاء في مجمع الامثال: ان الربيع بن كعب المازني، دفع فرساً كان قد برز على الخيل، كرماً وجودة الى أخيه كميش ليأتي به اهله، وكان كميش مشهوراً بالحمق، وقد كان رجل من بني مالك، يقال له:قراد بن جرم، قدم على اصحاب الفرس ليصيب منهم غرّة فيأخذها، وكان داهية فمكث فيهم مقيماً، لا يعرفون نسبه ولا يظهره هو لهم. فلما نظر الى كميش راكباً الفرس، ركب ناقته، ثم عارضه فقال: يا كميش، هل لك في قطيع لم أر مثله سمناً ولا عِظَماً وعير فيها الذهب، فأما الاتن فتزوح بها الى اهلك، فتملأ قدروهم وتفرح صدورهم، واما العير فلا افتقار بعده. قال كميش: وكيف لنا به؟ قال: أنا لك به وليس يدرك الا على فرسك هذه، ولا يرى الا بليل، ولا يراه غيري. قال كميش: فدونك هو، قال: نعم، وأمسك أنت راحلتي,, فركب قراد الفرس، وقال: انتظرني في هذا المكان إلى هذه الساعة من غدٍ, قال نعم: ,, ومضى قراد، فلما توارى أنشد يقول: ضيعت في العير ضلالاً مهلكاً لتطعم الحي جميعاً عيركا فسوف تأتي بالهوان اهلكا وقبل هذا ما خدعت الانوكا ,, اي الاحمق فلم يزل كميش ينتظره حتى أمسى من غده وجاع، فلما لم ير له أثراً ، انصرف الى اهله، وقال في نفسه: إن سألني أخي عن الفرس؟ قلت: تحوّل ناقة,, فلما رآه الربيع عرف انه خدع عن الفرس، فقال له: أين الفرس؟, قال: تحوّل ناقة,, قال: فما فعل السرج؟ قال: لم اذكر السرج فأطلب له علّة,, فصرعه الربيع ليقتله، فقال له قنفذ بن جعونة: إلهُ عما فاتك, فإن انفك منك، وان كان اجدع,, وقدم قراد بن جرم على اهله بالفرس وقال في ذلك. يؤمّل عيراً من نضارٍ وعسجد فهل كان لي في غير ذلك مطمع وقلت له أمسك قلوصي ولا تَرِم خداعاً له اذ ذو المكايد يخدع (مجمع الامثال 2:226). وفي هذا الباب: ان رجلاً وصف عند الحجاج بالجهل، وكانت له إليه حاجة، فقال في نفسه: لاختبرنّه، ثم قال له حين دخل عليه: أعصاميّ أنت أم عظاميّ؟ فقال الرجل: أنا عصامي وعظامي: فقال: هذا افضل الناس وقضى حاجته وزاده ومكث عنده مدة,, ثم باحثه فوجده أجهل الناس، فقال له: تصدقني وإلا قتلك, قال له: قل ما بدا لك وأصدقك, قال الحجاج: كيف أجبتني بما أجبت، لما سألتك؟: فقال الرجل: والله لم اعلم، أعصامي خير أم عظامي، فخشيت ان أقول أحدهما فأخطئ، فقلت: أقول كليهما، فإن ضرّني أحدهما نفعني الآخر,, فقال الحجاج له عند ذلك: المقادير تصيّر العيي خطيباً وذهبت مثلاً (مجمل الامثال 2:260)