في رمضان يعود العباد إلى ربهم، ويسلمون وجوههم له، ويقلعون عن الآثام، وذلك لسببين: الأول: جود الله تعالى على عباده وصفحه وعفوه عنهم في هذا الشهر الكريم؛ فرمضان فرصة ثمينة يتوب العبد فيها، وليت شعري إن لم يتب في هذا الشهر فمتى يتوب! والله عز وجل يحب طاعة عباده كلهم ويحب التوبة من كل عاص. وليس في الوجود شر إلا الذنوب وموجباتها، فإذا عوفي من الذنوب عوفي من موجباتها، فليس للعبد إذا بُغي عليه وأوذي وتسلط عليه خصومه شيء أنفع له من التوبة النصوح(1). والله عز وجل إذا أراد بعبده خيراً فتح له من أبواب التوبة والندم والانكسار والذل والافتقار والاستعانة به وصدق اللجوء إليه ودوام التضرع والدعاء والتقرب إليه بما أمكن من الحسنات ما تكون تلك السيئة رحمة به حتى يقول عدو الله (إبليس): يا ليتني تركته ولم أوقعه(2). والتوبة هي الرجوع إلى الله، وترك الذنب، والندم على ما فرط، والعزم على ترك المعاودة والقيام بحقوق الشرع، وتدارك ما أمكن. وقد حث الله - تعالى - في كتابه الكريم على التوبة في مواضع كثيرة، يقول الله سبحانه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} 53 سورة الزمر، ويقول عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(8) سورة التحريم، ويقول جل جلاله: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (31) سورة النور، ويقول - سبحانه - عن نبيه آدم -عليه السلام-: {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}(122) سورة طه إلى غير ذلك من الآيات. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أحاديث كثيرة؛ فمن ذلك ما في صحيح مسلم، عن الأغر المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة). وفي صحيح مسلم أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله ليبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها). وفي الحديث المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن مسعود، والنعمان بن بشير، وأبو هريرة، وأنس وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: (لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم كان بفلاة ومعه راحلته عليها زاده وطعامه وشرابه، فنام تحت ظل شجرة، فذهبت هذه الراحلة فطفق يبحث عنها حتى إذا أيس منها رجع إلى تلك الشجرة ونام تحتها ليموت، فلما استيقظ نظر فإذا راحلته عند هذه الشجرة قد أمسكت بها أغصانها وعليها طعامه وشرابه وزاده، فقال هذا الرجل: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح). أنواع التوبة التوبة نوعان: واجبة، ومستحبة: فأما التوبة الواجبة: فهي التوبة من فعل المحرمات وترك الواجبات، وأعظم المحرمات الوقوع في الكفر والشرك والنفاق، وكذلك التوبة من سائر المعاصي: كأكل الربا، وأكل الحرام، وعقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، والغيبة والنميمة، وقول الزور، وسماع الغناء، وغير ذلك من المعاصي. وكذلك التوبة من ترك الواجبات: كترك الصلاة، أو الصيام، أو الحج، أو الزكاة... إلى غير ذلك من الواجبات. أما التوبة المستحبة: فهي التوبة من فعل المكروه أو ترك المستحب، فالإنسان يتوب من ترك الوتر مثلا، أو ترك السنن الرواتب، أو ترك الإكثار من قراءة القرآن، أو ترك قيام الليل، أو غير ذلك من الأعمال والطاعات والصالحات، كما يتوب من فعل الأمور المكروهة التي لا يحبها الله ولا رسوله، ولكن ليست محرمة. ولا غنى للإنسان عن التوبة ، وأنبياء الله ورسله -عليهم الصلاة والسلام- كانوا على رأس التائبين، وكم منهم من كان يقول: {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(23) سورة الأعراف. وكم منهم من يتوب إلى الله عز وجل، وكم منهم من يقول: {قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(16) سورة القصص. وكان من شأنه - عليه الصلاة والسلام - في كثرة الاستغفار أنه يحسب له في المجلس الواحد نحو مائة مرة (أستغفر الله وأتوب إليه) وفي لفظ: سبعين مرة، فإذا كان هذا شأن الرسل والأنبياء فما بالك بنا، ونحن في أوزارنا، وتقصيرنا، وغفلتنا، وقلوبنا قد أصابها من الران، وغطى عليها من الغبار ما لا يدفعه إلا الله عز وجل؟ وهكذا فنحن أحوج إلى أن نتوب إلى الله عز وجل ونستغفره. نماذج من قصص التائبين وموكب التائبين قديم يبدأ بآدم - عليه الصلاة والسلام- أبينا الذي زين له إبليس المعصية، وأقسم له إنه لهما لمن الناصحين، فوقعا في المعصية ثم تاب الله - تعالى - عليهما، ومن حينئذ شرع الله التوبة لعباده إلى أن تطلع الشمس من مغربها. وكذا توبة ماعز الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا رسول الله زنيت فطهرني. فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم لعلك غمزت، لعلك قبلت، لعلك كذا، لعلك كذا -يفتح له أبواب العذر- قال: لا يا رسول الله. قال: أبك جنون؟ قال: لا، وسأل عنه فوجده رجلاً عاقلاً ولم توجد فيه رائحة الخمر، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم به فرجم، وأخبر عليه الصلاة والسلام بصدق توبته، كما في الصحيحين. وأعجب منه الغامدية الجهنية التي جاءت إليه -عليه الصلاة والسلام- تذكر ذنبها. فعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نبي اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهِىَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَى فَقَالَتْ: يَا نبي اللَّهِ أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَليَّ فَدَعَا نبي اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- وَلِيَّهَا فَقَالَ: (أَحْسِنْ إِلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ فائتني بِهَا ). فَفَعَلَ فَأَمَرَ بِهَا نبي اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تُصَلِّى عَلَيْهَا يَا نبي اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ! فَقَالَ: (لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى). ومن أشهر قصص التوبة وأعجبها توبة أبي خيثمة، وأبى لبابة، وكعب بن مالك ثالث الثلاثة الذين خُلِّفوا -رضي الله عنهم وأرضاهم-. وقصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً؛ فعن أَبِي سَعِيدٍ الخدري أَنَّ نبي اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنَ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لاَ. فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلاَ تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلاً بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ. وَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ. فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ في صُورَةِ آدمي فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ. فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأَرْضِ التي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ ). قَالَ قَتَادَةُ فَقَالَ الْحَسَنُ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ (3). ومن عجيب قصص التائبين من بني إسرائيل: ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي والحاكم والبيهقي وابن حبان وغيرهم في قصة الكفل، أن الكفل كان رجلاً من بني إسرائيل، لا يتورع عن معصية، لا تبين له معصية إلا فعلها، كان رجلاً والغاً في الفجور والرذيلة والزنا، وشرب الخمور، وغير ذلك من الفواحش والموبقات، مقيماً عليها، فأعطى امرأة ستين دينارا على أن تخلي بينه وبين نفسها، فلما قعد منها مقعد الرجل من زوجته انتفضت وبكت، فقال لها: ما يبكيك؟ هل أكرهتك؟ قالت: لا، ولكن هذا أمر لم أفعله. قال: فما حملك على ذلك؟ ما حملك على أن ترضي مني بهذا؟ قالت: الحاجة. فقام منها وتركها، وقال: الستون دينارا لك، وقال: والله لا عصيت الله -تعالى- أبداً. فأصبح ميتاً، وغفر الله -تبارك وتعالى- له. شروط التوبة إن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط: أحدها: أن يقلع عن المعصية. والثاني: أن يندم على فعلها. والثالث: أن يعزم أن لا يعود إليها أبداً. فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته. وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه، وإن كان حد قذف ونحوه مكنه منه، أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استحله منها إلا أن بفضي ذلك إلى مفسدة أكبر فيكتفي بالاستغفار للشخص مع التوبة). ويجب أن يتوب من جميع الذنوب فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب وبقي عليه الباقي.(4) بعض العوامل التي تساعد على التوبة أولا: قوة العزيمة، فإن خور العزيمة وضعفها من أسباب الوقوع في المعاصي والآثام، ومن أسباب كون الإنسان يتردد، يتوب اليوم ويعصي غداً، ويتوب غداً ويعصي بعد غد. ثانياً: الدعاء: وسؤال الله التوبة النصوح، وكان من دعاء نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}البقرة: (128). ثالثاً: تغيير البيئة التي تدعوه للمعصية؛ فالمعصية لها أسباب، والطاعة لها أسباب، ومن جالس المصلين صلى، ومن جالس المولين ولى، ومن جالس قوماً كان منهم وحشر معهم؛ ولذلك قال ذلك العالم الإسرائيلي للرجل الذي تاب: لا تعد إلى قريتك فإنها أرض سوء. رابعاً: عدم القنوط واليأس فإن هذا من أعظم مداخل الشيطان على الإنسان، والواقع في المعصية غالباً يداخله شيء من اليأس، واليأس لا يجوز {يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}}(87) سورة يوسف. ويحسن أن يُذكّر العاصي بقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم: (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم)(5) و(كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)(6). خامساً: أن يكثر الصلاة، وقراءة القرآن، والاستغفار، والصيام، والذكر، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم- والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبر الوالدين، والإحسان إلى الناس، وغيرها من الأعمال الصالحة، والله عز وجل يقول: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (114) سورة هود. سادساً: الإخلاص لله فإذا أخلص الإنسان لربه، وصدق في طلب التوبة أعانه الله عليها: { إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} (146) سورة النساء. سابعاً: المجاهدة: قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت:69). قال ابن المبارك رحمه الله: ومن البلايا للبلاء علامة *** ألا يرى لك من هواك نزوع العبد عبد النفس في شهواتها *** والحر يشبع تارة ويجوع ثامناً: قصر الأمل، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله بمنكبي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)، وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك. رواه البخاري. قال ابن عقيل رحمه الله: ما تصفو الأعمال والأحوال إلا بتقصير الآمال، فإن كل من عدّ ساعته التي هو فيها كمرض الموت، حسنت أعماله، فصار عمره كله صافياً. وكان النبي يقول : ( رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم). رواه أحمد والترمذي. تاسعاً : التفكر في أضرار الذنوب والمعاصي. اللهم تقبل منا صومنا وقيامنا إنك أنت السميع العليم، اللهم اغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم اهدنا إلى سواء السبيل، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم احشرنا مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداه مهتدين، اللهم وفقنا لصيام رمضان وقيامه اللهم ارزقنا فيه الخير. ********* ........ الهوامش .......... 1- بدائع الفوائد ج:2 ص:467. 2- الوابل الصيب ج:1 ص:13. 3- البخاري: أحاديث الأنبياء (3470) ومسلم: التوبة (2766) وابن ماجه: الديات (2626) وأحمد (3-20، 3-72). 4- رياض الصالحين (جزء1 - صفحة 17). 5- مسلم: التوبة (2749) وأحمد (2-304، 2-309). 6- الترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (2499) وابن ماجه: الزهد (4251) وأحمد (3-198).