نفس الصورة، ونفس المتحاورين، وتقريباً نفس المتصلين، حتى إننا نعرف ما سيقوله ضيوف البرنامج والمتصلون بالقناة قبل أن يتكلموا به، فقد حفظنا جميع كلماتهم وآرائهم وخلافاتهم وانتقاداتهم ومداخلاتهم، يكفينا أن تقول: إن البرنامج الفلاني أياً كان نوعه، رياضياً أو سياسياً أو دينياً أو اجتماعياً يعرض في القناة الفلانية حتى نخبرك بما يدور فيه ومن هم ضيوفه، ومن سيتصل للمعارضة، ومن سيقول مداخلته لتأييد الضيف مهما تباينت هذه البرامج وقنوات عرضها وطبيعة الموضوعات التي تتناولها، فالوجوه في كل قناة لا تتغير، والفكر مع كل مقدم لبرنامج ثابت أيضاً لا يتغير، والمتصلون هم نفسهم لا يتغيرون وأخالهم متواجدون في إمكانهم فقط ليتصلوا بهذا البرنامج أو ذاك وكأنهم يتلقون أجراً على فعل ذلك. الغريب أنه وعلى الرغم من معرفتنا المسبقة بما يدور في البرامج التي تبثها القنوات الفضائية كلها على وجه العموم والبرامج الحوارية على وجه الخصوص، وطبيعة الأفكار الثابتة والمملة التي لا تتغير، والكلام الذي يتكرر من كل الذين عينوا أنفسهم كمحللين ومثقفين أو أصحاب فكر وعلم وما ينقلونه للعالم من تكرار كلماتنا وضيق المجال الذي تدور فيه أفكارنا، وما يقوله المتصلون والمتداخلون بتعليقاتهم التي نحفظها عن ظهر قلب، نتابع وباهتمام كل القنوات، ولا نريد أن يفوتنا شيء مما يعرض، وهذه حال لا أفهمها ولا أجد لها التفسير المناسب غير أننا نحترف تضييع الوقت وعدم استغلاله، كما ينبغي ، وهذا هو أساس المسألة أننا لا نعرف كيف نتصرف بما أنعم الخالق به علينا من فراغ ووقت وأننا لا نريد أن نتغير، وإن قلنا عكس هذا، نريد أن تبقى الأمور كما هي ليمضي الوقت، ونحن نكرر نفس الكلمات ونشاهد نفس الوجوه ونسمع مداخلات نفس المتصلين الذين لا شغل لهم إلا التواصل مع كل البرامج التي تعرض حتى وإن كان عن طريق الرسائل المكتوبة في شريط أسفل الشاشة. وعلى هذا الأساس لا أدير لماذا يتعب المتحاورون أنفسهم بترديد نفس الأفكار والشعارات التي مللناها ويعاودون شرح نفس الكلام الذي حفظناه من كثر ما سمعناه منهم، بينما في مقدورهم أن يقولوا عندما يسألون الأسئلة المتكررة التي نعرفها مسبقاً أيضاً أن الجواب كما ذكر في مقابلة سابقة، بمعنى آخر (شرحه).. والله المستعان.