يقوم الاستثمار الأجنبي المباشر بدور مهم في عملية النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية في الدول المتقدِّمة والدول النامية، حيث إن زيادة الاستثمارات في أي دولة ينعكس عليها بالمزيد من التنمية والتقدّم، حيث يسهم الاستثمار الأجنبي في نقل التكنولوجيا المتطوِّرة في المجالات الفنية والإدارية التسويقية المختلفة بالإضافة إلى إيجاد فرص عمل جديدة ويسهم في تنمية القدرة التنافسية التصديرية للدول المتلقية للاستثمارات. ولذلك تقوم كافة الدول بالسعي وراء الاستثمارات الأجنبية وذلك من خلال تهيئة البيئة الملائمة للاستثمار عن طريق تقديم الحوافز المشجعة له، حيث يبحث الاستثمار الأجنبي المباشر عن بيئة مستقرة تحقق زيادة رأس المال والنمو وتوجد آثاراً إيجابية وترفع من الكفاءة الإنتاجية. وإذا تحدثنا عن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في دول مجلس التعاون سنجد أن صافي التدفقات الاستثمارية المباشرة الوافدة لدول مجلس التعاون تتسم بالتذبذب ذلك على الرغم من تحسّن مناخ الاستثمار في الدول الخليجية عام 2004 وعام 2005 ويتضح ذلك من اتجاه المؤشر المركب لمناخ الاستثمار في الدول العربية إلى الزيادة خلال الفترة من 2001 - 2004 ، حيث بلغ 0.7 عام 2001 ثم اتجه إلى التزايد عام 2002 ليصل إلى 0.9 حتى بلغ 1.08 عام 2004م. ويعود التحسن في مناخ الاستثمار خلال تلك الفترة إلى الآتي: - ارتفاع أسعار النفط أثناء العامين الماضيين فانعكس ذلك على وضع المالية العامة بالتحسن مما وفَّر القدرة لهذه الدول لتحسين مشروعات البنية التحتية وبرامج الإصلاح الاقتصادي مما وفر سبل تهيئة المناخ المناسب لتدفق الاستثمارات. - التحسن في نسب العجز أو الفائض في موازين المدفوعات للعديد من الدول الخليجية. - تبني دول مجلس التعاون لإستراتيجية جذب الاستثمار الأجنبي المباشر التي قامت على عدة مبادئ تتمثّل في الآتي: 1- تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي وتصحيح الاختلال الهيكلي في الاقتصاد والتحول إلى اقتصاد السوق. 2- تنفيذ برامج الخصخصة خاصة في قطاع الخدمات الحكومية، حيث يعتبر قطاع الخدمات أكثر القطاعات جذباً للاستثمار الأجنبي المباشر. 3- دعم التعاون والتكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون لسهولة تدفق الاستثمار المباشر. 4- تقليل البيروقراطية التي تعد من أهم معوقات الاستثمار الأجنبي المباشر والعمل على وضع قوانين تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر. 5- الترويج للاستثمار المباشر من خلال المشاركة في المؤتمرات والمعارض المحلية والدولية. 6- ضرورة توفير المعلومات والإحصائيات عن الأداء الاقتصادي بالإضافة إلى إعداد خرائط استثمارية توضح أهم الفرص الاستثمارية المتاحة. 7- القيام بالعديد من الإصلاحات الهيكلية المتعلِّقة بالاستثمار الأجنبي المباشر. وعلى الرغم من ذلك إلا أن دول مجلس التعاون يجب أن تقوم بجهود أكبر من أجل زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال تهيئة الأجواء للاستثمار الأجنبي المباشر والعمل على استعادة الأموال العربية المستثمرة في الخارج والتي ذكرت بعض التقديرات إنها أكثر من 1000 مليار دولار. من أجل هذا قامت المملكة العربية السعودية بإنشاء وحدة تحسين بيئة الاستثمار والتي يكون من اختصاصها رصد الأفكار وكل ما هو جديد حول تحسين مناخ الاستثمار في المملكة ومتابعة القرارات والإجراءات والآليات المتصلة بالاستثمار من خلال مواءمة الأنظمة والإجراءات ومتطلبات المناخ الاستثماري الجاذب للاستثمار في ظل عالم متغيّر يشهد منافسة عالمية في تبسيط إجراءات الاستثمار، حيث إن هذه الوحدة تحاول التنسيق مع مختلف الوزارات والجهات المعنية لمواءمة أنظمة الاستثمار مع المتطلبات الحقيقية التي تهيئ مناخاً استثمارياً صحياً وذلك من خلال مرحلتين. - المرحلة الأولى وتتضمن إيجاد حلول عاجلة لتسريع وتقليل الإجراءات المتعلّقة بإنشاء المشاريع الاستثمارية. - المرحلة الثانية وتتعلّق بمواءمة السياسات والأنظمة الاستثمارية مع متطلبات توفير بيئة استثمارية جذابة. كما طالب المستثمرون الأجانب وفقاً لدراسة استبيانية صادرة عن غرفة الرياض حول واقع مناخ الاستثمار الأجنبي في السعودية بما يلي: - تسهيل إصدار الرخص وتطوير آلياتها. - وضع تشريعات التملّك العقاري للأجانب موضع التنفيذ. - إلغاء البيروقراطية. - تعزيز بنود التشريعات المنظمة للاستثمار الأجنبي بمقومات تنافسية أكبر. وبوجه عام أوضحت العديد من الدراسات أن نقص المعلومات عن الاقتصاد الوطني وفرص الاستثمار المتاحة فيها كان عاملاً أساسياً في عدم رغبة العديد من المستثمرين تحويل استثماراتهم إلى السعودية، وبالتالي فإنه لا بد من العمل على تطوير كفاءة المعلومات التي يحتاج إليها المستثمرون. وتشير البيانات إلى أن المملكة العربية السعودية تحتل المرتبة الأولى من حيث جذب الاستثمارات إليها (22% من إجمالي الاستثمارات المتدفقة للمنطقة العربية) والثانية في توجيه استثماراتها إلى الدول العربية الأخرى، وهذا يشير إلى اهتمام ودراية المملكة العربية السعودية بأهمية توافر بيئة استثمارية مناسبة توفر الحماية الكافية لهذه الاستثمارات وتوجهها التوجه المناسب. فالإحصائيات والأرقام تشير إلى أن معدل التدفقات الاستثمارية الأجنبية الوافدة إلى السعودية خلال الفترة من 1999 حتى 2003 بلغت 7 مليارات ريال عام 2000 ثم انخفضت بشكل كبير في عام 2001 لتصل إلى 74 مليون ريال ثم أخذت في الارتفاع مرة أخرى في عام 2002 حيث وصلت إلى 2.3 مليار ريال، وفي عام 2003 انخفضت مرة أخرى لتصل إلى 780 مليون ريال، وبالتالي يتضح من هذا أن التدفقات الاستثمارية الأجنبية فقد تراجعت بمعدلات كبيرة في الفترة من 2000 - 2003 إلا أنها في عام 2004 و2005 تصدّرت قائمة الدول العربية المضيفة للاستثمار الأجنبي المباشر، فخلال عام 2004 بلغت قيمة هذه الاستثمارات نحو 3.8 مليارات دولار، وخلال الربع الأخير من عام 2005، وصل حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية إلى نحو 67 مليار ريال، تمثّّل حصص الشركاء الأجانب فيه 2881 مشروعاً، بلغ إجمالي تمويلها نحو 25.175 مليار ريال. ولا تشمل هذه الاستثمارات التنقيب عن البترول والغاز والمعادن وفروع البنوك والمؤسسات الفردية الخليجية. وقد احتلت الولاياتالمتحدةالأمريكية المرتبة الأولى بين الدول المستثمرة في المملكة من خلال 197 مشروعاً بقيمة 29.7 مليار ريال، يليها اليابان في 29 مشروعاً بقيمة 8.5 مليارات ريال، والإمارات في 71 مشروعاً بقيمة 6.4 مليارات ريال، والكويت في مئة مشروع بقيمة 2.8 مليار ريال، إضافة إلى استثمارات لشركات أمريكية وأوروبية بواقع 8.1 مليارات ريال في 27 مشروعاً. ونتيجة لهذا الارتفاع تأتي أهمية وضع الخطط الاقتصادية المناسبة لجذب الاستثمارات الوافدة سواء عربية أو أجنبية من خلال القضاء على البيروقراطية وإنشاء المدن الصناعية وتوفير قاعدة معلومات ذات شفافية عالية عن الاقتصاد السعودي وفرص الاستثمار المتاحة فيه خاصة في ظل عمل المملكة العربية السعودية بقائدها ومسؤوليها على تحقيق هذا، حيث تمت الموافقة على التوصية التي رفقتها اللجنة الدائمة في المجلس الاقتصادي الأعلى بشأن التقرير الذي أعدته الهيئة العامة للاستثمار الذي اشتمل على 17 اتفاقاً بين الهيئة والجهات الحكومية التي لها علاقة بالاستثمار وذلك للقضاء على المعوقات التي تحد من جذب الاستثمارات على المستويين المحلي والأجنبي. وإن دل ذلك فهو يدل على حرص القائد والمسؤولين على مصلحة بلادهم لأن مزيد من الاستثمارات يعني مزيداً من معدلات النمو الاقتصادي وبالتالي ازدهار الاقتصاد الوطني.