نأسف ونحزن وتدمي القلوب ألماً وحسرة عندما نسمع أو نشاهد ما يتعرض له قلة من أبناء الوطن الذين نشأوا في كنفه وبين أحضانه ممن غرر بهم ودلس عليهم وسلبت منهم عقولهم وإرادتهم ومن ثم الزج بهم إلى المصير المجهول وسط أحداث دامية على مسرح الرافدين أبطالها قوى متآمرة وجماعات متناحرة كلها تستحل القتل والدمار وسفك الدماء فيما بينها, فأصبح بنو جلدتنا أدوات يستخدمها أولئك المتناحرون في تصفية حساباتهم مع بعضهم البعض باسم الدين والجهاد وباتت أجسادهم تستخدم كوسائل ومراكب لتحقيق الأهداف وبلوغ المقاصد والغايات. وكل ذلك يطرح عدة تساؤلات خطيرة مهمة.. من الذي أوصل شبابنا إلى تلك الجماعات ضارباً بعرض الحائط كل نداءات العلماء والدعاة التقاة داخل العراق وخارجة؟ ومن الذي زج بهم وسط تلك المحرقة بعد أن سلب عقولهم وعطل فكرهم وشبه عليهم وبرر لهم؟ وكيف وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها أحد أطراف وجزئيات تلك المعمعة؟ الإجابة عن هذه التساؤلات تمثل أحد أهم أركان وأطراف ذلك الفكر المتلازم الشاذ والمنحرف بل إنه صاحب الدور الأكبر لدعم تلك التوجهات والمساعي المتحطمة.. وهو المغرر والمحرض والمدلس وغيرهم من مزيني الباطل.. هؤلاء الآفات ودور الابتزاز الذي يمارسونه على العقول من أجل التأثير عليها بشتى الطرق والوسائل حتى يتم أسرها وإحكام السيطرة عليها وبالتالي القذف بها متى ما رأت الأهواء الباطلة إلى الهاوية وإلى الجحيم. التغرير والتحريض وسلب الأفكار والعقول والتدليس والتعطيل والتشبيه والتبرير.. كلها مناهج انتهجها أولئك المفسدون ودأب على ممارستها المفلسون.. نصبوا الشباك ووجهوا السهام والنبال بكل دناءة وبؤس ضد العقول البريئة وحديثي السن من الشباب اليافع حسن النية وقليل الخبرة نظرا لسرعة التقبل لديهم وإمكانية التأثير عليهم وبالتالي حكم عاطفتهم وتوظيفها للوصول إلى أسمى أهدافهم ومآربهم وهو وضع ذلك الشاب تحت سيطرتهم ونفوذهم وتجريده من كل حواسه التي يعي ويعقل بها ومن ثم تجنيده لنشر الذعر والدمار بل وحثه وبكل وحشية وتسلط على إزهاق روحه وقتل نفسه مزينين ومبررين ذلك له ومدلسينه عليه. لا بد لنا أن ندرك أن مستوى التفكير والحماس والإندفاع عند الإنسان - والشباب خاصة - يختلف من شخص إلى آخر وأن أمكانية توظيف تلك العوامل لاستدراجهم والتغرير بهم واردة, لذا واجب علينا تحصين شبابنا وصونهم وحفظهم من تلك الهجمة الدنيئة التي تستهدف إهلاكهم وإزهاق أرواحهم والإلقاء بهم إلى التهلكة من أجل تحقيق مصالح ضيقة وأهداف وهمية ما أنزل الله بها من سلطان.. وأن نبادر بذلك قبل ذاك المغرر أو المحرض أو المدلس ومزين الباطل الذي وهب نفسه وكشر عن أنيابه مستهدفاً الشباب (السذج) والذين هم أكثر زبائنهم لأنهم سدوا آذانهم واعرضوا عن علمائهم ودعاتهم وشذوا عن وحدة الصف والجماعة, فيكون الشاب عند بداية التأثير عليه والتغرير به صيداً ثميناً وغالياً لهم ولكن وبعد السيطرة على عقله واغتيال فكره وحكم توجهه يصبح سلعة رخيصة خارج أمره من يده بائعاً لأهله متنكراً لوطنه ومفرطاً في انتمائه وهويته. التائب العائد.. أحمد الشايع.. الذي أعاد الله له رشده وأنار قلبه وحفظه وسلمه لكي يفضح أولئك الضالين بعد ابتزازه والتغرير به من قبلهم ومحاولة قتلة ودق جسده بتفجير ذلك الصهريج.. طلب الحديث إلى الإعلام من حرقة وألم يعتصره ولحرصه الشديد بعد تلك التجربة المؤلمة على عدم تعرض غيره من أبناء وطنه لذلك الابتزاز الذي مورس عليه والتغرير الذي واجهه (يقال ليس العار أن تسقط ولكن العار ألا تستطيع النهوض) وأيضا لكي ينبه كل غافل ومسلوب الإرادة ويحثه على التوبة والندم وعدم القنوط من رحمه الله والعودة قبل التعرض لذلك المصير الأسود الذي واجهه وكاد يقتله ويحرق قلب والديه عليه.. وكم اختطفوا واغتالوا من وردة مثمرة وكم نكدوا واحرقوا من قلب أم حائرة على مصير ابنها المفقود وكم ثكلوا وكم يتموا وكم كدروا وكم فرقوا.. إنهم بحق صانعو المعاناة في البيوت ومنغصو الحياة بين الأسر. لقد كشف الشايع العديد من الجوانب الخطيرة التي لا يمكن التساهل معها كتلاعبهم بأقوال وأحاديث المصطفى الكريم صلوات ربي وسلامه عليه إلى حد الكذب المتعمد عليه وهو القائل بحق ذلك الباغي (فليتبوأ مقعده من النار) عندما يسوغ الأحاديث ويحرف الكلم عن مواضعة ويفتعل المبررات لها بما يخدم توجهه وهدفه للتأثير على ذلك الشاب وفرض أبشع أنواع العزلة الفكرية عليه والحيلولة كالغمامة بينه وبين الموجهين والمقومين من علماء الأمة ودعاتها الثقاة وإيهامه بأنهم أهل الحق المنهج الصحيح وان كل الأمة وعلمائها ودعاتها ومفكريها ومثقفيها على الباطل وعلى المنهج الخطأ وهذا من تزيين الشيطان لهم والعياذ بالله. ومن أهم الحيل وأساليب المكر والخداع التي دأب المغررون والمرحضون على القيام بها ميلهم إلى الضغط العاطفي واللعب على الجانب النفسي واستخدام كل المؤثرات اللأزمة كالأفلام والصور والمنشورات التحريضية لخلق تصور وانطباع هو في الأصل مخالف ومغاير تماما عن الواقع الذي يتحدثون به أو يتكلمون عنه. ومن أجل التشويش على ذلك الشاب وزرع الشك في نفسه وإعادة صياغة عقله وتجهيز جسده لاستخدامه عند الحاجة إليه لا يتوانى اقزام وخفافيش الظلام أولئك عن ممارسة أي عمل من شأنه تزيين الباطل والإصرار عليه حتى ولو كان غير مألوف, وافتعالهم لكل ما يبرر ذلك مثل تزيينهم لقتل النفس وازهاقها لنيل الحور العين وباسم الجهاد والدين الذي بعدوا بعد الأرض عن السماء باجماع علماء وثقاة الأمة.. قال الحسن البصري (مهور الحور العين في الجنة كنس المساجد وعمارتها في الدنيا) وليس التفخيخ والتفجير وتزيين الباطل وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. هؤلاء المفسدون ومرضى القلوب وعميان البصيرة وفاقدو المروءة يعيشون في عزلة تامة من جميع النواحي فكرياً واجتماعياً.. دولياً واقليمياً إلا أنه يستثني من ذلك النواحي الإعلامية والتي تقدمها لهم بعض القنوات المشبوهة في إثارة الفتن والمشاكل والدعوة إليها باسم الحرية والتعبير وباسم الرأي الآخر معظمة من أمرهم ومضخمة لشأنهم وبالتالي الاشتراك معهم ومع كل باغي ومتآمر وخارج عن عاداتنا وقيمنا باستدراج شبابنا وقادة مستقبلنا من أجل تقديمهم قرباناً لإرضاء أسيادهم أو تصفية حساباتهم وبلوغ غاياتهم فحري بشبابنا اليقظة وتفويت كل ذلك على أولئك الشواذ الحاقدين علينا أو المتربصين بنا بالالتفاف حول قادتنا وولاة أمرنا وعلمائنا والحرص الدائم على وحدة الصف والجماعة ونبذ التعصب والتطرف وكل ما يدعو إلى الفرقة والانقسام ومن شذ شذ بالنار. ليت أولئك الضالين وجنودهم وكل من يدعمهم يعون ويدركون أنهم وبكل عمل يقومون به لنشر الفساد والإرهاب إنما يحققون بذلك مآرب وآمال أعدائنا المتشفين بنا والمتربصين بأمتنا فهم المستفيد الأكبر من نتاج هذا الفكر الضال.. استغلوا ذلك ووظفوه بكل طاقاتهم وقدراتهم من أجل تشويه صورة الدين والتضييق على كل إخواننا المسلمين وتقليص نفوذهم وتحجيم دورهم بكل مكان هم فيه في هذا العالم وهذا غير مستغرب ومتوقع ومستمر باستمرار عمل هذا الفكر الشاذ والمنحرف الذي شوه ومزق الصورة الحقيقية والسمحة لهذا الدين الحنيف. ولا نغفل في المقام الأول عن توجيه اللوم إلى السياسات الخاطئة التي تقوم بها بعض القوى العظمى المتآمرة ذات التوجة الاستعماري في إشعال هذا الفتيل الذي باتت تعاني منه المنطقة وكل العالم نتاج ممارستهم وأعمالهم في تأجيج عاطفة الحماس والاندفاع والغيرة لدى ذلك الشاب الضحية فيكون صيداً ثميناً وجسراً سهلا يستخدمه المغرر والمحرض لتمرير أفكاره وبث شره وسمومه عليه لذا واجب على كل شاب المبادرة إلى ضبط ذلك الحماس والارتكان إلى العلماء والدعاة والثقاة لأن الحماس المندفع لا يكفي وحدة وليس ضابطاً لاتخاذ قرار والإقدام عليه. ومن هنا أتت المناداة بالضرورة القصوى لفتح قنوات الحوار والاتصال مع الشباب وحديثي السن ومخاطبتهم وإظهار الاهتمام بهم لما لذلك الأثر الكبير في زرع الثقة في نفوسهم وحثهم وتعويدهم على الكلام وتحفيزهم على البوح عما يدور في خواطرهم وما يكنونه في أذهانهم.. فنحن عندما كانوا أطفالا صغارا نعلمهم النطق ونعلمهم كيف يتكلمون وعندما يكبرون نطالبهم بالسكوت هذا لا يصح وليس من العدل والإنصاف إذا أخذنا الأهم من كل ذلك وهو حفظهم وصونهم وتحصينهم من مخاطر الوقوع في دهاليز وشباك أولئك المغررين أو المحرضين المتعالمين وتقديم الاجابات لهم على أية تساؤلات مبهمة وغير واضحة من الممكن أن يبنيها أحدهم في مخيلته مما يرى ويسمع أو يشاهد. يقال كل شيء يبدأ صغيراً ثم يكبر إلا المصيبة فإنها تبدأ كبيرة ثم تصغر وهذا هو حال أولئك الضالين والخارجين من مفجر ومروع ومخطط ومدبر ومدلس ومغرر ومحرض ومتستر وخائف ومتخاذل.. وكل خارج عن قيمنا وتقاليدنا وثوابتنا ومتربص بنا وبوطننا وشبابنا.. كلهم في طريقهم إلى النهاية والاندثار وسيكتب نهايتهم ووأدهم واقتلاعهم من جذورهم بواسل أمننا الساهرون من أجل راحتنا واستقرارنا والعاملون من أجل سعادتنا وطمأنينتنا.. وشتان بين الفريقين. [email protected]