قرأت في عدد (الجزيرة) 12108 وتاريخ 20 من شوال 1426ه والذي كان بعنوان (ظهرت حروق وآثار خنق وضرب مبرح في جسمها - الكشف عن طفلة في حالة سيئة تعرضت لعنف أسري متكرر من زوجة أبيها في الطائف). نعم فقد أقدمت هذه المرأة على ضرب تلك الطفلة ابنة السبعة أعوام ضرباً مبرحاً ولم تكتف بذلك بل شوهت بعض أجزاء جسمها الغض وأحرقت الغصن الرطيب بل تعدى الأمر إلى وجود آثار خنق في رقبة الطفلة، وتكررت المأساة مرة بعد مرة دون ضمير حي أو أخلاق وانسانية أو رادع من دين فمزقت شعر الطفلة وجلدتها بسلك كهرباء وحبستها في احدى غرف المنزل طوال اليوم دون طعام.. يا إلهي ماذا حدث لنا وأين ضمير تلك المرأة وكيف استطاعت بكل جبروت أن تقتل الانسانية وكيف نُزعت الرحمة من بين أضلعها.. هي بالتأكيد انسانة غير سوية والمرض النفسي يغلف حياتها والعنف يسيطر على سلوكها والمشاكل الحياتية والشخصية تحيط بها من كل جانب.. وإلا دعوني أسألكم جميعاً هل يمكن لإنسان سوي وعاقل وصحيح نفسياً أن يقدم على تلك الفعلة المشينة؟ إذا كانت تلك المرأة مريضة ولديها مشاكل أياً كانت فيجب أن تُعالج وتحل مشاكلها وهذه أمانة نحن مسؤولون عنها جميعاً ويجب أن نفعل ذلك لمصلحتها ومصلحتنا وحماية لأطفالنا وإن كانت المرأة غير ذلك فيجب أن تُعاقب بعقاب يوازي ويماثل جرمها المشهود.. لماذا يا سادة يكون الأطفال هم بوتقات التفريغ لشحناتنا السلبية المكبوتة؟ ولماذا هم الشماعة التي نعلق عليها أخطاءنا وسلوكياتنا المرضية؟ لماذا ايضاً الأطفال هم وسائل الانتقام من الآخر لعدم مقدرتنا عليه؟ وهم وسائل التنفيس لمشاكلنا المكبوتة في صدورنا واحباطاتنا الدائمة وأمراضنا الباطنة؟ هل لأنهم ضعفاء ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم؟ أم لأنهم لا يستطيعون أن يشتكوا؟ أم لأن حقوقهم ضائعة؟ أم لأنهم لا يجدون من يدافع عنهم ويأخذ لهم حقوقهم المشروعة؟ خصوصاً وإننا لا نزال نرزح تحت مبدأ الولد ملك أبيه يفعل به ما يشاء حتى وإن عذبه وقتله وليس لأحد حق التدخل في ذلك، مهما كانت تلك المرأة بفعلتها تلك قضت على أسمى معاني الجمال بل قضت على الجمال نفسه.. وقتلت البراءة في المهد ووأدت الطهارة قبل أن تولد، حطمت قلباً غضاً وصغيراً وكسرت غصن الزيتون ورمت به إلى الحضيض وخنقت حمامة السلام وأراقت دماءها.. وشوهت المستقبل القادم.وربما حرمتنا من طفلة جميلة سيكون لها شأن عظيم. ولكن من يضمن الآن أنه لن تخرج لنا انسانة محطمة ذات شخصية مهزوزة تعاني من القلق والخوف والعزلة والانطواء وربما سارت معها تلك العقد حتى آخر عمرها.. هل لكم أن تتخيلوا يا سادة كيف يقضي الإنسان على أخيه الإنسان دون ذنب جناه؟ وذنب رهف الوحيد أنها كانت ضحية لزوجة أب قاسية ولأب مُهمل غير مبال.. لك الله يا طفلتي رهف ولتعلمي أنك لست الحالة الأولى أو الثانية أو حتى العاشرة ولن تكوني يا رهف الأخيرة طالما أن المتسبب حر طليق يتيه ويتبختر في مشيته دون رادع أو عقاب فمساعي الصلح قد تمت كما قرأت لاحقاً والأب البطل قد تنازل لصالح من جنى عليك وبأبخس الأثمان سيادة ومبلغ من المال.ورهف ذهبت لتعيش مع عمتها وانتهت المأساة كما انتهى غيرها دون أن يسدل الستار عن شيء. عبد الرحمن عقيل حمود المساوي إخصائي اجتماعي الرياض 11768 ص.ب 155546