صدر أمس الاثنين أول حكم قضائي في أول قضية عنف أسري تشهدها المحاكم في السعودية من المحكمة الجزائية في محافظة الطائف، وقضى الحكم الذي أصدره قاضي المحافظة الشيخ عبدالرحمن الفتة بسجن معذبة الطفلة رهف زوجة والدها مدة ثلاثة أشهر وخمسين جلدة موزعة على ثلاث دفعات، وصرف النظر عن الدعوى المرفوعة ضد والدها المتهم بالتقصير والتواطؤ لعدم ثبوت الأدلة ضده. ونطق القاضي عبدالرحمن الفتة حكمه أمس في هذه القضية بعد أن استوفى كامل أوراقها وجمع معظم تفاصيلها من خلال الجلسات الأربع السابقة، في حضور الموكل في الترافع عنها المحامي محمد السالمي، والدفاع عن المتهمة في تعذيب رهف المحامي محمد الحنيني والوكيل الشرعي لوالدها. وقال المحامي محمد السالمي ل"الحياة"بعد صدور الحكم في القضية"إن الحكم الصادر من قاضي المحكمة الجزائية في الطائف أنصف الطفلة رهف من المتهمة بتعذيبها، وأن هذا الحكم في مثل هذه القضية سيكون رادعاً لكل من يعذب أطفاله أو الأطفال الذي أؤتمن عليهم". وأضاف"نريد أن ننعم بأطفال صالحين يعيشون حياتهم بعيداً من العقد النفسية والمآسي الأسرية لا سيما أنهم أمل الحياة"، مقدماًَ شكره إلى كل من تعاطف مع هذه القضية من المواطنين والمقيمين. من جانبه، أكد الدفاع عن المتهمة المحامي محمد الحنيني أن القاضي أصدر حكمه الابتدائي في القضية ضد موكلته في جلسة أمس، مشيراً إلى أنه قدم دليلاً لمصلحة موكلته رفض القاضي إدراجه في محضر الضبط، وحكم من دون الأخذ بهذا الدليل،"ما دفعنا إلى رفض التوقيع على ضبط القضية"على حد قوله. وعن سبب عدم توقيعه الضبط، قال"لأن عدم تحرير الدليل الذي في مصلحة موكلتي يعتبر مخالفاً لأنظمة المرافعات والمحاماة في السعودية". وأضاف الحنيني أنه لا تزال لديه فرص وإجراءات نظامية يستفيد منها في إثبات براءة موكلته. وكانت المرافعات في قضية رهف بدأت في المحكمة الجزائية في محافظة الطائف بعد أن أحيلت إليها من دائرة هيئة التحقيق والإدعاء العام في المحافظة في منتصف شهر ربيع الأول الماضي، ولكن المتهمة غابت عن الجلسة الأولى، ما دفع القاضي الفتة إلى إرسال خطاب إلى مرجعها الوظيفي"إدارة التربية والتعليم للبنات في المحافظة"يوجب إحضارها في الجلسة الثانية. وقبل بدء تلك الجلسة بدقائق وكلت المتهمة المحامي فاروق جعفر للدفاع عنها، الذي حضر الجلستين الثانية والثالثة، ومن ثم حل من بعده زميله في مكتب المحاماة نفسه المحامي محمد الحنيني في الجلستين الأخيرتين. وكانت الطفلة رهف البالغة من العمر ست سنوات، وتدرس في الصف الأول الابتدائي تعرضت إلى تعذيب جسدي"ضرب مبرح وحروق على كفيها ويديها"في شهر شوال الماضي، ولاحظت إحدى معلماتها في المدرسة آثار هذا التعذيب وأبلغت مديرة المدرسة بالأمر، التي أبلغت بدورها إدارة التربية والتعليم للبنات في محافظة الطائف، وجرى استدعاء فريق من الوحدة الصحية المدرسية، أجرى الكشف اللازم على الطفلة، وأوصى بنقلها بواسطة الإسعاف إلى مستشفى الملك فيصل في الطائف. ووجدت قضية رهف تفاعلاً من الأوساط الاجتماعية ومن جمعية حقوق الإنسان في السعودية التي كلفت عدداً من أعضائها بمتابعة مجريات القضية، إضافة إلى تبرع المحامي محمد بن عبدالله السالمي بالترافع عنها ضد والدها وزوجته المتهمة بتعذيبها.