أكدت الدكتورة سمر بدر الدين استشارية ومديرة قسم العدوى بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة ل(الجزيرة) أن الدراسات المخبرية أظهرت أن دواء (Oseltamivir) لديه فعالية ضد إنفلونزا الطيور، ولكن الدراسات على البشر غير متوافرة حتى الآن وذلك في محور إجابتها عن أسئلتنا حول أي الأمراض الأكثر إمكانية في تسبب إصابات مميتة على مستوى العالم في وقتنا الحالي. يجيب العلماء إنها الإنفلونزا، وأن هناك علامات على احتمال تفشيها كوباء عالمي قريبا. في السنوات العادية يهلك بسبب الإنفلونزا 40 ألف أمريكي كل عام وفيما عدا السنوات العادية يتفشى هذا المرض خلال كل قرن بشكل مريع ثلاث أو أربع مرات كوباء جارف. وكان آخر وباء جارف من هذا النوع ما يعرف ب(الإنفلونزا الإسبانية) الذي تفشى ما بين عام 1918م و1919م وقتل 50 مليون شخص واصاب ما بين 20 إلى 40% من سكان الأرض وكان أكثر أوبئة المتفشية التي مرت البشرية وفي بعض معسكرات القتال في الحرب العالمية الأولى أصيب أكثر من 90% من الجنود. أصاب الوباء الوحدات الألمانية عند تهيئها لشن هجوم شامل على فرنسا، ولو لم يحدث ذلك لكانت نتائج الحرب مختلفة. وهذا ما أثار نظريات المؤامرة التي اعتبرت (الإنفلونزا الإسبانية) سلاحا جرثوميا. وباء مقبل لكن الكثير من العلماء والأطباء يقولون إننا على أبواب وباء جديد مماثل ربما خلال هذه السنة. والكثير ينظرون إلى مرض (إنفلونزا الطيور) الذي تفشى في السنوات الأخيرة في الشرق الأقصى بوصفه المصدر المحتمل للوباء فهل يمكن أن يكون هذا النوع من الإنفلونزا الذي ضرب آسيا خلال الأشهر الأخيرة مصدرا لوباء عالمي؟ ووفقا لخبراء مختبر الأمراض المعدية في بثيسيدا في الولاياتالمتحدة الذين يطورون لقاحات مضادة لمرض (سارس) ولوباء الإنفلونزا، فإن فيروس الإنفلونزا يتميز بأساليبه الذكية التي سمحت له بالبقاء على قيد الحياة لفترة طويلة، جدا وقد وصفه أيبوقراط عام 412 ق.م. وشرلمان عام 876 وهناك صنفان من الإنفلونزا: (أ) و(ب) والأول ينقسم إلى أنواع ثانوية تستند إلى نوعين من البروتينيات الأساسية تكون مجودة علىسطح الفيروس: النوع الأول هو (هيما غلوتينين) ولديه 15 نوعا فرعيا والثاني (نيرومينيديز) وله 9 أنواع فرعية. وبعض هذه الأنواع تصيب البشر وبعضها الآخر يصيب الطيور وجميعها تصيب الخنازير. ويتغير مرض الإنفلونزا كل سنة مع تطوير الناس لجهاز المناعة لديهم، الذي يقاوم نوعا محددا منها، إذ تتمكن تلك الأنواع من التغير بشكل درامي من خلال إعادة تنسيق لتركيبها. وهذا يتحقق من خلال امتزاج الفيروسات الخاصة بعدوى البشر، مع الفيروسات الخاصة بالطيور. وهذا ما يجعل البشر عاجزين عن توفير المناعة التي تتمكن من مواجهة هذه الفيروسات الجديدة ولذلك وقع الناس ضحايا لوباء (الإنفلونزا الآسيوية) الذي حدث عام 1957م و(إنفلونزا هونغ كونغ) عام 1968م. ويبرز التهديد الجديد في السنوات الأخيرة مع تفشي إنفلونزا الطيور، إذ وقع الكثير من حالات تفشي هذا الوباء بشكل مفاجئ خلال الأعوام العشرة الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى قتل ملايين من الطيور للسيطرة على تفشي هذا الوباء وفي عام 1997م كسر مرض إنفلونزا الطيور الحاجز البشري وأصاب الناس في هونغ كونغ فمن خلال 18 إصابة مات ستة أفراد. وفي هذه السنة تم تشخيص 28 فردا. ويعتبر الخبراء نسبة الوفاة هذه عالية جدا، إذ إنها تقابل نسبة 70% ويظل الخبراء قلقين بسبب وجود لقاح للفيروسات التي تصيب البشر فقط، ولا توجد لقاحات مضادة لفيروسات جديدة خصوصا وأن الشي المفاجئ في النوع الجديد هو أنه من النوع الخاص بالطيور، الذي سيتكيف لإصابة البشر. وتشرف منظمة الصحة الدولية على جمع معلومات انتشار سلالات الإنفلونزا في كل المراكز القومية تقع في 83 بلدا. احتمال انتقال إنفلونزا الطيور للمملكة أوضحت الدكتورة سمر بدر الدين استشارية أمراض الأمراض المعدية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة أن الطيور المهاجرة تلعب دورا في نقل الفيروس من مكان لآخر وتجعل العدوى بين الطيور عند حصول أي تماس بينها بشكل غير مباشر، وبما أن إمكانية العلاج للطيور غير عملية، فإن أفضل وسيلة لمنع انتشار المرض بين الطيور هو إعدام الطيور المصابة أو التي تعرضت للفيروس. وأشارت إلى أن الإعدام هو نوع من استئصال المرض حيث يصعب التعامل مع الطيور المصابة دون بقية الطيور فيتم إعدام الموجودة وذلك لاستئصال المرض. وهذه الطريقة أفضل اقتصاديا من عمل لقاحات قد تكلف الكثير. إلى ذلك أعلن الاتحاد الأوروبي عن حالة الطوارئ لمواجهة وباء إنفلونزا الطيور الذي يغزو عددا كبيرا من دول الاتحاد. وبدأت هولندا في عزل وحبس جميع الطيور الموجودة في البلاد والبالغ عددها 6 ملايين وذلك تحسبا أن تكون مصابة بفيروس الإنفلونزا. وتعتزم ألمانيا اتخاذ نفس الإجراء بالنسبة لطيورها وتقوم السلطات الفرنسية في مجال الصحة بتحليل ودراسة وضع الطيور الفرنسية من الناحية الصحية، ويشعر المسؤولون في روسيا بقلق كبير حول اكتمال انتقال العدوى إلى بلادهم بسبب وجود الفيروس في كازاخستان المجاورة وقالت وزيرة الزراعة والطبيعة وجودة المواد الغذائية (يس فيرمان) إن قرار العزل يخص الطيور التي تجري تربيتها في الهواء الطلق لمنع احتكاكها بالحيوانات الأخرى. وعن احتمالية انتقال هذا المرض للمملكة والمنطقة العربية أشارت د. سمر بدر الدين، أن هذا الاحتمال وارد عن طريقين عبر استيراد الطيور التي تحمل هذا الفيروس، أو عبر الطيور المهاجرة التي قد تحمله من المناطق التي تم تشخيص المريض فيها. وبالطبع فالأمر أصعب بالنسبة للطيور المهاجرة، حيث إن أفضل وسيلة في هذه الحالة لمنع انتشار المرض هي الحرص على عدم تربية الطيور الداجنة في الهواء الطلق لمنع احتكاكها مع الطيور المهاجرة التي قد تحمل الفيروس. وعن وجود لقاح لهذا الفيروس، كشفت الدكتورة سمر بدر الدين عن الانتهاء حديثا من تصنيع لقاح فعال لهذا الفيروس. وأبانت استشارية الأمراض المعدية بتخصصي جدة، أن مرض إنفلونزا الطيور هو مرض فيروسي يسببه فيروس ينتمي إلى عائلة فيروسات الإنفلونزا. وقالت إن هذا النوع من الفيروسات يعيش عادة في أمعاء الطيور البرية، ولا يسبب أي مرض في هذا النوع من الطيور ولكن عند انتقاله إلى الطيور الداجنة كالبط، والدجاج، يسبب حالات مرضية فيها قد تؤدي إلى الموت. وأكدت استشارية الأمراض المعدية أنه من المعروف أن إنفلونزا الطيور لا تسبب أمراضا لدى البشر، ولكن بدأت حالات إصابة البشرية بالظهور منذ عام 1997م. وتابعت، يلتقط البشر هذا الفيروس عبر تنشقهم الرزاز المحيط بالطيور المصابة، إذ إن ظهور هذه الطيور تفرز الفيروس من لعابها ومن غائطها. كما أنه يمكن للبشر أن يلتقطوا هذا المرض عبر لمس الطيور المصابة ولأن الفيروس يعيش عادة في أمعاء الطيور، فإن أكل الطيور غير المطهية جيدا يمكن أن يشكل إمكانية لانتقال الفيروس. عند إصابة البشر بهذا الفيروس تظهر عليهم خلال أيام عوارض تشبه الزكام، كالحرارة وألم الحنجرة والسعال وأوجاع العضلات بعد ذلك تتطور الحالة ويصاب المريض بالتهاب في الشعب الهوائية الرئوية. هذه الحالة يمكن أن تصبح قوية جدا وتؤدي إلى الوفاة. ومن المعلوم أن دواء الOseltamivir لديه فعالية قوية ضد هذا الفيروس. ونفت الدكتورة سمر بدر الدين، إمكانية انتقال فيروس إنفلونزا الطيور من إنسان لإنسان فهو ينتقل فقط عبر الطيور، ولكن يوجد تخوف في المراجع العملية من أن يغير الفيروس قدراته ويصبح قابلا للانتشار بين البشر.