من المقرر أن يفتح مجلس الشورى (بعد غد الاثنين) ملف الثقافة والإعلام وسط تحديات جمة، تواجه أطرافاً ثلاثة: الإعلام السعودي، ورسائله، وجمهوره، أهمها الأحداث الإرهابية التي يتعرض لها المجتمع السعودي، والمحاولات المبذولة إعلامياً على المستويين: الرسمي والخاص، لكسر شوكة الفكر الإرهابي، وتقليم أظافره، واجتثاثه من جذوره، إذ من المتفق عليه أن الإعلام خط الدفاع الأول، وقوة تستند إلى القدرة على السيطرة على المعلومات، بعد أن غيرت ثورة المعلومات من مفهوم الثروة لدى الأفراد والمؤسسات الإعلامية، مما يستدعي إعادة النظر في الطريقة التي ينظر بها الإعلام، إلى الواقع، ويحلله، ويفسره، كما أن الثقافة السياج الذي يحمي المجتمع من المحاولات الرامية لزعزعة أمنه، واستقراره، الأمر الذي يتطلب تعليم الإعلاميين والإعلاميات السعوديين، أسلوب إدارة المعلومات، وتوصيلها من خلال: التدريب والتعليم في مجال تقنية المعلومات، بما يدعم القدرة التنافسية الإعلامية السعودية، في خضم العالم المعتمد أساساً على المعرفة اعتماداً أساسياً. هذه المحاولات تستدعي من مجلس الشورى، أن يمعن النظر في هيكلية الإعلام السعودي، كرافد من روافد العلم والمعرفة، ولا سيما وأن العالم يشهد ثالثة الثورات الكبرى في تاريخه (عصر المعلومات) التي أخذت تتسارع بحيث لم تعد تترك للمرء فرصة للتأمل، وغيرت من الرؤية العلمية للإعلام، ومفهومه، ومضمونه، ووسائله، ووظائفه. ويستعيد المرء في هذا المجال، مقولة أحد خبراء الإعلام الغربيين: (إن التحولات الأخيرة في تقنية المعلومات والاتصالات، سوف توجد ثورة ضخمة في قطاع الإعلام، بحجم تلك الثورة التي نجمت عن اكتشاف الكهرباء، قبل نحو قرن من الزمان) ولذلك تشهد مبيعات محلات التسوق في الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) زيادة هائلة، متخطية حواجز تجارة المفرق التقليدية في بعض المجتمعات، كتجربة اجتماعية تبعث على الاهتمام تارة، وعلى القلق تارة أخرى، كما ثبت (أن التخلص من الرسائل غير المرغوب فيها، بفائض من الرسائل البديلة أمر ممكن، غير أن منع إرسالها يعد أمرا مستحيلاً). وفي ضوء هذه المتغيرات والتحولات، يتوقع الكثيرون في المجتمع السعودي، أن يجعل مجلس الشورى من المشاركة في صنع قرارات تقنية الاتصالات والمعلومات، أمراً ممكناً مهما كانت باهظة جداً (فالمجتمعات التي لا تملك وسيلة تقنية، تمنع بها أفرادها من الوصول إلى الثقافة العالمية، فإنها تفقد قدرتها على حماية ثقافتها الوطنية). من هنا يتطلع المخلصون إلى مجلس الشورى، ليكون الداعم الحقيقي والفعلي لإعلام سعودي فعال ومؤثر، يعتمد أفراده بصورة متزايدة على آليات الاتصال المباشر، مع الثقافة العالمية عبر الأقمار الصناعية، ولا تتجاهل - في الوقت نفسه - قيم الثقافة العربية والإسلامية التي تؤصل دور ومكانة المجتمع السعودي.