طلَّ علينا محفل العرس السابع لأهل القرآن الكريم تحت الظلال الوارفة، والثمار اليانعة جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات. ولا أدري بمن أبتدئ في التهنئة فهل أبتدئ براعيها وداعمها بماله ووقته صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - على هذا الخير الذي ناله، والشرف الذي ظفر به، فهو يُغبط عليه كما في الصحيحين عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا حسد إلا على اثنتين رجل آتاه الله الكتاب وقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالاً فهو يتصدق به آناء الليل والنهار). وفي البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل). وهنيئاً له الخيرية في تعليم كتاب الله والتشجيع على مُدارسته. كما في البخاري عن عثمان - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال : (خيركم من تعلم القرآن وعلمه). وروي عنه أيضاً : (إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه). وقد ذكر بعض أهل العلم أنَّ باذل ماله لتعليم كتاب الله يصيب فضلاً من ذلك، فليهنأ به. أم أبتدئ بتهنئة المتسابقين والمتسابقات الذين هم صفوة البلاد والمناطق، المتنافسين لحفظ كتاب الله وتفسيره، المشاركين في هذا المحفل المبارك، يبتغون الأجر من الله والرفعة في الدارين كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (30) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}(30) فاطر. قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - في تفسيره (1-689) {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ}سورة فاطر. أي يتبعونه في أوامره فيمتثلونها، وفي نواهيه فيتركونها وفي أخباره فيصدقونها ويعتقدونها ولا يقدمون عليه ما خالفه من الأقوال ويتلون أيضاً ألفاظه بدراسته ومعانيه بتتبعها واستخراجها. {يَرْجُونَ} بذلك {تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} أي لن تكسد وتفسد بل تجارة هي أجل التجارات وأعلاها وأفضلها وهي رضا ربهم والفوز بجزيل ثوابه والنجاة من سخطه وعقابه وهذا فيه الإخلاص بأعمالهم وهم لا يرجون بها من المقاصد السيئة والنيات الفاسدة شيئاً وذكر أنهم حصل لهم ما رجوه فقال: {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ} أي أجور أعمالهم وعلى حسب قلتها وكثرتها وحسنها وعدمه، {وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ} زيادة عن أجورهم {إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} غفر لهم السيئات وقبل منهم القليل من الحسنات) أ.ه. أم أهنئ وزارة الشؤون الإسلامية ووزيرها والعاملين معه لنيلهم شرف التنظيم والإعداد كما نالت من قبل إشرافها على الجمعيات الخيرية التي عمت السهل والجبل، والبدو والحضر، وأعظم من ذلك كله إشرافها على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، فبورك فيهم وفي جهودهم أم أبتدئ هذا الوطن فأهنئه بأبنائه وبناته وقلادة صدره، وشامة جبينه، ووجهه المشرق، وحصن من حصونه العظيمة أهل القرآن العالمين به، العاملين بأوامره، المنتهين عن زواجره، فلا تزيغ بهم الأهواء، ولا تضرهم الفتن. يهتدون بهدايته لكل خير كما قال ربهم - تبارك وتعالى. {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (9)سورة الإسراء. وكما قال نبيهم صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم من حديث جابر - رضي الله عنه - (وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده ان اعتصمتم به كتاب الله....) وعند الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض). بل أهنئ الجميع فالكلُّ قد فاز، والخير قد عمَّ. (*) المحاضر بجامعة الإمام - قسم القرآن وعلومه وإمام وخطيب جامع الشيخ ابن عثيمين - بحي الواحة بالرياض