تصدر إشارات متناقضة من الولاياتالمتحدة تجاه الحكومة السودانية فيما يتصل بمعالجتها للوضع المتأزم في اقليم دارفور الغربي ، ففي حين حثت إدارة جورج بوش الأممالمتحدة على فرض عقوبات على السودان فقد أعرب القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم عن ارتياحه لجهود حكومتها تجاه المتضررين في الاقليم، غير ان جهات غربية أخرى واصلت انتقاد الحكومة السودانية التي تبدأ اليوم الخميس محادثات للسلام مع المتمردين في الاقليم بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا. فقد عبر السيد قالوشي القائم بالاعمال الامريكي بالسودان عن ارتياحه لما تبذله الحكومة من تأمين للعمل الاغاثي وتوصيل العون والدعم للمضررين في دارفور وذلك لدى لقائه الثلاثاء قطبي المهدي المستشار السياسي للرئيس السوداني، حيث بحثا كيفية تحسين الأوضاع الإنسانية في دارفور وعودة اللاجئين والنازحين الي قراهم ورؤية الجانب الامريكي لما تقوم به الخرطوم لاحتواء الاوضاع الانسانية في الاقليم. غير ان هذا الارتياح الذي عبر عنه المسؤول الامريكي لا يعبر عن كل جهات القرار السياسي الامريكي، فهناك في واشنطن من يحث على معاقبة السودان بدعوى التقاعس عن لجم جماح بعض المليشيات المتهمة بارتكاب فظائع. وفيما يتصل بمحادثات السلام قال وزير الخارجية السوداني مصطفي عثمان إسماعيل في تصريحات الثلاثاء أن مباحثات أديس أبابا تنعقد بإشراف وترتيب الاتحاد الأفريقي كما أن الوسيط الوحيد والمعتمد حتى الآن هو الرئيس التشادي إدريس دبي. وأكد الوزير السوداني، من جانب آخر، ان التسرع في فرض عقوبات على السودان سيؤدي الى تعقيد قضية دارفور والعلاقة بين السودان والأممالمتحدة والدول التي ستشارك في تطبيق هذه العلاقات، وأوضح إسماعيل في اتصاله الهاتفي مع وزير الخارجية البريطاني جاك استرو أهمية اتاحة الفرصة للسودان في ان يعمل بهدوء لمعالجة قضية دارفور. وفي مقابل ذلك قدم اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قرار إلى المجلس يدين الوضع في دارفور ويصفه بأنه (ابادة) تتطلب خطوات فورية من المجموعة الدولية. وقال السيناتور الجمهوري سام براونباك في مؤتمر صحافي ان ما أسماه الأعمال الوحشية التي يستمر حصولها في دارفور غير مقبولة وهذا هو السبب الذي يجب ان يدفع الكونغرس الى اتخاذ تدابير فورية وحاسمة، ويعتبر مشروع القرار رمزياً إلى حد كبير. وقال هذا السيناتور الذي زار مع عدد من زملائه السودان ان هذا القرار يزيد من الضغوط السياسية على الجميع، وأكد ان النص المقترح يطلب من الاممالمتحدة اتخاذ التدابير الحاسمة والضرورية. وفي ذات السياق قالت وزيرة الدولة بوزارة الخارجية الالمانية كرستين مولر يوم الثلاثاء في أعقاب زيارة لاحد مخيمات النازحين من إقليم دارفور السوداني إن السودان لا يفي بتعهداته بنزع أسلحة الميليشيات التي تروع المدنيين في الاقليم. وأضافت قائلة لوكالة الأنباء الألمانية بعد زيارتها لمخيم كالما الذي يعيش فيه 50 ألف نازح بدون أي رعاية طبية (الواضح أن القتال مستمر) مشيرة إلى أن تدفق النازحين ما زال مستمراً. كما ذكرت مولر أن الموقف تحسن فيما يتعلق بإتاحة الفرصة لدخول المعونات الانسانية إلى دارفور لكن الوضع الأمني يبقى المشكلة الرئيسية في الاقليم. وقالت الوزيرة (النازحون خائفون) في إشارة واضحة إلى عدم التزام الحكومة السودانية بالاتفاق الذي أبرمته مع الاممالمتحدة على نزع أسلحة الميليشيات المعروفة باسم جنجويد.واضطر أكثر من مليون من سكان دارفور إلى ترك ديارهم في غرب السودان في الشهور الماضية في أعقاب حركة تمرد في الاقليم تساهم في اخمادها ميليشيا جنجويد. وتزور مولر السودان بصحبة وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر بهدف الضغط على الحكومة السودانية للالتزام بتعهداتها بإنهاء الصراع في إقليم دارفور.